(« أسْرع . أعْلى . أقْوى» )
• اشارة ثانية من كتاب لوسيان سيفان: «الرياضة مرآة للمجتمع..»؟
« L’ OLYMPISME EST UNE PHILOSOPHIE DE VIE ... »
(1)
لأنّهُ كائن وعيٍ بالمَوْتِ هو الإنسان كائن مَلُولٌ... وضَجُورٌ ومُسْتفِـزٌ ومُسْتَفَــزٌ ونَفُورٌ اخْترع الإنْسان ضِمْن ما اُخترع «الصّلاة» و«الخَمر» و«التبْغ» و«بيْت الإستحمام»... و«المِقْصَلة» و«الحُب» و«الفنّ» و«الحَرْب» و«اللّعِب» كَما لُعبة «كرة القدم» وخَصّها كما سائر «ألعابه» الأُخْرى «بآلهة» «خاصّة أسْماها « آلهة كُرة القدم» التي يَعيش على وقْع ايقاعها أكثر الشّعوب والأُمَمِ ...في الآن الحَضاري ويكفي فقط تصفّح ما عليه نفوس عُموم التونسيين والتونسيات من جميع الشرائح والطبقات الإجتماعية وهم يتسقّطون أخْبار «نسور قرطاج» كمَا هيّ حالي أنا الآن... يتسقّطون أخبار «الفريق الوطني لكرة القدم» بعد أن خذلهم «الفريق الوطني لكرة اليد» آخر لخظة كأنهم جميعهم من مواليد «برج الحوت» مثلي كما تقول «علوم النجوم» لا يحسنون المضي الى الخاتمة الآمنة. نعم يتسقطون بأمل مَمزوج بخَوْفٍ لا يخفى شديد من احتمال أن يستحيل «النّسر» المحلوم بطيرانه عاليا في سماء افريقيا إلى مجرد «بُغاث» هشٍّ العَظم و الأجْنِحَةِ... فيقَع سريعا فريسةً سَهلة لِكَواسِر الطيّر فيزاد البَرد بَردا وتَرتبك الفُصول أكثر وأكثر لدى نفوس مُعْظم الحَالمات والحَالمين من التونسيات والتونسيين «بنصر» من شأنه أن يُعيد بعض «التماسك» و«الصّلابة»
و«الثقة» في «الهوية الجامعة للجماعة التي فقدت «متانتها» لإعتبارات متعددة.
لقد كنتُ كتبتُ شخصيا إلى جهة رسمية رسالة ذات مناسبة رياضية عالمية «أعلمكم أني لم أعد وطنيا إلاّ مع الفريق الوطني لكرة القدم دائما والرأس أحيانا ...».
(2)
كان عالم الأنتروبولوجيا «رالف لنتون» قد نبّهنا بحسّه الرّهيف في كتابه «دراسة الإنسان» إلى واقعة أساسية مُلازمة للذّات البشريّة وتَكُون الغَفْلة عنْ دَراستها بِمثابة «العَائق الإبستيمولوجي» - المَعْرفي إذا أردنا أن نَفْهم الهوية المُعَقّدَة والمُركّبة لحقيقةِ حقيقة الإنسان في حله وتِرْحَاله الثّقافي وفي تنّوع مؤسساته ومُمارسات نَشاطاته «الإبداعية» خَيْرها وشرّها اذ يُمْكن للحُرب والتي هي « امتحان للقوّة ... بين طَرفين أو أكثر ..» يُمْكن لها أن تُخَاضَ مثلا لأسْباب لا عَلاقَة لها بالمَرْدودية الإقتصادية والنفعية وإنما لدواعي اُعْتباريّة كما اثْبَات الذات أمام الآخَر أو بحثا عن « الإشباع العاطفي» حين القيام بطقوس انتصارته على عدوه الحَرْبي أو خَصْمِه الكُروي. ما هي هذه «الواقعة» ؟ إنّها «قابليةُ الإنْسان إلى المَلَلِ والضّجَر».
(3)
المُلاحظة الأكيدة أن «الإنْسان التونسي» كائن «قلق» - Homo Tunisianicus عموما لايتحمّل الهزيمَة والهزيمة الإعتبارية الرّمزية بالخصوص.. حتّى إن قبل الهزيمة لنفسه... «لذاته الخاصة» أو لفريقه الكُروي فهو لا يتحمّلها بسهولة للذات الجَامعة للجمَاعة أقْصدُ هنا «الفريق الوطني». هذه الملاحظة حيّرتي طويلا ولم أجد لها «تفسيرا» أو «تأويلا» مُطابقا... فكأنما «حبّ الفريق الوطني لكرة القدم مثلا هو آخر القِلاع التي تَمتحن على أسوارها الذات مدي صلابة أو هَشَاشة اُنتسابها للأَرْضِ... للتّاريخ ... للشّعب ولعموم الوطن . آه كم يلزمنا من درس أولمبي للتدرب على جمالية تحمل «النتائج» بجمالية لا تخلو من شعرية عالية سواء اعتبرنا «كرة القدم أفيونا للشعوب» أو هي «سنفونيات الشعوب»...
تذكرّت ورقة رائعة هي بمثابة «المُعلّقة» كان قد كتبها محمود درويش ذات سنة حول «شعرية» اللاعب مرادونا «الكروية». وتذكرتُ كذلك وأيضا طالبا في الفلسفة قدّم لي قولة لأوسكار وايلد حول كرة القدم وطلب مني أن أعلّق عليها فكانت مناسبة لنكون أصدقاء تقول القولة:
«كرة القدم قد تناسب النساء الخَشنات، لكنها ليسَت للرّجال النّاعمين».
(4)
نعم اُلْرِّياضَة مِرآة اُلـمُجْتَـمَعَات و«المعْبودُ الكُروي» اُمْتِحانِ صَلاَبَةِ الهُويات، نعَمْ... يُعاودني بين الحين والآخَر كما حين هذا الحينِ احْساس غريبٌ بأني لم أعُد وطنيا إلاّ مع الفريق الوطني لكرة القدم دائما والرأس أحيانا «منتصرا» أو «مُنكسرا»...