إضاءة: الجامعة في المحيط

تزخر الجامعة بمئات آلاف الشباب الطالبي الغني بالطموح والطاقة والتوثب لإحداث

الفارق في أمد قريب بمجرد اقتحامه دورة التنمية، من باب العمل، أو بعث المؤسسة.

في انتظار تخطي عتبة التخرج، وولوج معترك المهنة، يعيش رواد الجامعات على إيقاع التحصيل والدروس والمحاضرات والاختبارات والتحضيرات للامتحانات المرحلية والختامية..
مع ذلك يلتفت جانب منهم بموجب دراسي بيداغوجي أو بداعي الملكات والخصال الفردية ومؤثرات أخرى قد يكون لبعض المدرسين نصيب فيها، إلى الاهتمام بمجالات قد تبدو من قبيل الترف، مقارنة بمهمة النجاح والتفوق.
ومن بين تلك الاهتمامات، نجد التجديد التكنولوجي، والتألق الرياضي، وكذلك الأنشطة التطوعية وخاصة منها ما يخص التجميل والتنظيف والتشجير.

في ذلك السياق عرف المعهد العالي للغات مؤخرا تظاهرة طلابية على امتداد يومين أثثها فريق من ثمان طالبات ، وتضمنت فعاليات تحسيسية وتوعوية بيئية أسهمت فيها جمعية التنمية والبيئة بالكرم ، وتدخلات نظافة وتشجير ومنتدى حواريا بمشاركة نخبة من الناشطين والخبراء المختصين في البيئة والمناخ.

كما احتضن المعهد الوطني للشغل والدراسات الاجتماعية في الأسبوع الموالي تظاهرة مماثلة اشترك فيها عدد هام من الطلبة، تطوعوا لتحسين الوضع البيئي بمؤسستهم تشجيرا وتجميلا، كما استضافوا نخبة من الجمعيات الفاعلة في المجال التنموي والاجتماعي والبيئي تحت شعار ذوو الاحتياجات الخاصة قوة فاعلة في التنمية المستدامة.
حدثان جامعيان، خارج المألوف، ونشاطان غير تقليديين، سجلا انحياز فئة نابضة من الشباب إلى مسألة تحسين الوضع البيئي والارتقاء بجودة الحياة والتغيير الايجابي في المحيط الخارجي بدءا من الجامعة والكلية.
وتكتسي التظاهرتان أهميتهما من حيث انفلات هذه المجموعات الطالبية المجتهدة من سياق المعتاد واختلافهما عن مسار الحياة المعتادة والمألوفة لعموم الطلبة والشباب عامة، من انصراف عن الشأن العام، وعدم اكتراث بقضايا المحيط والبيئة ومكونات المؤسسات التعليمية وتجهيزاتها وبنياتها الأساسية.

لقد أكد الطلبة في مناسبة متجددة امتلاكهم لحس مدني واستعداد واثق لتفنيد شائعة اللامبالاة والفكرة السائدة عن شباب الجيل المتقاعس والقاعد عن التفاعل مع قضايا المجتمع، والتعاون مع أعوان النظافة، وغيرهم من المكلفين بمصالح العمل البلدي وغيرها
ولعل من شأن انفتاح الجامعة على محيطها وتكثيف الممارسات التطوعية والأعمال الميدانية ذات المنحى التطوعي والبيئي لدى الطلبة من مختلف المستويات أن تفتح بوابة لتعزيز انخراط الطلبة قبل المرحلة المهنية في الشأن العام عطاء وإضافة وتطويرا ونهوضا بمقومات العيش المشترك.

إن المبادرات الجمعياتية التطوعية التي تشرك الطلبة داخل فضاءاتهم التعليمية، ناهيك عن الأنشطة الأخرى التي تقترحها الجمعيات والمنظمات ويكون الشباب الطالبي بعض روادها وعناصرها، من شأنها أن تغذي لدى جيل الغد وبناة المستقبل إرادة التغيير وعزم الإصلاح والتطوير بعيدا عن روح الانتظار وعقلية رمي المسؤولية على السلط والهياكل العمومية.
إنها مهمة مصيرية ورهان مستقبلي خطير يتمثل في تعزيز شعور الطلبة بتملكهم لفضائهم في المحيط بدءا من الكلية وشعورهم بالمسؤولية تجاه كل ما هو مشترك وعام، بحيث تتغير الرؤية ويتبدل نمط السلوك من الللامبالاة إلى الانتماء ومن ثم المبادرة التلقائية للتحصين والإثراء والدعم.

نماء المجتمع، وتطور مقدراته ونجاحه مرتهن باكتساب أبنائه وفي مقدمتهم الشباب والطلبة فتية اليوم ورجال ونساء الغد، عقلية راقية ومسؤولة تؤهلهم إلى التحرك الفاعل والمشاركة الطوعية في تأسيس واقع جديد يليق بهم أملا وطموحا وتطلعا لنقطة بارزة تحت الشمس.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115