جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي في حوار خاص لـ «المغرب»: العلاقة بين الصندوق وتونس مستمرة ونتطلع إلى استمرارها بناء على ما تقتضيه الحاجة

• كل الإصلاحات معلومة لدى التونسيين وتحتاج إلى توافق داخلي

• 1.4 مليار دولار كانت قيمة دعم صندوق النقد الدولي لتونس منذ بداية تفشي الجائحة إلى اليوم

أصبح دور صندوق النقد الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا محوريا في السنوات الأخيرة من خلال تقديم الدعم المالي والفني. وقد تعزز هذا الدور مع بداية تفشي فيروس كورونا، كما أصبح للصندوق دور كبير في فتح باب الأسواق المالية الدولية أمام الدول الأعضاء من خلال البرامج الثنائية بينه وبين عديد البلدان، حول هذه النقاط ومستقبل النقاشات مع تونس وسياسات الصندوق في مواجهة الجائحة وأوضاع بعض البلدان في المنطقة تحدث جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي لـ«المغرب» فكان الحوار التالي:

• ما مستقبل النقاشات بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي ؟ وفي حالة ما إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق ماهي سبل التعاون الثنائي الأخرى الممكنة؟
أولا نحن نتابع الوضع في تونس عن كثب ومن المنتظر أن يكون هناك تواصل بين وفد من خبراء الصندوق والسلطات في تونس في الأسابيع المقبلة ، فالصندوق كان في السنوات الأخيرة ملتزما جدا مع تونس ومنذ الجائحة قدم الصندوق دعما بنحو 1.4 مليار دولار كانت في شكل تمويل سريع بـ 750 مليون دولار و740 مليون دولار في إطار حقوق السحب الخاصة. وبالتالي فإن العلاقة بين الصندوق وتونس مستمرة على مستويين، الأول دعم مالي والثاني الاستشارة الفنية. والصندوق يتطلع إلى استمرار العلاقة بناء على ما تقتضيه الحاجة إلى ذلك.
• تحدثتم في كل بياناتكم عن قائمة الإصلاحات الضرورية التي على تونس تنفيذها وفي الوضع الحالي لتونس فما هي الإصلاحات الأكيدة والعاجلة التي لابد لتونس أن تخطوها قبل غيرها؟
أولا الاقتصاد التونسي في حاجة إلى خلق فرص للشباب والمساواة للمرأة وتهدئة المناخ الاجتماعي. أما عن الإصلاحات فالكل يعلمها في تونس لعل أبرزها خلق مساحة تنافسية للقطاع الخاص ومعالجة الاختلالات المالية العامة ومزيد التحكم أكثر في مستوى الدين العام. بصفة عامة يمكن القول العمل على خلق فرص عمل أكبر. وبخصوص مسألة الإنفاق العام يتطلب الأمر ضرورة التركيز على الاستثمار والاستمرار بإصلاح الطاقة والاهتمام بالفئات الأكثر حاجة.
كذلك رفع انتاجية الاقتصاد وإصلاح المؤسسات العمومية وتحسين الحوكمة. كل هذه الأمور معروفة ومعلومة لدى التونسيين وتحتاج إلى توافق داخلي بين كل الفئات والشرائح. كل هذه أولويات وتبقى أولوية الأولويات في مواجهة الجائحة والوقوف مع الفئات الأكثر تأثرا بها.
• تعيش المنطقة على وقع أزمتين واحدة صحية نتيجة جائحة كوفيد 19 وأخرى صدمة طاقية ماهي التحديات التي تواجهها في هذا الظرف؟ وما توصياتكم للدول المستوردة خاصة؟
مما لاشك فيه أنه كان للصدمات تأثير على اقتصاديات المنطقة وهو ما تبين من خلال تباين النمو بينها. فالبلدان التي سارعت في اتخاذ إجراءات استباقية على جميع المستويات نجحت في الخروج السريع من الآثار السلبية للجائحة. ولم يقتصر النمو الجيد على الدول المصدرة بل توجد دول مستوردة نجحت في تحقيق نمو جيد. كما تأثرت المنطقة بالأزمة العالمية وارتفاع الأسعار الناتج عن خلل بين العرض والطلب . وهي مطالبة اليوم بتسريع عملية الانتعاش لتمكين أكثر للقطاع الخاص وخلق الفرص بالتساوي والمثابرة بتسريع الخروج من آثار الجائحة وتحصين القطاعات الأكثر تأثرا على غرار السياحة التي تعد قطاعا ذا قيمة عالية في عديد البلدان مثل المغرب والأردن وتونس ومصر..
