قاربت 85 % ( 60 % دين خارجي) لذا لم يعد ممكنا الاستمرار في ذات النهج ولم تعد هناك القدرة على مواجهة الصعوبات المالية والاقتصادية اللاحقة بعد توقف محركات الإنتاج والنمو وتراجع أداء العديد من القطاعات الأساسية.
بات من الواضح وحسب كل تصريحات صانعي القرار الاقتصادي في البلاد ان تحقيق نسبة النمو المتوقعة سابقا بـ1.7 %، أمر مستحيل وأن النتيجة السلبية ستفوق 7 % بعد ان تراجت مداخيل الدولة الذاتية من الموارد الجبائية بـ 4.6 % وتوسع عجز الميزانية إلى 7 % من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ3 % في التوقعات السابقة، وأصبحت كل اصابع الاتهام موجه الى كل من تداول على سدة الحكم ولم ينصف الشعب الذي توسعت قاعدة فقره وأصبح يدفع تباعا فاتورة سوء التصرف وعدم الالتزام بالتعهدات، ومازالت الفواتير تتلاحق والاستنزاف يتعمق والصراعات السياسية تحتدم .
تعثر خطط الانعاش
لقد تعثرت -تقريبا- كل خطط الإنعاش الاقتصادي، وتاخرت اغلب الاصلاحات التي برمجت في مناسبات سابقة وحتى تلك التي تم الاتفاق حولها مع كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لم تتجسد بالشكل الذي يساعد البلاد على تحقيق انتعاشة اقتصادية مثلى تساعدها على الخروج من الوضع السيء والظرف الدقيق الذي تعاني منه منذ سنوات ما بعد الثورة وبدل تنقية مناخ الأعمال وطمأنة المستثمرين اشتعلت الصراعات الساسية باحزابها الثقيلة و لم تفلح إلى حدّ اليوم أي منهم إلا المناورات الفاشلة التي لا تغني ولا تسمن من جوع ولن تزيد المشهد السياسي ولا الظرف الاقتصادي الا تعقيدا واشكلايات جديدة ستصعب الوضع اكثر..
وبعيدا عن كل ما يشار اليه سرا وجهرا من الفساد المالي والإداري المنتشر في البلاد، وذهاب اغلب الأموال إلى ميزانيات تمويل حملات وانشطة الأحزاب بدل التنمية المستدامة، فان المشكلة ليست فقط في حجم الديون وارتفاعها بل ايضا في اعباء الدين الذي قد يعرض البلاد الى صدمات اقتصادية مزدوجة في غياب حكومة قادرة عن الدفاع على برامجها التنموية وسط برلمان تحول الى حلبة العاب صبيانية تقدم عروضا بهلوانية آخر همها الخطر الذي يتربص بالبلاد وسياتي كالطوفان على الاخضر واليابس .
الرقابة على الديون
لقد اسال الوضع الاقتصادي والاصلاحات المتعثرة في البلاد حبرا كثيرا واثار جدلا واسعا حول غياب الرقابة على الديون،وطريقة صرفها ليطالب البعض الحكومات بتفسيرات واضحة حول اماكن صرف الاف المليارات التي تم اقتراضها من المؤسسات المالية المانحة ولم يوجد لها أثر على مستوى الاستثمارات أو المشاريع الكبرى التي تمتص غضب المتابعين وتعطي أملا في غد افضل وهذه الاستفهامات والتشكيكات كانت سبب رفض بعض المنظمات الدولية إقراض الاموال بصورة مباشرة ومنحها عبر دعم مشاريع خدماتية تحت اشرافها ومتابعتها ، خوفا من الفساد المالي والإداري، الذي استشرى في سنوات قليلة وزاد المسائل تعقيدا.
لا توجد أي دولة لم تقترض أو لنقل أغلبها تقترض وتواجه ازماتها بالدين الداخلي او الخارجي غير ان نسب المخاطر وطريقة التصرف فيها تختلف من دولة الى اخرى بين من تقترض لادارة محافظها ودعم استثماراتها وتعزيز اقتصادها ومن تسيء التصرف فيها تغرق في ازمات من نوع اخر ويرتهن مستقبل اجيالها . ويوجه جزء كبير من ديونها في غير مواطنه تحت راية سياسة النعامة التي ينتهجها اغلب من افرزهم صندوق الاقتراع ببرامج انتخابية ليست سوى زوارق من ورق.
الفساد المالي والإداري
علاوة عن انهيار سعر الصرف وتراجع ضمان الحكومة الامريكية من 17 سنة قبل 2011 الى نحو 6 سنوات وضمان الوكالة اليابانية للتعاون الدولي الى 10 سنوات وتدهور الترقيم السيادي ، فقد رافقت ازمة ارتفاع حجم الديون في تونس المطالبة بتسديد، اقساط قروض بقيمة ألف مليون دولار، سنويا.بداية من السنة المقبلة والى غاية سنة 2025، مصيبة اخرى اعمق بكثير وهي كارثة الفساد المالي والإداري، التي تطالعنا بين يوم واخر وترتبط بكوادر عظمى في الدولة كانت مسؤوليتها اصلاح البلاد وموازنتها لا خرابها وسرقتها.