حصيلة البنوك التونسية في 2018: أرباح قدرت بـ 1.19 مليار دينار وضغوطات متفاوتة

بلغت ارباح القطاع البنكي لسنة 2018 نحو 1.19 مليار دينار محققة ارتفاعا ب 8.7 ٪ مقارنة مع نتائج سنة 2017 من جهتها

حققت البنوك المدرجة في البورصة والبالغ عددها 12 مؤسسة بنكية ارتفاعا ب 5.6 ٪ في ارباحها لسنة 2018 كما سجل القطاع ناتج بنكي خام قدر ب 18.3 ٪ مع اختتام السنة المالية 2018 .
يعتبر الملاحظون ان البنوك التونسية قفلت سنتها المالية بارتفاعات كبيرة من شانها ان تزيد في اشعاعها وتدعم ثقة الحرفاء فيها غير ان هذه البنوك عاشت ضغوطات كبيرة اثرت بطريقة مباشرة وغير مباشرة على مردوديتها من بينها تغيرات المناخ الاقتصادي عموما والإجراءات الجديدة المتعلقة بميزانية الدولة وغيرها من النقاط الاخرى التي تطرقت اليها «المغرب» تباعا في هذا الملحق الخاص بقطاع البنوك.

صندوق ضمان الودائع البنكية.
سواء أكانت البنوك مدرجة بالبورصة أم لا أو حتى البنوك الاسلامية فهي مطالبة بالمساهمة بصفة قانونية في صندوق ضمان الودائع البنكية المحدث بمقتضى الفصل 149 من القانون عدد 48 لسنة 2016 المؤرخ في 11 جويلية 2016 والمتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية ونسبة المساهمة المحمولة عليها وكيفية استخلاصها وشروط انخراط البنوك وإقصائها والمبلغ الأقصى لتعويض كل مودع وطرق وإجراءات التعويض، ويهدف هذا الصندوق إلى حماية الحرفاء وتعويضهم عندما يتعذر على البنك سداد الودائع لسبب ما ، ووفقًا للأمر الحكومي رقم 268-2017 المؤرخ في 1 فيفري، لسنة 2017 ،يستوجب على البنوك المساهمة السنوية في هذا الصندوق ب 0.3 ٪ من الودائع غير المسددة في نهاية العام ، انطلاقا من السنة المالية 2018.
هذا بالإضافة الى ضغط ميزانية الدولة من خلال المساهمة في الاستثنائية فيها التي تم ضبطها في المادة 52 من قانون المالية 2018 بعنوان ضريبة دورية لتمويل ميزانية الدولة المستوجبة على البنوك والمؤسسات المالية باستثناء مؤسسات الدفع وشركات التأمين وإعادة التأمين والتي تهدف الى المساهمة في انعاش الصناديق الاجتماعية بنسبة 1٪ على الأرباح المحققة سنة 2018 .

أزمة السيولة وحاجة البنوك
يلاحظ المتابع للمناخ المالي والاقتصادي في تونس وتحديدا القطاع البنكي مدى الضغط الذي شهدته البنوك على السيولة وحاجتها الى التمويل التي ارتفعت لتبلغ اكثر من 16 مليار دينار في اخر ثلاثية 2018 بعد ان كانت حاجتها في حدود 10.45 مليار دينار خلال نفس الفترة من سنة 2017 وقد لعبت العديد من العوامل دورا فعالا في تعميق حدة حدة هذه الازمة لدى البنوك من بينها تواصل طرح سندات خزينة الدولة التي تجاوزت 13 مليار دينار في اخر سنة 2018 بالإضافة الى تواصل شراء العملة الصعبة من البنك المركزي وهو ما يترجم تفاقم عجر الميزان الجاري.
وامام تفاقم عجز البنوك على المستوى السيولة كثف البنك المركزي من تدخلاته على مستوى السوق النقدية لدفع حركيتها وتدعيمها حيث بلغ معدل تدخلاته لتمويل البنوك نحو 12.1 مليار دينار بزيادة قدرها 3 مليار دينار مقارنة مع نتائج الثلاثية الاخيرة من سنة 2017 ومع ذلك لم تسمح هذه التدخلات بتغطية جميع الاحتياجات الضرورية من السيولة للبنوك ، مما انجر عنه عجزفي السيولة على مستوى السوق النقدية بمعدل 4.11 مليار دينار خلال الثلاثية الاخيرة لسنة 2018 وهو ما اضطر البنوك الى اللجوء يوميا إلى الاقتراض وعلى مدار 24 ساعة ، بمعدل 4.12 مليار دينار في الربع الأخير من سنة 2018 مقابل 1.5 مليار في نفس الفترة لسنة 2017 .
كل هذه العوامل ادت الى التوتر في السيولة وتداولها كما ساهمت في تراجع نسق ارتفاع نتائج البنوك لسنة 2018 مقابل ارتفاع الناتج البنكي الخام (PNB).