لتخفيف تأثير الصدمة ينبغي اتباع سياسات هادفة يمكنها تأمين الحد الأدنى لهذه القطاعات. الأزمة أظهرت ضرورة التحول الاقتصادي خاصة بسبب ارتفاع البطاقة بين الشباب والنساء.
بالإضافة إلى أن ارتفاع مستويات الدين بحاجة إلى مزيد المعالجة. والعمل على تخفيض مستويات التضخم وان لا يكون التضخم مستمرا لفترة طويلة. وتأثير الأزمة يتطلب أولا معالجة أسباب استمرارها حسب القدرة المالية لكل بلد. ومعالجة الاستدانة المتسعة من خلال توسيع حجم الاقتصاد. وبخصوص التضخم في العالم من المتوقع أن يعود إلى مستويات مقبولة في العام المقبل فهو حسب التوقعات لن يكون مستمرا.
• ماهو حجم دعم الصندوق لدول المنطقة منذ بداية جائحة كوفيد 19؟
كان الصندوق سريعا في عملية الدعم وتمكين الدول من السيولة الأزمة لمواجهة الجائحة وقد تم تقديم نحو 17 مليار دولار وهو رقم قياسي استفادت منه عديد الدول في المنطقة منها تونس ومصر والمغرب... كما تم تخصيص 42 مليار دولار حقوق سحب خاصة عززت السيولة وساعدت الدول لمواجهة الآثار الناتجة عن تفشي الجائحة.
• هل أن معدلات النمو المسجلة والمنتظر تحقيقها كافية لتخفيض معدلات البطالة العالية في اغلب دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟
من المتوقع ان يكون هناك نمو أفضل هذا العام والعام المقبل وإذا لم تواكبه إصلاحات فإن مسار التعافي لن ينجح وقد تحتاج البلدان إلى سنوات للعودة إلى مستويات ما قبل الجائحة. وستحتاج الدول التي لم تتحصل على اللقاحات بدرجة كافية إلى سنوات إضافية للتعافي كما أنها تواجه صعوبات اجتماعية.
نحن بحاجة إلى تسريع عملية الإصلاح بدرجة أولى والمحافظة على استمرارها والخروج التدريجي من الأزمة من خلال إصلاحات بنيوية للقطاع العام والرفع من الإنتاجية ورفع كفاءة الاقتصاد ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة وتخفيض نسب الدين.
• كيف تقيمون حسن استغلال دول المنطقة لخطوط التمويل التي قدمها الصندوق منذ بداية الجائحة وحقوق السحب الخاصة ؟
يعتبر الدعم الذي قدمه الصندوق مساهما في تأمين السيولة لبلدان المنطقة بعد الخوف من أن تقفل الأسواق المالية في وجهها وهو ما أعطى زخما هاما لمواجهة الجائحة . كما كان الصندوق حاضرا بالاستشارة الفنية لوضع سياسات أكثر جدوى ما يمكن التأكيد عليه أن التعاون مستمر و مساعدة البلدان على التصدي للأزمة والتحول نحو التعافي متواصل من خلال تقديم التمويل والمساعدة الفنية والمشورة بشأن السياسات.
• يواجه لبنان أزمة حادة ما سبل الخروج منها وما المنصوح به حتى لا يتكرر هذا السيناريو في بلد آخر؟
ممّا لاشك فيه أن لبنان يعاني في أصعب أزمة في تاريخه وهي نتيجة تراكمات لمجموعة من الأزمات التي سجلها عبر الزمن ولابد من وضع خطة للخروج بمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية والتضخم المرتفع وتراجع قيمة عملتها المحلية. وقد قامت الحكومة اللبنانية بالتواصل معنا لتفعيل النقاشات وعبرت عن نية لبنان الحصول على دعم الصندوق ويعمل فريق من النقد الدولي على التشاور حول سبل التعاون بوضع خطة نهوض يتطلع إليها لبنان ووضع خارطة خروج.
• نجحت مصر في الخروج من الأزمة الصحية الناتجة عن كوفيد 19 بأخف الأضرار. ما نقاط قوة الاقتصاد المصري التي دفعت إلى هذا النجاح؟
تمكنت مصر من خلال برنامج إصلاحي امتد بين 2016 /2020 من رفع احتياطتها وإتباع سياسة اجتماعية باستهداف الفئات الأكثر حاجة. وقد ساهم الصندوق في دعمها ب 2.5 مليار دولار بهدف تأمين سيولة إضافية ومما لاشك فيه انها خففت من تداعيات الأزمة في مصر. ويجب أن تستمر في هذا المسار باستهداف الشباب والمرأة والفئات الأكثر تأثرا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115