إضاءة: لو تجتمع الأمة على استدامة..

مقاربة الاستدامة في تعريفها الأساسي المبسط ينطوي على مقومات تلبية حاجيات الجيل الحاضر دون تهديد حظوظ الجيل اللاحق في الحياة والتنمية..

وهو ما يفترض أيضا حفظ الموارد والمقدرات والثروات الطبيعية، مع معادلة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في كل خطة أو مشروع للتنمية أيا كان مداه واختصاصه وموقعه..

وكلنا يذكر أن التنمية المستدامة شكّلت  محوراً أساسياً على جدول أعما ل مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية أو”مؤتمرقمة الأرض". الذي عقد في ريو دي جينيرو العام 1992. وقد جمع المؤتمر ممثلي الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني لمناقشة تحديات القرن المقبل واعتماد خطّة عمل عالمية لمواجهة هذه التحديات. فاعتمد المشاركون جدول أعمال القرن 21 الذي وفّر سلسلة شاملة من المبادئ بهدف مساعدة الحكومات والمؤسسات الأخرى على تنفيذ سياسات التنمية المستدامة وبرامجها. كما اعتمدوا إعلان ريو دي جينيرو الذي تضمن بالخصوص إقرارا بأنّ الكائنات البشرية في جوهر مسائل التنمية المستدامة . فهي تتمتّع بالحق في عيش حياة صحيّة ومنتجة متناغمة مع الطبيعة".
وأيا كانت قيمة التوصية، ونوعية الالتزام بين الحكومات والأطراف المعنية بتكريس مسار التنمية المستدامة وتنزيلها في أرض الواقع، فإن عديد الأوضاع والمؤشرات المعيشية في بلداننا، وخاصة منها دول الجنوب، وبشكل أخص بلداننا الإفريقية تؤكد الحاجة الماسة لمراجعة خطط التنفيذ وتحديد أسباب الخلل، ومواطن القصور أو التقصير..
شيء ما يفسر ولا يبرر تأخر هذه البلدان في مستوى جودة الحياة ودرجة تطبيق أنظمة الاستدامة..

عوامل يتوجب ضبطها لفهم أسباب تأخر المواكبة ومسايرة وتيرة الحلم، وجدول خارطة الطريق المحتملة، والمرسومة سلفا بجداول تعهدات المشاركين في المؤتمرات والندوات والقمم..
هنا، يتحتم السؤال، لم لم تعد الأرض كما كانت خضراء؟

لم يتعذر على الصوت البيئي بلوغ مداه لثني الرسميين عن مشروع يوشك أن يقطع غابة رادس بمنشار التنمية المرورية السريعة؟
لماذا تتسارع الأيام ولم تطو بعد سنوات سبع معضلات بيئية كبرى في قابس وصفاقس وجربة والحوض المنجمي؟

لماذا تستمر الكارثة البيئية في شط السلام، ويواصل الناشط البيئي عبد الله من قابس إطلاق زفراته وأنينه من تواصل المضرة واستمرار المعاناة؟

لا مناص من تأليف القدرات واجتماع الفاعلين من كافة القطاعات والآفاق في سبيل بدء تغيير المعادلة وتصويب البوصلة نحو غاية محددة نحوها تلتقي القلوب قبل السواعد، ليتحرك حشد المواطنين نحو مزيد من مكتسبات النظافة والتوازن البيئي والاستدامة .
يحتاج تغيير المعادلة إلى نسق جديد من العمل يكتسي روحا تشاركية وجماعية، بعيدا عن الارتجالية والآنية..

كما يتطلب مقاربة جدية جديدة يشترك في وضعها النخب من أهل الاختصاص مع أصحاب القرار والمنتخبين وممثلي المجتمع المدني لضمان أكبر قدر من القدرة على التنزيل العملي والتفعيل الميداني.

مطلوب أن ترسم مشاريع وبرامج نموذجية ينطلق تجسيمها على الفور، ومنها برنامج إلزامي للتشجير، وإزالة النقاط السوداء، والإنتاج البيولوجي، وتوسيع الاعتماد على طاقات المتجددة، وإعادة استعمال المياه المعالجة والنقل النظيف والبناء العمودي وشبكات التربية البيئية وغيرها..

يتوجب أن يلتقي الجميع على كلمة موحدة من أجل الشروع في اعتماد المخطط الأخضر لتونس المستقبل والتأسيس الفعلي لمنظومة فاعلة ذات روافد تطبيقية قطاعية وجهوية ومؤسساتية وغيرها، تختزن روزنامات للعمل المرقم والمضبوط زمانا ومكانا والمحدد بمؤشرات ودرجات وأسقف وعتبات أقرب للأجندا 21 التي تعذر تفعيلها..
هذه المرة، يتوجب أن ينطلق الجميع بنفس القدر من الجدية والالتزام وروح الفاعلية بعيدا عن التواكل والتسويف والشكليات السياسوية ولزوم ما لا يلزم..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115