رغم الحضور المحتشم في الدورة الأولى للمؤتمر الدولي للضيافة الطبية: رصد عقبات القطاع الصحي وتعبيد الطريق للسياحة العلاجية في تونس

• نحو الترفيع في طاقة الإيواء بالمصحات الخاصة إلى 13000 في 2022
• الترفيع في حرفاء العلاج بالمياه المعدنية إلى 60 ألفا
مثلت مناقشة إشكاليات القطاع الصحي في تونس وأفق النهوض به محور أشغال افتتاح المؤتمر الدولي للضيافة الطبية بتونس

الذي تنظمه الجمعية التونسية للسياحة العلاجية والاستشفائية، حدث الافتتاح شهد حضورا محتشما لفاعلين في قطاعي السياحة والصحة من تونس ومن الخارج ورغم تواضع الحضور فإنه يعتبر اللبنة الأولى للنهوض بالسياحة العلاجية وجعل تونس ضمن الوجهات الأولى في هذا المجال وذلك لما بينه الحضور من التزام على تثمين القطاع الصحي بمختلف مكوناته الطبية والعمل على تطوير الخدمات الصحية بمختلف أنواعها.

قصد تبادل الخبرات العالمية المتنوعة في السياحة الطبية ووضع أسس جدية لقطاع الصحة العلاجية في تونس، نظمت الجمعية التونسية للسياحة الصحية والاستشفاء يوم أمس الدورة الأولى من المؤتمر الدولي للضيافة العلاجية ،مؤتمر يرمي إلى إعداد قاعدة عملية تسوق لتونس كوجهة سياحية علاجية، حيث أكد رئيس الجمعية التونسية للسياحة الصحية والاستشفاء لطفي الخليفي لدى إفتتاحه المؤتمر أن تنظيم هذه المبادرة يعد الثمرة الأولى لتنظيم مؤتمر عالمي خلال السنوات المقبلة، مبينا أن المؤتمر يساهم في دعم القطاع الخاص في مجال السياحة العلاجية والخروج بتوصيات عملية ستساهم في تذليل الصعاب التي يواجهها المتدخلون في المنظومة، كما سيكون هذا اللقاء الذي يتواصل إلى غاية الغد فرصة لتبادل الخبرات وتمريرها بين الفاعلين في تونس ونظرائهم في دول أجنبية.

الترفيع في عدد الوافدين المرضى إلى مليون زائر
وينتظرأن يقع مع نهاية المؤتمر إمضاء عدد من إتفاقيات شراكة وتعاون بين تونس ونظرائها القادمين من 11 دولة بما سيمكن الفاعلين في قطاع السياحة العلاجية من فتح خطوط عمل جديدة في القطاع،الأمر الذي سيساهم تباعا في الترفيع في عدد السائحين المرضى من 500 ألف إلى مليون سائح مريض دون إحتساب المرافقين حسب الخليفي.

وأضاف رئيس الجمعية أنه على الرغم من غياب هيكل يعنى بالترويج للسياحة العلاجية في تونس ،فإنها تحتكر 46 في المائة من إيرادات القطاع السياحي ،وهو مايشرع ضرورة لإحداث منصة تعنى بالتسويق لتونس كوجهة علاجية متميزة على مدار ال12 شهرا ، تكون قاطرة للنهوض بالقطاع السياحي والذي سيكون بدوره رافدا لنمو الاقتصاد الوطني .

ودعا الخليفي في سياق متصل الدولة إلى دعم القطاع الخاص الناشط في مجال السياحة العلاجية حتى يقع توسيع الرقعة الجغرافية المستهدفة من الحرفاء خاصة في إفريقيا ودول الخليج وأوروبا ودول الجيران .

ولفت المتحدث إلى أن تونس ضمن المراكز الثلاثة الأولى على الصعيد الإفريقي في مجال السياحة الاستشفائية لكنها تتجاوز المركز 30 على الصعيد الدولي وهو ما يعتبر مظلمة للقطاع يكتسب جميع المؤهلات ليكون في صدارة دول العالم في قطاع الصحة الاستشفائية والعلاجية.

من جهته أكد أمين عام الجمعية الدكتور عثمان السبعي كاتب عام الجمعية في تصريح لـ«المغرب» أهمية وجود هيئات رسمية للعمل على تأطيرالقطاع وتطويره، مشيرا إلى قدرة تونس على جلب ما يفوق المليون سائح طبي خلال سنة واحدة إذا ما وقع توحيد الجهود وضمان الأطر القانونية والتنظيمية اللازمة.

وشدد السبعي على ضرورة التركيز على تصديرالخدمات الطبية التي تسوق بدورها للذكاء التونسي ودعم الهياكل التي توفر آلاف مواطن الشغل وتضمن موارد مالية تقدر سنويا بما قيمته 1000 مليون دينار من العملة الصعبة، مبينا أن القطاع الصحي ضمن القطاعات الجاذبة للاستثمار بإعتبار إعتماده أساسا بعد الكفاءات البشرية على الاستثمارات القائمة في مجال التقنيات والتكنولوجيات الحديثة.

كما استحضر السبعي في مداخلته جملة من المعطيات المتعلقة بقطاع الصحة الخاص ،حيث يشمل القطاع 80 مصحة خاصة في تونس تقوم بإيواء 2600 مريض وتعالج 400 ألف حريف ويعتبر القطاع الخاص التونسي الأول في البحر الأبيض المتوسط من حيث قبول المرضى .

وعلل السبعي ضرورة دعم الوجهة التونسية للتداوي والعلاج تبعا للأهداف التي تنتظر المصحات الخاصة تحقيقها، حيث سيزيد عدد المصحات إلى نحو 120 مصحة في 2019 وطاقة استيعاب تصل إلى 7000 آلاف مريض خلال العام الحالي و13000 سرير خلال 2022 .

