إضاءة: بين خضراء الحبيبة ورواندا العجيبة...

في بلد إفريقي ، ألغي استعمال الأكياس البلاستيكية ومنع للأبد..
في رواندا، يشعر من يلقي كيسا بلاستيكيا بالخجل,,وربما بالخوف، لأن المخالفة البيئية قد تودي به للسجن..

في هذا البلد، تم القطع مع ذلك الشبح المشوه للبيئة منذ2004..ونحن نتجادل ونتحاور ونقترح ونعارض ونلغي ونتراجع..
في هذا البلد الإفريقي المحترم، رؤية بيئية وخطط للتنمية المستدامة إلى أفق2020 وما بعدها..

لم أكن لأصدق حين باح لي الناشط البيئي جنوب الإفريقي أواخر 2011 في ختام مؤتمر المناخ بدوربن، أن أفضل المدن الإفريقية بيئيا، رواندا...فأنا أزعم أني أعرف البلد وقد زرته قبل نحو العقدين، في ذروة الحرب العرقية سنة 1994، فما الذي جرى، ويمكن أن يفسر هذه النقلة الخرافية من سفح الاقتتال إلى قمة السلام والإبداع والجمال، ومن الدرك إلى قمة...

لم ليست تونس، وهي الخضراء، التي دأبت على حملات النظافة، ورفع الشعارات ، وإطلاق المبادرات واحتضان المؤتمرات وبعث المؤسسات والتصديق على كل الاتفاقيات؟؟
لم ليست تونس، وهي أول من بعث للبيئة في المنطقة العربية والإفريقية وكالات ووزارات؟

ففي تونس تنظم سنويا حملات نظافة تتكلف مليارات؟
وفيها كل عام مسؤولون جدد يهندسون ويتحركون وينجزون ويجلبون مساعدين ويعقدون صفقات ويسوسون و,,,

وفي تونس «لبيب» اختلفت الآراء حول منجزاته وشرعيته وقرابته «الأزلامية»، ولكنه ظل فريدا، شامخا، وإن تمرد عليه الناس، وخالفوا نصحه واتبعوا سواه..
ربع قرن على وزارة البيئة، مع استثناءات، التغييب والتقليص لكتابة دولة في مناسبات ثلاث، ومحطتين فراغ عجاف أكلت فيه ما ادخرت، واضاعت ما بنت...وفي ما عداها بدا أنها قدمت برامج(لألوان العمل البيئي في مجالات النفايات والمياه ومقاومة التصحر وغيرها

،خضراء وصفراء وزرقاء) خططا ورؤى ومشاريع تحتذى..
أين يكمن الخلل، حتى تتفوق علينا دول إفريقيا، في مجال طالما أعلنا أنا فيه رواد؟

لإحكام الإجابة، توجب طرح السؤال:هل خسرنا بعد الثورة بفعل مظاهر الانفلات البيئي، طوعا أو كرها، ما اكتسبناه في بيئتنا قبل الثورة، أم أن البناء كان في الأصل خاويا؟
هل نحلم اليوم بانتعاش سياحة وازدهار استثمار، والواجهات ملوثة والساحات والمفترقات نفايات وأوساخ..

تطرح على «لبيب» الأسئلة وحاله البيئي أشبه بالمتنفس تحت الماء، أو السائر طويلا في قلب صحراء، أو القابع في عتمة النفق يرتقب قريبا بارقة ضوء في نهاية الممر الضيق المظلم.
لم نخطىء الطريق، ولكننا لم نحكم السير فيه بخطى ثابتة واثقة وئيدة.

الكيسّ من دان نفسه، والسؤال:من(منا) أوقعنا في درك الخيبة، ودفع بنا إلى مأزق التلوث والانخرام والكوارث والأداء الأخرق..
من كيغالي درس كبير، وفي تجربة البلد الأسمر، دلالات ومعالم مفيدة جدا لتجارب الدول النامية الساعية إلى ترسيخ مسارها في طريق الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة.

تحية لرواندا المعلمة، والمدرسة الكبيرة، وصانعة الألقاب البيئية، مفخرة القارة السمراء، وملهمة عشاق البيئة، بمن فيهم، نخب البيئيين في تونس الخضراء..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115