إضاءة: مطلب مأسسة الحوار البيئي؟

تحقق الكثير في البيئة رغم غربة لبيب وعزلته القسرية.

مبادرات المجتمع المدني في كل الجهات ومشاريع الجمعيات تراكم نحو مقاربة جديدة واضحة المعالم ومنجزات الهياكل البيئية تتوالى بوتائر متفاوتة

هياكل الدولة تتقدم في مجال النظافة ومقاومة تناثر الفضلات وردع المخالفين وبعث المؤسسات البيئية.
وتطورت مؤشرات النظافة العامة مثلا، بعد تغول شبح النفايات البيئية بعيد الثورة وتعميم فوضى الفضلات وديمقراطية التلويث..
مع ذلك تبقى أسئلة حارقة وخواطر تعيد المسألة للمربع الأول,,

بؤر التلوث الكبرى لم تمح بعد والنقاط السوداء في قابس وصفاقس والمحيط المنجمي والنقاط التقليدية,, لم تبارح الوجود ومضاعفاتها القاتلة تظل جاثمة على صدور المتساكنين,,

ما يزال الهم البيئي في المرتبة الثانية عشرة لدى التونسيين.
والشعور العام بالرفاه وجودة الحياة صعب المنال.

مؤشرات وتمظهرات عديدة في المشهد البيئي تؤكد إلزامية إطلاق حوار بيئي عميق وشامل وممأسس ونحت جسور تفاعل بين المجتمع والدولة حول متجهات التنمية المستدامة ومآلاتها
كما تفرض التخلي عن التمثل البيئي كجزء عرضي أو مظهري والعمل على التنزيل الواقعي الشامل والتدريجي لما اقرته الدراسة التوجيهية حول المخطط من اعتماد بعدي التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، و تحويلهما لممارسة إجتماعية ملموسة عبر تبني المجموعات

المعنية بعد الاستشارة والتشريك قصد ضمان المقبولية الاجتماعية للمشاريع المبرمجة وانخراط الفاعلين المعنيين والفئات المجتمعية.

كل الملاحظين المهتمين بالشأن البيئي يعلمون جيدا أن العامل الرئيسي المرشح لإحداث التغيير الجذري نحو وضع بيئي جديد لم ير النور ببساطة لأن الفاعلين بمن فيهم السلطة لم يتوافقوا نهائيا على رؤية واضحة ويتبنوا مشروعا محددا ينفذونه معا للتدرج نحو تجسيمه عمليا دونما عميق خلافات وتناقضات وتلكؤ وتنازع أهواء ومصالح

البيئة ذهنية وثقافة وسلوك، ولذا يتحتم على الجميع المشاركة في دفع القاطرة صوب وجهة مشتركة ترقى بالواقع وتضمن النهوض التدريجي غير القابل للنكوص نحو مستويات مؤكدة من النمو المستدام.
هيئة التنمية المستدامة المقرة في الدستور لم تر النور وهي الحد الأدنى لضمان الإطار التشريعي لحماية الحق في البيئة والتنمية المستدامة للأجيال الراهنة والقادمة
اسئلة تحتم التحرك ووقائع صادمة تفترض مراجعات جذرية.

السلوك العام للطبقة السياسية في تناولها للبيئة يوحي بأنها تقتصر على النفايات والمزابل وما برز من مظاهر مزعجة ومشوهة في المحيط الحضري المباشر.
البيئة ليست فقط جهد نظافة وتحكما في التلوث وإدارة للفضلات وتثمينها على أهميتها.

والواقع الصارخ بظواهره البادية للعيان أكد بما لا يدع مجالا للشك عقم الحملات الوقتية والاستعراضية وطريقة القرارات المختومة في حجرات مغلقة، والاكتفاء بتشريك الآخرين في آخر مراحل التنفيذ.
والمسار الذي تم اعتماده قبل الثورة في تنفيذ المشاريع البيئية ورفضته المجموعات المحتجة على المنشآت التي اعتبروها مسقطة توجب تعديله في اتجاه أفقي ينأىعن الأحادية وسياسة الأمر الواقع ويعدل البوصلة نحو نمط منهجي ومنوال تنموي بديل مختلف عن ذاك الذي أثبت إخفاقه وفشله..

البيئة أصل التنمية، وهما معيشنا ومستقبلنا، وهواجسهما مهمة الجميع، فالكل مطلوب للتفاعل البناء والعمل التشاركي نحو مأسسة التعاطي الجماعي من التفكير للتخطيط للانجاز والتخلي عن العادات السلبية التي ثبت فشلها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115