يوم 26 نوفمبر الجاري بجسر شارع الجمهورية بقلب العاصمة تونس وعلى امتداد ما يقارب 1000 متر حيث يلاصق الجسر الشارع الطويل المحاذي لمدينة الثقافة. إذ انتصب هناك وعلى طول المسافة المذكورة أكبر مشغل للفنون التشكيلية في مشروع إبداعي حالم ورؤية تنشيطية ثريّة بالأهداف الثقافية والفنيّة النبيلة لتكون هذه الفنون جسرا من جسور الأحلام خصوصا وأن فكرة البرنامج .وكما أفادنا محمد الهادي الجويني المندوب الجهوي للشؤون الثقافية بولاية تونس»فكرة أنيقة في شكلها عميقة في مغازيها وأبعادها الجمالية حيث لا تكتفي بمجرد تغطية مساحات رمادية على واجهات عشرات الأعمدة التي يستلقي فوقها جسر شارع الجمهورية والتي تناهز 130 عمودا بل تقوم الفكرة على تجميع عشرات الفنانين التشكيليين والرسامين بأذواق مختلفة ورؤى جمالية متباينة وبخلفيات فكرية شتّى في مرسم مفتوح يعدُّ من أكبر الرهانات على الخيال الخلاّق لدى شباب تونس وعقولها المبدعة وأناملها الحاذقة وذلك من منطلق قناعتنا أن ما يعطيه الفنّان للوحة التشكيلية من وهج روحه ومكنونات إحساسه هو نتاج حضاري لا تنساه الأيام ولا الأجيال بل يحتفر له مكانا في ذاكرة الشعوب وتاريخها».
وتتميّز هذه التظاهرة بالجمع بين الهواة من طلبة الفنون التشكيلية والفنانين المحترفين في تلاقح بين تجارب تخرج من خلالها ريشة الفنان التشكيلي إلى الفضاء الطلق في شارع للفنّ وهو شارع الجمهورية الذي أضحى من خلال هذه التظاهرة رواقا فنيّا استثنائيا وعلى مساحات شاسعة تنوّعت فيه الأشكال وتناغمت عبره الألوان وتعانقت فيه الأحلام ليتخلّى بذلك هذا الجسر عن جبّته الإسفلتية الرّمادية ولترتدي عرصاته حُللَ الألوان الزاهية في حراك تشكيلي بديع وعبر مغامرة إبداعية رهيبة الإتساع تبطن رسالة فنيّة سامية مضمونها الثقافي محاربة السواد والحزن والقتامة ومشاعر الاحباط واليأس وملء الحياة بألوان الحياة انطلاقا من اعتبار الفنّ مزرعة للأمل والفنّانين هم سُـــقَاةُ الأمل.
وخلال هذه التظاهرة تحوّل الحلم الى حقيقة بإنجاز اكبر رواق فنون تشكيلية في الهواء الطلق في العالم وذلك بفضل جهود كل الأطراف من هياكل رسمية وطلبة معهد الفنون الجميلة بتونس وكل أحباء الفن التشكيلي وعلى واجهة 130 من الأعمدة الحاملة لقنطرة الجمهورية بإنجاز جداريات عملاقة محلاة بأعراس من الألوان بهدف بعث رسالة حب وسلام إلى كل التونسيين مغزاها « إن على هذه الأرض ما يستحق الحياة» لتتواصل هذه الورشات على امتداد ثلاثة أيام وتساهم في الحراك الثقافي الذي تعيشه العاصمة بمساهمة عزائم الخير ومعاضدة القوى المؤازرة للإبداع وبحضور متاح لجميع الفنانين والمثقفين دون استثناء أو إقصاء ...