إضاءة: تضامن ضد الانقراض

كيف السبيل لصون الكائن البشري من الإنقراض الطوعي وإيقاف زحفه المحموم نحو نهايته المحققة؟


البشر لا ينفذون قرارا جماعيا بالانسحاب الطوعي من الحياة، عبر انتحار جماعي، أو برفض التكاثر مثلا ، غير أنهم يجسمون أجندا الرحيل، أو نهاية الكون، الآن وليس غدا..

الناس لا يعلنون أنهم يرفضون الحياة، غير أنهم يقبلون عليها بطرق غريبة لا تتناسب شكلا ومضمونا مع مطامحهم، ولا تعكس ما يدعون، من إرادة الحياة.

بلغ عدد سكان الكوكب الأزرق في 2013 أكثر من 7 بليون شخص .. أكدت دراسة مؤخراً أن الاكتظاظ السكاني يلعب دوراً هاماً في تحديد الحالة الصحية لكوكبنا .. و يعتقد بعض العلماء أن أغلب المشاكل التي يعاني منها البشر حالياً ومستقبلياً هي بسبب الإكتظاظ السكاني .. فلقد تضاعف عدد سكان الأرض ثلاث مرات في آخر 60 سنة ، فعدد السكان في 1950 كان يبلغ حوالي 2 بليون و نصف .. والأمر مخيف بمجرد التفكير فيه .. فالعلماء يعتقدون أنه بحلول 2030 سيتم بلوغ 9 بليون شخص .. أي في ال17 سنة القادمة ،و توكد الدراسات أن الإكتظاظ السكاني سيؤثر بشكل قوي على الموراد الطبيعية و التنوع البيولوجي وسيزيد الصحة العامة تدهوراً، وحالياً يتم استهلاك الموارد بنسبة 50 % أعلى من المعدلات الطبيعية للإستهلاك ..

يقول جيم ليب المدير العام لفريق WWF المهتم بالأبحاث الخاصة بالبيئة «نحن نعيش كما لو أن لدينا كوكب آخر في حوذتنا» .. «استهلاكنا للموارد الطبيعية حالياً يفوق نسب المعدلات الطبيعية للإستهلاك بـ50 %، وهذا الرقم ينمو بسرعة، وبهذه الطريقة فإنه بحلول عام 2030 لن يكفي حاجتنا حتى كوكبين آخرين

وكما دون الاعلامي حسن سيد، وحتى إن انتلقت بعض الحركات تحت مسمي «انقراض الجنس البشري الطوعي» التي تنادي بإدخال جنسنا تدريجياً إلى الركاد عن طريق الرفض الجماعي للتناسل،، طبعاً بغض النظر عن كون الفكرة جنونية، فبعض الحركات الآخرى علي الأقل تدعو إلى إن تنجب كل أم طفلا واحدا، أو البحث عن كواكب آخرى للإستيطان بها ! بعيداً عن هذا الكون. الفكرة مرعبة.. والمدهش في الأمر أن الوقت الذي مر علي لكتابة هذه الأسطر ولد فيه تقريباً 1,000 طفل ! بمعدل 3 أطفال لكل حرف كتبته !!!!

لقد بات تجاهل البعض لمسار انحدار الكوكب نحو الاندثار والتدهور والاختفاء، بما كسبت أيدي الناس، أشبه بالترا-كوميديا، وأقرب للكابوس المزعج الذي يصر الناس بلاوعي على استدامته وتثبيت حركته نحو حافة الهاوية..

إن الكثيرين يدفعون من حيث لا يدرون، وعبر سلوك يومي، وعادات استهلاكية نهمة، ونزوات جشعة، وينساقون بلاوعي نحو منحدر الفناء، بما اعتادوا من حركات سهلة، واستسهال لاستنزاف الموارد ، وتدمير المنظومات البيئية

بقليل من الغباء وكثير من اللامبالاة، تشترك الغالبية الصامتة، في ختم مصير الانسانية نحو الوداع الأخير، في ذروة اللهو، وعنفوان النشوة العابرة الخفيفة الخالية من المسؤولية والمجردة من أي أثر للضمير البيئي.

ماذا لو أهدي كل فرد، ورقات نقدية، عند كل حركة تنقل عبر دراجة عوضا عن السيارة الفردية، مثلا، أو نال صكا على بياض عند تعهده في البلدية، بعدم إضاعة الماء وتبديد الكهرباء، والاحجام عن تدمير الغابة، وتحديد المقتنيات بحسب الحاجة ووقف تبذير الأرغفة وغيرها من المواد الغذائية وغيرها؟

ماذا لو نال الانسان أجرا يوميا لقاء صحوة ضمير وعودة وعي والتزام بضوابط حماية روح الكوكب، تماما كما تضبطه إشارات المرور، وأعوان المرور، وتردعه احتمالات خطايا المجاوزة الممنوعة ونسيان حزام الأمان و؟؟

المسألة تتطلب فكرا، وحسا جماعيا، ولحظة شعور بالخطر وحتمية التحرك المتضامن الآن، وقبل فوات الأوان,,فليس لنا ولأبنائنا كوكب بديل، عن أرضنا التي تضج بصنائعنا الفتاكة المبيدة المدمرة،للحياة وللأحياء.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115