ثاني أيام تظاهرة 24 ساعة مسرح: ندوة المسرح و المدرسة: المؤسسة التربوية التونسية تغيّب 80 ٪ من ذكاء الطفل وقدراته

«أعطني مسرحا، أعطيك شعبا عظيما» هكذا قال شكسبير، فاين المسرح في مؤسساتنا التربوية، ما وظيفة المسرح و ما الذي يقدمه للطفل؟ ؟ ما تأثير المسرح واللعب الدرامي على شخصية الطفل؟ وما هي المقاييس التي تعتمدها البرامج المدرسية في تقديمها للمواد الاساسية؟

ولم تعتمد مؤسساتنا التربوية على 20 بالمائة من نظرية التواصل و تتناسى ال 80 بالمائة الاخرى التي يوفرها المسرح؟
أسئلة طرحت في اولى ندوات تظاهرة 24 ساعة مسرح في الكاف، ندوة بعنوان المسرح و المدرسة شارك في تأثيثها مجموعة من المختصين في مسرح الطفل وعبد الجليل محفوظ و عادل حمدي ومحمد صالح عروس ورؤوف الهداوي من تونس ومحسن عزب من مصر بحضور كناني الخضراوي متفقد التعليم الابتدائي بوزارة التربية.

المؤسسة التربوية تغيب الطفل في برامجها
الطفل مغيب في المؤسسة التربوية وتحديدا على مستوى الذكاء ففي علم النفس العرفاني يقسم ذكاء الطفل الى ثمانية ابعاد ومنها الذكاء المكاني والرياضي والايكولوجي والاجتماعي والجسدي و الحركي و الشخصي و الايقاعي، ولكن المؤسسة التربوية التونسية تتعامل مع ثلاثة أبعاد فقط و هي الذكاء الرياضي «الرياضيات» والايكولوجي «العلوم الطبيعية والفيزياء» والذكاء اللفظي «اللغات» من خلال الضوارب المرتفعة لهذه المواد بينما المواد الاخرى تعتبر هامشية و ضاربها ضعيف والمسرح من المواد التي تعتبرها المؤسسة التربوية التونسية ثانوية رغم انه يتعامل مع العديد من محامل الذكاء ومنها الجسدي والحسي والحركي واللفظي و الاجتماعي ، كما انه يساهم في تنشيط ذاكرة الطفل فما يحفظه الطفل على الركح صغيرا يظل راسخا ويتعلم ايضا النطق السليم و غيرها من الأدوات التربوية ولكنه يظل مغيبا، هكذا تحدث الاستاذ عادل حمدي على أهمية المسرح في التربية و غيابه في المؤسسة التربوية.

غياب اهتمام المؤسسة التربوية بمكانة المادة المسرحية في برامجها التعليمية مشكل له صداه في الدول العربية ومصر احداها و تحدث المخرج كمال عزب (مصر) عن تجربته الذاتية مع مسرح الطفل فأشار إلى صعوبة التواصل بين المؤسسة التربوية ووزارة الثقافة وصعوبة إدخال مادة فنية في البرنامج المدرسي، فلم لا يدرسون التربية المسرحية كما يدرسون التربية الدينية و الاجتماعية؟ أليست وظيفة المسرح افضل على نفسية الطفل؟، و كيف تحدد البرامج المدرسية؟ سؤال اجاب عنه الاستاذ رؤوف الهداوي حين تحدث عن العلاقة العمودية بين الملقن و الطفل المتلقي و العلاقة العمودية بين واضع البرنامج و المعلم أو الأستاذ، برامج مسقطة ترهق الأستاذ و المعلم لا واضعها «كفاكم فوقية في وضع برامج التربية المسرحية، تعليم الطفل ينطلق من القاعدة، الاستاذ يعاني لا الوزير» كما قال محمد صالح عروس.

اللعب الدرامي يمنع الفشل المدرسي
المسرح والفشل كلمتان متناقضتان فاللعب الدرامي والتربية المسرحية لا يعترفان بكلمة فشل بل ان ممارسة الطفل للمسرح تحميه من خطر الفشل، لان المسرح من الفنون التي تنمي كفايات التواصل و تساعد الطفل على اخذ الكلمة والمبادرة والتفكير وتقوية ثقته بنفسه.
لأنه إذا لمس التلميذ أن له دورا يؤديه داخل القسم تولدت لديه الثقة في النفس وتعززت ثقته في الآخرين، بذلك يستشعر كل تلميذ في القسم المسؤولية وينصرف بكل اهتمامه إلى الدرس يسهم في إنجازه، ويكون من المتميزين و لا يهاب الحياة ولا الامتحان.

