إضاءة: هل يصلح الشرطي الأخضر ما أفسده تغييب لبيب؟

فجأة تسنى ترويض الحلم و باتت الشرطة البيئية حديث الساعة وشغل الناس..

وشكك البعض في مدى مشروعية المراهنة على الرقيب والزاجر وقوة الرادع,,
فمعضلة التلوث، مشكل حيوي يملأ الدنيا ويشغل الناس,,

هي ليست إلا شجرة تحجب عن الكثيرين غابة فعل وسيرورة عمل طويل لا ينبغي أن يتوقف..
لم تعد المسألة البيئية في تونس حديثا مقصترا على نخب الصالونات الإيكولوجية القريبة من أحزاب الخضر، وزمر الخبراء والمناضلين البيئيين الذين حملوا هم حماية الطبيعة من قبيل العبروقي والحيلي والزغل والدبار والشرفي وغيرهم ممن تبنوا «القضية «عقودا من الزمن وأفردوها الجهد والصبر والصدق والاهتمام ..

أجل، لقد «قام سعد» البيئة اليوم، والتشجير، وجمع النفايات، وصون الشريط الساحلي، وعشق المواد البيو، و,,,باتت هاجس المربين والحقوقيين والإعلاميين والمسؤولين والإقتصاديين والمشرعين,,
البيئة تعني، في عيون الناس اليوم، الخطر الداهم على الصحة، والنهاية المحققة الآزفة..

البيئة ، طلقت صورة الترف، والكماليات، وأزاهير غريبة مستوردة، معلقة متدلية من على جدران بيوت الأكابر، وأسوار عالية منيعة، محيطة بمساكن النصر والمنازه والبحيرة الفاخرة,,
هي اليوم وجع، وسواد يتلبد في الأنحاء، ومخاطر أمراض ناجمة عن سوء تنظيم للفضلات، واستغلال للفضاء، وتأقلم مع نهم المادية والمدينية الزاحفة,,
هنا وهناك، في كل الأرجاء حديث متشنج عن حالة بيئة محاصرة مختنقة,,

المواطن البسيط، بات يلقي بالا لحال بيئته، لا يعنيه إن كان لبيب يحيل على رموز ، أو يثير حساسية ما,,

فهو في حيه يتطلع لمظهر لا مكان فيه لمستنقعات وفضلات موحدة في جبهة اعتصام شعبي دائم تنعش البعوض ، وأودية مياه آسنة، لا تحتويها قنوات صرف صحي، لأن الحي عشوائي أهمله العهد البائد,,
الميديا، مشغولة بحال التشكيل الجاري، والأعصاب مشدودة لما يجري من غيث نافع ضاقت بحمله المجاري,,

الأضواء تلقى على نجوم كرة القدم، ولا من عدسات تعكس عرق العاملين في حقل النظافة، وتحفل بمن يعملون على إعادة ترتيب المتنزهات والحدائق التي داستها أرجل العابثين باسم فوضى انفلات ما بعد الثورة,,
تتسابق السيارات في كل اتجاه تعيد إيقاع الفوضى، وتصوغ سمفونية الصخب والضغط العصبي الرهيب,,

وتعلو في كل الأنحاء عمارات جديدة، وبناءات قد تعوزها تراخيص بلدية لم يتحرك بعد كامل طاقم مراقبيها لضبط الحال، ومنع التجاوز والإخلال,,
كم سنة ضوئية تفصلنا عن حال برلين التي يحفظ المواطن فيها ودا لشجرة، يحبها حب الرضيع لأمه(على قول تيمور) يعشقها ويرعاها حتى الممات؟؟

كم ساعة مباراة دربي، وسهرة فنية ، وخطبة دينية أو سياسية عصماء، يلزم لتنبت الأيادي زرعا غير محور جينيا، وتصنع الصدور العارية سدا منيعا يمنع اختراق التلوث العابر للحدود؟؟

كم ينبغي أن يفوت على صدور دستور يقر حقا مقدسا في البيئة المناسبة لكرامة الآدمي اليوم وغدا، ومن قرارات وأوامر وممارسات فردية وجماعية لتصبح حوالينا، أشياء تراها العيون في التلفاز، وفي محيط الأحياء الراقية,,ومن يدنو من سور حديقتها,,مفقود؟؟
هل يعيش المرء إلى زمن يقوى فيه لبيب على فرض كلمته، مستندا لإرادة مليونية ، تعلن أن الخضرة، أكثر من شعار، والخصوبة المستديمة، قرين لخضراء، عرفت من قرون ، كيف تلهم الروم تأمين الغذاء,,وتحاصر في صمت، من لا يتورع عن دهس ياسمينها ، وقطع نخيلها، وقنص طيورها النادرة الغريبة,,

هل تجد أصوات أسرة الرجال –النساء، الفاعلين في البيئة، وزارة ومجتمعا مدنيا، أصداء في حشود وآلاف مؤلفة من أبناء الأرض الطيبين، بحيث يصبح عديد عملة وزارة البيئة مليونين فوق العشر، فلا تحذف من تشكيل حكومي، ولا تمحى من روزنامة، ولا تدرج في هامش لضعف المعدل، وبساطة المردود؟؟

ما من شك أن تفعيل الشرطة البيئية كسب هام ولبنة في بناء مؤسساتي ترتيبي وتشريعي في ترسانة شاهقة ينتظر أن توازيها مراكمات همم وإرادات وفعل جماعي يرسخ وازع النظافة وهواجس صون المنظومات ومكونات المحيط الطبيعي المحدود والهش..وهي لعمري متجه التنشئة وجوهر المواطنة البيئية المأمول.ة

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115