كما استعرض المصدر ذاته التحديات التي تواجه نمو القطاع والتي تتعلق بضعف الرحلات الجوية والإشكالات المرتبطة بالنقل فضلا عن التعقيدات المتعلقة بتأشيرة السفر.

العيون الحارة الاستشفائية تؤسس لمبدإ التمييز الايجابي
من جانبه أكد المدير العام للديوان الوطنى للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه رزيق الوسلاتي، في تصريح لـ«المغرب» أن عدد وحدات المعالجة بمياه البحر وصل إلى حدود 60 وحدة وينتظرأن تبلغ 70 مع موفى 2022 ولكن هناك نمو مطرد تشهده المحطات الاستشفائية بالمياه المعدنية ،حيث هناك استثمار كبير في إطار الشراكة بين القطاع العام والخاص على غرار محطة بني مطير وملاق، الأمر الذي سيخلق مواطن شغل إضافية كما ستكون هذه الاستثمارات قاعدة لمبدأ التمييز الايجابي للجهات بإعتبار أن العيون الحارة موجودة بالجهات.

وأكد الوسلاتي أن المؤشرات في السنوات القادمة لقطاع الاستشفاء في تونس ستكون واعدة ،حيث ينتظرأن يقع الترفيع في عدد الوافدين للمعالجة بمياه البحر من 150 ألف إلى 250 ألف أما الاستشفاء بالمياه المعدنية فينتظر أن يرتفع عدد الحرفاء الوافدين من 40 ألف حريف إلى 60 ألف معالج خلال الفترة المقبلة.

من جهته شدد الدكتور خلدون باردي لدى حضوره المؤتمر على ضرورة الالتفاف حول رؤية مشتركة للسياحة العلاجية وتوفير إطار يكون وعاء لمختلف المتدخلين من أجل توحيد الجهود بما من شانه معالجة حالة التشتت التي تشل مختلف الجهود التي تعمل بمفردها و الخروج بنموذج عمل جديد قادر على الارتقاء بقطاع الصحة بشقيه بما سيكون له الأثر الجيد على قطاع السياحة العلاجية و بالتالي القطاع السياحي.

ودعا باردي إلى ضرورة تنويع الخدمات الصحية المقدمة وتطويرها وعصرنتها بما يجعلها أكثر تلاؤما مع طبيعة الزائر المريض.

ومن بين الحضور الأجانب،تحدث مدير شركة مركز كهرمانة للسياحة العلاجية في العراق علي ساعدي لـ «المغرب» فكر أن الشركة لديها مكاتب في كل من روسيا و لبنان والهند وتركيا وهي شركة تقوم بإستقدام خبرات طبية للعمل في العراق وإرسال المرضى خارج القطر للعلاج وإرسال الأطباء للتدريب والشركة تقوم بإرسال نحو 50 ألف شخص للتداوي في الهند وغيرها للبنان وتركيا، وبين ساعدي أن الشركة تحاول أن تفتح مكتبا في تونس لدعم مجال السياحة الاستشفائية لكن هناك بعض العراقيل التي نطلب من الدولة التونسية تسهيلها بما من شأنه أن يفتح فرص عمل كبيرة بين الطرفين، وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر شمل معرضا لعدد من الداعمين من المؤسسات الوطنية والشركات الخاصة لعرض خدماتها.

كما تناول عدد من الحضور المكانة التاريخية لتونس وموقعها الجغرافي والثروات التي تزخر بها في مجال الاستشفاء وهو ما يرشحها أن تكون في صدارة الوجهات السياحية العلاجية في العالم، مثلما وقع التطرق إلى الصعوبات التي تعرقل تطور قطاع السياحة الطبية وتجعله في هوة عن الدول الأوروبية والتي ترتبط في شق منها بالتراتيب القانونية والإدارية وما يصحبها من تعطيل للخدمات بالشكل الناجع ، وترتبط في جزء آخر بغياب التأطير والهيكلة لمنظومة الصحة وقد تلخصت المداخلات في غياب إستراتجية واضحة تشرع لإحداث هياكل تعنى بالترويج للسياحة العلاجية وأخرى تعنى بتطوير الخدمات الصحية وهو مايستدعي تدخل الدولة وممارسة دورها وعقد الشراكة مع القطاع الخاص لبلوغ الأهداف المنشودة.

تزامن تنظيم هذا المؤتمر الترويجي للسياحة العلاجية في تونس مع حدوث «كارثة وفيات الرضع في أحد المستشفيات العمومية» واقع مؤسف سيزيد من صعوبة نجاح مثل هذه المؤتمرات التي تنظمها مبادرات خاصة لتنهض بالقطاع الصحي من جهة وتوفر عائدات مالية للدولة والمساهمة في نمو القطاع السياحي من جهة أخرى، فبدل أن يعمل على إيجاد آليات للترويج للسياحة في تونس والتركيز على الإمكانات والأفق والايجابيات التي تميز قطاع الصحة، تضل مثل هذه المناسبات مرادها لتجد نفسها تعمل على ترميم مثل هذه الكوارث ومحو تلك الصور الأليمة من الذاكرة لتبقى تونس رائدة في مجال الصحة العلاجية، هذا وقد علق رئيس الجمعية على الحضور المحتشم لـ«المغرب» قائلا : «إن هناك أمورا ستكشف عند نهاية المؤتمر» مضيفا أن قطاع السياحة العلاجية قطاع مهم وحيوي لكنه لايلقى الاهتمام الكافي من قبل الدولة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115