الفن امامكم و التطرف وراءكم فاختاروا
.»الفنون جبهة معارضة غير معلنة» بهذه الجملة انطلقت مداخلة الاستاذ محمد صالح عروس في حديثه عن اهمية الفنون و خاصة المسرح في مواجهة خطر التطرف والدمغجة، المسرح كما انف الذكر يعلم الطفل ابجديات التحليل و يحميه من خطر الدمغجة ولاستاذ المسرح في المدارس اهميته فهو عادة مكمن أسرار التلاميذ و مصدر ثقتهم نظرا للطريقة الخاصة التي يتعامل بها المسرحي مع تلاميذه و اطفاله، وأستاذة المسرح في المدرسة الاعادية العلا المدينة التي تعيش اكبر نسب الانتحار انموذجا

طيلة ساعة ونيف أكد الأساتذة المحاضرون و الطلبة المتدخلون على أهمية الفنون في معالجة العديد من الظواهر السلبية التي تمس من ثقة الطفل و تدفعه اما للانحراف او التطرف و أكدوا على أهمية المسرح في توفير حصانة معنوية للصغير، و أشار محمد صالح عروس ان توفر الإرادة السياسية بعيد الاستقلال والخطاب المنهجي للحبيب بورقيبة سمح للمسرح أن يكون في تونس و من 1963 بدأت الحركة المسرحية تتشكل وظهرت أسماء فاعلة منها حسن الزمرلي وعثمان الكعاك والعربي الكبادي فعز الدين قنون ونور الدين العاتي و الفاضل الجعايبي أسماء كل منها ترك بصمته في المسرح التونسي و جميعهم ساهموا في تكوين أساتذة المسرح المباشرين للمهنة اليوم، و لكن لم لا يوجد حضور كبير لمادة التربية المسرحية في مدارسنا؟ لم يتخرج المئات سنويا ثم يجدون أنفسهم إما في البطالة أو يعملون؟ منشطين بـ«مائة دينار»، «المتخرجون بالبالة فلم لا يعملون أين الارادة السياسية لتكوين طفل سليم الشخصية؟» على حد تعبير محمد صالح عروس الذي أشار إلى مشروع الدولة وتسميتها لأستاذ المسرح من عون ثقافي الى منشط فوجه ثم أستاذ تربية مسرحية، أسماء تثير التساؤل؟، وفي السياق ذاته عاد الأستاذ عادل حمدي بالحضور إلى الاسم الأول لوزارة الثقافة «وزارة الثقافة والفنون المستظرفة؟» مؤكدا ان منذ البداية كان المسرح و بقية الفنون في خانة ثانوية لسياسة الدولة التربوية؟

في الأسئلة عن أهمية المسرح وضرورته الملحة كمادة تربوية تثقيفية جد هامة عند الطفل والسؤال عن مدى توفر الارادة السياسية بهذا الخصوص اجاب ممثل وزارة التربية «الفصل 42 من الدستور التونسي يضمن الحق في الثقافة» و أضاف ان هناك اتفاقية شراكة بين وزارة التربية ووزارة الثقافة وزارة التعليم العالي أمضيت في 21 فيفري 2016 ستكون لفائدة التلميذ و يتمتع اكثر بالمواد الفنية، فاين بقيت الاتفاقيات؟ ولماذا لم تفعل وبقيت في أرشيف الوزارتين؟

محمد صالح عروس استاذ بالمعهد العالي للموسيقى و المسرح بالكاف:
هناك نواة مسرحية صلبة لن تفتت بسهولة
في تصريح لـ«المغرب» قال الاستاذ محمد صالح عروس «انّ التاريخ سمح بظهور نواة صلبة للممارسة المسرحية قبل الاستقالال وبعده خاصة الخطاب المنهجي للحبيب بورقيبة في نوفمبر 1963 ، النواة الصلبة تمثلت اساسا في تخرج عدد كبير من المسرحيين و اساتذة المسرح خاصة بعد تشييد المعهد العالي للفن المسرحي، اساتذة تمكنوا من تكويين عدد كبير من الفاعلين المسرحيين والمؤمنين بقدرة الفن على التغيير».
وأضاف محدثنا «في الكاف نحاول البحث عن نواة صلبة اخرى هي التربية المسرحية لتكوين جيل جديد من الاساتذة المتميزين القادرين على الأخذ بزمام المبادرة».

