الى مرحلة الانتقال الاقتصادي الذي يتكامل مع الانتقال السياسي وتركيز الديمقراطية وهذه الدراسة التي امتد انجازها على مدى ستة اشهر يقدمها اليوم القائمون على انجازها خلال لقاء يفتتح اشغاله رئيس الحكومة الحبيب الصيد تفاصيل هذا التقرير يقدمها لـ«المغرب» في لقاء خاص نائب رئيس الدراسات في مؤسسة كارنيغي مروان المعشر.
« المغرب» التقت مروان المعشّر نائب رئيس الدراسات في مؤسسة كارنيغي، وهو المشرف على أبحاث المؤسسة في واشنطن وبيروت حول شؤون الشرق الأوسط وقد شغل منصبَي وزير الخارجية (2002 - 2004)، ونائب رئيس الوزراء (2004 - 2005) في الأردن وفي تصريحه للمغرب افاد بان «الدراسة استغرقت ستة اشهر لاعدادها بالاشتراك مع زملاء في مؤسّسة كارنيغي، من خلال عقد سلسلة من المشاورات المتّصلة مع القيادة التونسية والنواب المنتخبين والأحزاب السياسية ورجال الأعمال والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والشركاء الدوليين، للمساعدة في تحديد هذا الإطار وقد تناول هذا الجهد مختلف القضايا بتواضع وإقرار بأن التونسيين وحدهم هم الذين يجب أن يحدّدوا مسار بلدهم ولم يتم تقديم خطة اقتصادية لكي لا تفهم على اساس انها املاءات خارجية».
تركيز الاليات
اكد ضيفنا ان تونس تعرف جيدا ماذا تريد من الاصلاحات لكن ليست هناك الية كافية للتنفيذ وقد تم من خلال هذا التقرير اقتراح عدة اليات من بينها الية للتنسيق بين المساعدات والية برئاسة الحكومة لتسريع الاصلاحات والية لتطوير الادارة العامة في البلاد مثل البرلمان الذي يحتاج الى خبرات لمساعدة اعضاء البرلمان على القيام ببحوث ودراسات وتقديم التوصيات التي تغيب حاليا عن البرلمان التونسي وكذلك فهم العديد من القوانين وبالتالي توجيه بعض المساعدات لزيادة كفاءات تساعد اعضاء البرلمان وهذا التقرير اثبت بأنه ينبغي على الحكومة التونسية وشركائها الدوليين الأساسيين وضع إطار جديد للشراكة، يقوم على الالتزامات المتبادلة في خمسة مجالات تكمّل بعضها البعض وحسب ما تبين في التقرير الذي تحصلت «المغرب» عن نسخة منه فانه يمكن لشركاء تونس الدوليين الأساسيين وبتعاون تونسي أن يقوموا بتكثيف المشاركة مع تونس وتقديم المعونة اللازمة لمساعدتها في معالجة الأولويات الملحّة. يجب أن تكون المشاركة الدولية في إطار الشراكة قوية، بما في ذلك من خلال تقديم المساعدات المالية والامتيازات التجارية، وأن تحفّز الإجراءات التي من شأنها جعل المساعدات الدولية أكثر فعالية ومعزِّزة للنمو الاقتصادي.
وفيما يتعلق بمحاربة الفساد والبيروقراطية قال مروان معشر ان المحاربة المؤسسية للفساد تتم عن طريق تقوية السلطات التي تراقب وتحاسب وهذا هو دور مؤسسة كارنيقي التي ستساعد تونس على تقوية المؤسسات التي تحارب الفساد ومنها المؤسسة التشريعية والاقتراحات تتمثل في اعطائها المزيد من المساعدات لتكوين خبرات داخل هذه المؤسسات وقال ان المؤسسة مستعدة للمساعدة من خلال دفع المجتمع الدولي على تركيز الضوء على تونس وزيادة المساعدات والمجتمع الدولي لن يقوم بزيادة هذه المساعدات بشكل كبير ان لم تقم الحكومة التونسية ببعض الخطوات المطلوبة خاصة فيما يتعلق بموضوع محاربة الفساد هذه الدراسة لاتهدف إلى طرح مجموعة بديلة من الوصفات، بل تسعى إلى توفير إطار عمل يعطي التونسيين وشركاءهم الدوليين فرصة أفضل لتطبيق تلك الوصفات وتحقيق النتائج المرجوّة.
