وتعطل سيرورة الحركة البيئية لعوامل معقدة ومتشعبة، وقد بدت في الآونة الأخيرة ملامح تغير في سلوك الفاعلين ، باعتبار أولوية المنحى البيئي وأفقيته، لا بوصفه عنصرا قطاعيا مكملا لأية منظومة أخرى.
فقد شكلت بوادر تنشيط التعاون الدولي الأفقي والثنائي، وتطوير العمل التشاركي القطاعي والجهوي والمحلي الواضح، كواحدة من رافعات الجهد وضمانات ديمومته، كما أبرزت ملامح ما يرشح من مشاريع في مجالات التوعية والتربية والاتصال كخطوة إستراتيجية في الاتجاه الصحيح، بإقرار ضمني بالخلل الكبير والثغرة القائمة من جراء غياب هذه المنظومة التواصلية، وحتمية تلافيها لبدء مراجعة أشكال التنشئة ومن ثم بناء المواطنة البيئية.
ورشات ومشاريع ومطامح كبرى ومتفاوتة تحدو متساكني الجهات، وناشطي المجتمع المدني، والمستثمرين وغيرهم في انطلاقة فعلية لمركبة العمل البيئي بعيدا عن التردد والارتجال والاحتشام.
وبعد تحقيق مكتسبات مهمة على طريق اللامركزية، وتكريس الحكم المحلي، تمهيدا لمأسسة السلطة الجهوية، يتطلع كثيرون، وبعد إسناد الملف البيئي لمهندس هذا البرنامج الوطني الضخم السيد مختار الهمامي ، الذي يعلق عليه من يعرفونه آلا كبرى في تلافي ما تعطل أو تأجل خلال السنوات الأخيرة ،سيما بمعاضدة كاتبة دولة شابة أثبتت في عديد المحطات البرلمانية وغيرها كفاءة والتزاما بكسب الرهانات ومنها ملف النفايات بجربة ، وحق لهم ذلك، لمتابعة تجسيد أحلام فئات وجهات و أجيال و لمعاينة تنزيل مشروع الهيئة الدستورية للتنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة ، التي تأخر تفعيلها اكثر من اللزوم.
ومع تبلور مؤشرات قرب تحقيق ذلك الحلم، ومعه مشاريع بيئية كبرى مرتقبة أو معطلة من بينها نقلة السياب، وإزالة مخلفات التلوث الكيمياوي في قابس وفي الحوض المنجمي والقصرين، وغيرها من الورشات التي أقرت السلطة فيما يبدو خوضها برغم محدودية الحيز والموارد.
وتتزامن المبادرات الواعدة والتي يشترك في كثر منها المجتمع المدني، على غرار التظاهرة الكبرى التي تقام في غضون ايام بصفاقس ببادرة من شبكة غصن الزيتون للجمعيات التنموية حول التطبيقات في التنمية المستدامة والطاقات المتجددة، إذ ايقن الجميع أنه لا ديمومة لمسار أو مشروع في سياق تونس اليوم دونما مشاركة فعلية ومهيكلة للمجتمع المدني.
كما تترافق المبادرات مع إشارات إيجابية تؤكد سلامة التوجه التشاركي، على غرار ما تحقق في البرنامج الأول للنهوض بالواحات، الممول من الصندوق العالمي للبيئة، والذي ينتظر تمديده ليشمل في مرحلة موالية بقية الواحات.
ففي الآونة الأخيرة، وقبيل الـ «كوب24» تغيرت القيادة في مسؤولي المجال البيئي، ودبت روح جديدة في أوصال جسد عده الكثير من المنصفين مريضا، وسرت في الأوصال دينامية تشي بقرب تغير المعادلة وتأسيس رؤية ونمط من العمل يرنو لإعادة المسألة لدور التأثير والتوجيه والتكييف.
ولئن تنوعت الأحداث البيئية في حيز زمني قصير، بين الحرص على مشاركة جادة وذات معنى ومضمون في مؤتمر تغير المناخ ببون، بوفد يقوده وزير البيئة والشؤون المحلية، الذي أبدى لدى حضور احتفال مدينة غار الملح بانضمامها لقائمة المدن رمسار، اهتماما بدفع المجهود المحلي في مجال تحسين المواصفات واندراج المدن والجهات في سياق الاستدامة، وبين ردود فعل جزئية على بداية حلحلة إشكال نفايات الفوسفوجيبس بقابس بإقرار نقلة المصب لموقع خارج وذرف ضمن رؤية أوسع لمدينة صديقة للبيئة، والتحرك في اتجاه تشريك المتساكنين وفاعلي المجتمع المحلي بجربة في مسار تجاوز مشكل النفايات عبر مخطط اتصالي متكامل ومحكم.