نتائج البنوك سنة 2018
حققت قرابة 20 مؤسسة بنكية من مجموع 23 ناتج بنكي خام ب4.8 مليار دينار ما يعني نسبة ارتفاع ب 18.4 ٪ و ان 63 ٪من هذا الارتفاع متأت من تطور هامش الفائدة و15٪متأتية من هامش العمولة. كما ارتفع حجم هامش الفائدة في الناتج البنكي الخام لسنة 2018 نحو 51.8 ٪مقابل 49.6 ٪سنة 2017 مقابل تراجع قيمة هامش العمولة الذي وصل 21.7 ٪ وهو ما يفسر قيمة هامش الفائدة مقارنة بهامش العمولة مما يعني ان فوائد القروض شهدت صعودا امام رقم المعاملات الجملي للبنوك خلال سنة 2018.
ومع نهاية سنة 2018 ، بلغت قروض حرفاء النظام البنكي 79.8 مليار دينار ، أي بزيادة قدرها 6.56 ملياردينار مقارنة بنهاية سنة 2017 ، على الرغم من أن وتيرة النمو انخفضت مقارنة بالسنة الماضية .

دمج اغلب البنوك والية التقارب
عندما نتحدث عن النشاط البنكي في تونس تتجه اغلب اراء الخبراء والفاعلين في المشهد المالي والاقتصادي في البلاد الى ضرورة دمج اغلب البنوك والتوجه نحو الية التقارب و التخفيض في عددها مقابل تطوير خدماتها فعلى 11 مليون ساكن نجد 23 بنك وهو ما يعتبرونه عددا مرتفعا وضخما مقارنة ببعض البلدان الاخرى مثل المغرب التي يبلغ عدد سكانها 35 مليون ساكن ومع ذلك لا تمتلك الا 11مؤسسة بنكية ضخمة تقدم خدمات متنوعة ومتطورة.
يلاحظ المتابعون ايضا ان اغلب البنوك تفتقد لإستراتيجية تنويع المنتوج والتميز فهي تقدم تقريبا نفس الخدمات البنكية إلى درجة ان جزءا كبيرا من الحرفاء لا يفرقون في الخدمات بين بنك وبنك واخر على اعتبار اكتفائهم بالادخار والاقتراض لا غير وهنا يقع اللوم حسب راي المتابعين على البنوك التي لم تستثمر ارباحا في تطوير خدماتها بشكل كما ان الارقام تؤكد ان البنوك تحقق مرابيح متفاوتة جدا فما تحققه مؤسسة بنكية من مرابيح تفتقده اخرى وما تبينه الارقام ايضا ان 12 بنك تقريبا فقط حققت مرابيح هذه السنة مقابل بعض البنوك التي تتكبد خسارة . والملاحظ ايضا ان البنوك التي سجلت تطورا في الارباح هي اصلا لم تحقق هذه الارباح من نشاطها الفعلي والأصلي بل حققته من سندات الخزينة التي تصدرها الدولة لتمويل ميزانيتها بفائدة تفوق 8٪ وهي الية سجلت تطورا كبيرا في حجمها باعتبار حاجة الدولة الى تمويل الميزانية التي يزداد عجزها سنة بعد اخرى وهو ما يخلق خلطا في نشاط البنوك ويتحول من الاهتمام بتمويل الاقتصاد والحرفاء وتطوير المشهد الاقتصادي والمالي بالبلاد الى الاكتفاء بتمويل الميزانية

تحسين الخدمات البنكية
تحقق البنوك في تونس وفق ما تبينه الارقام ارباحا متفاوتة ولكنها حسب تحليل اغلب الخبراء والمختصين في الشان المالي لا تستغل هذه الارباح في استثمارات من شانها تحسين الخدمات البنكية المقدمة للحريف بشكل واضح اذ تحتفظ الذاكرة لدى المواطن بصورة نمطية للبنوك على اعتبار انها تقدم نفس الخدمات ونفس الاقتراحات قد تختلف في شكل تسويقها والطريقة التي تقدم بها لكن في النهاية هي نفس الخدمات مما يعني ان البنوك بقيت حبيسة لنفس الخطوط العريضة والصورة النمطية لمعاملاتها مع الحرفاء ولم تستثمر ارباحها الكبيرة بصورة مقنعة في تنويع وتطوير ما يربطها بحرفائها من نشاط وخدمات تميز بعضها عن بعض . وبالتالي بقيت البنوك على كثرتها تدور في حلقة واحدة لم تخرج منها على مدى سنوات طويلة .
بالإضافة الى ذلك فان البنوك التونسية حسب راي المختصين لم تواكب الى اليوم وبالشكل المطلوب القفزة النوعية الكبيرة في المجال التكنولوجي التي تعيشها البنوك العالمية في ما يتعلق بالتصرف النقدي وعلاقتها بالحرفاء لتسهيل الخدمات وتطويرها لعدة اسباب اهمها او من بينها هجرة الكفاءات العالية المختصة في المجال ولم تستطع ايضا فرض اليات تحكم وتصرف كبيرة في الرقابة من خلال التطبيقات والبرامج الذكية التي من خلالها تستطيع البنوك معرفة اساس عمليات التمويل ومصدرها ان كانت متاتية من نشاط مقنن ام هي عمليات تمويل مشبوهة وجب التثبت من مصدرها ومراقبتها بصفة جدية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115