وأشار إلى أنه لا يمكن الحديث عن المسرح المدرسي خارج اطار المسرح الموجه للطفل الذي نحتفل به في كل العطل لدرجة تحقيق التخمة المسرحية وعسى أن توزع العروض طيلة العام، للمسرح المدرسي أهميته لأنه قادر على تكوين نواة صلبة في المدرسة وتكوين جمهور الغد وبإمكانه التواصل فكريا و حسيا مع الطفل خاصة أمام ظهور العديد من البرامج التلفزية التي تؤثر سلبا على إبداع الطفل وملكاته، ففي مسرح الطفل هناك تجارب مهمة وفنانين أبدعوا في العمل للطفل وأصبح هناك مشروع فني إبداعي جمالي حسي يشجع الطفل على التعامل مع الجمالية و يبتعد عن التلفزة وبرامجها.

وأضاف ان النقاش بعد العروض يزيد من ثقة الطفل بنفسه ويمكنه من اليات التحليل و دعوة لبداية عمل آخر جديد ومتجدد وشخصيا في عمل «يحيا العمل» المسرحية نتيجة لنقاش بين طفلين هل جريح الثورة نمده براتب ويبقى في منزله أم يعمل، حين سالني الصغار شعرت بالحرج ثم انطلقت من نموذج الصرار والنملة وقدمنا المسرحية، والعمل الثاني «تراب الغاب» انطلق من سؤال طفل عن الثورة، هل الثورة اقتصرت على شعار «خبز وماء» و اسئلة كيف أثرت الثورة على الطفل؟ وكيف تعامل معها الطفل؟ اسئلة طرحها الاطفال وانطلقنا منها لنقدم صورة اوضح عن الثورة ومحاولة للتعامل مع غد أفضل أساسه الحرية ، وفي النهاية مسرح الطفل يجعلنا نتعامل بثقة مع الصغير.

ثاني سهرات الـ 24 ساعة مسرح
هند تكرم صليحة وتمتع جمهور الكاف
« تونس اليوم برات من التنهيدة، شعشع علمها فوق قصر سعيدة، رغم جراحها ، بعد النكد و الهم جات افراحها»، هكذا هي تونس عصية عن الالم، متمنعة على الحزن عاشقة للحياة و الانطلاق نحو الأمل والافضل.
جميل ان يكرم الفنان في بلده، والأجمل حين يكرمه صوت شاب مؤمن بالأغنية التونسية و ضرورة إيصالها لكل العالم، ساحرة كلمات الأغنية التونسية، رقيقة كلمات أغاني صليحة و ساحر صوتها، من «يا خيل سالم» إلى يازين الصحراء وبهجتها « تختلف الحكاية ويتباين اللحن ولكنها تشترك في المتعة والجمال.

في القاعة الكبرى لمركز الفنون الركحية والدرامية بالكاف و أمام جمهور كافي تونسي ومصري وعراقي غنت هند النصراوي للفنانة صليحة، ساعة من المتعة قدمت فيها باقة من الأغاني الطربية أولا ثم كرمت صليحة ابنة دشرة نبر، لتونس غنت هند النصراوي، للجمهور العربي المجود تحدثت باللهجة التونسية وغنت أغاني الفنانة صليحة .
اختلفت الآلات على الركح، من رقة الكان إلى حنين العود فقوة الطار و الآلات الإيقاعية، تمازجت الألحان والنغمات تحت وقع زخات المطر وبرودة طقس مدينة الكاف غنت هند النصراوي.

البداية كانت مع الطربيات و اغاني ام كلثوم من «يا مسهرني» الى «هجر الحبيب» ثم «اكذب عليك» لوردة الجزائرية، فيازين الصحراء ومجموعة من اغاني الراحلة صليحة، و لابناء الكاف غنت بعض اغاني التراث الكافي «فرخ الحمام» و «ريم الفيالة» اغاني تفاعل معها الجمهور استمتع وتنفس موسيقى جميلة وكلمة عذبة.

ساعة من المتعة تكشف عن تعطش التونسي الى الاغنية التونسية كلة ولحنا، هند النصراوي شدت انتباه جمهور الكاف و الجمهور من جنسيات أخرى ، لحظات من النشوة مع الموسيقى التونسية، فالاغنية التونسية لها مكانتها ولها حضورها وخصوصياتها اغنية تستحق مزيد الدعم للفنان التونسي ليبدع ويقدم الافضل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115