وحول قبول مبدإ التدخل في مسالة الاصلاحات والمساعدة على انجازها وإمكانية قراءتها على أساس انها تدخل في السيادة الوطنية أو في المسائل الداخلية للبلاد قال مروان معشر في تصريحه لـ«المغرب» ان مؤسسة كارنيغي ليست مؤسسة دولية وهي تحظى باحترام كل القوى الفاعلة في تونس لأنها لا تحاول فرض الاصلاحات بل تحاول المساعدة ومن يقوم بالإصلاح اساسا هي تونس والمركز ليس الا مؤسسة بحثية وليست مخولة او قادرة على التدخل بل هي تحاول ان تساعد تونس من خلال تجسير الفجوة الموجودة بين المجتمع الدولي الذي يطالب ببعض الاصلاحات وبين تونس التي تقول انها غير قادرة او غير راغبة في القيام بمثل هذه الاصلاحات والمؤسسة كارنيغي تحاول تقريب الجسور بين كل الاطراف وهدفها في النهاية نجاح تونس كمجتمع تعددي ديمقراطي وصل الى نوع من التوافق السياسي وهي سابقة ايجابية في كل المنطقة وحتى تستفيد منها المنطقة على تونس ان تنجح اقتصاديا وامنيا لا سياسيا فقط لكي لا تفشل التجربة برمتها.
وقال لا اعتقد ان المجتمع الدولي حتى اليوم يركز بشكل جيد على التجربة التونسية بل كل التركيز على دول اخرى واليوم اهميتها ليست فقط على اساس تجربتها الخاصة بل على اساس انها نموذج غير مسار المنطقة وهي دولة تستحق دعما استشاريا وماليا فعليا واشار الى ان وعود دوفيل لم تتحقق وهي ايضا تحتاج الى مساعدات لخلق فرص العمل عن طريق الاستثمارات وتشجيع اتفاقيات التجارة الحرة كما ان الوصفات الخاصة بالصعوبات التي تعاني منها تونس معروفة وجرت مناقشتها وتوثيقها من قِبَل الخبراء والمؤسّسات المالية الدولية ومنظمات التنمية، والأهم من جانب التونسيين أنفسهم. لاتهدف هذه الدراسة إلى طرح مجموعة بديلة من الوصفات، بل تسعى إلى توفير إطار عمل يعطي التونسيين وشركاءهم الدوليين فرصة أفضل لتطبيق تلك الوصفات وتحقيق النتائج المرجوّة.
اتّباع نهج جديد
اكد تقرير مؤسسة كارنيغي الذي تحدث عنه مروان معشر لـ«المغرب» انه، ينبغي على تونس وشركائها الدوليين اتّباع نهج جديد يتمثّل في إطار شراكة يجمع بين إجراءات إصلاحية بقيادة تونسية وبين مساعدات دولية متّسقة ومكثّفة.كما يمكن أن تقوم الحكومة التونسية، وبدعم دولي، بقيادة آلية تنسيق (G7 +) للمساعدات الاقتصادية بغية تعزيز الشفافية والمساءلة والمتابعة، ويجب على شركاء تونس الدوليين الأساسيين أن يشاركوا في هذا الجهد، مع الأطراف الفاعلة في المجتمع المدني والقطاع الخاص المرتبط به بحسب الحاجة ويمكن لآلية تنسيق المساعدات أن تُسهم في وضع وتطوير الالتزامات المتبادلة فائقة الأولوية من جميع الأطراف وكذلك تنشيط التواصل مع الرأي العام وإطلاق حوار شامل مع الأطراف المعنية كافة حول السياسات العامة والقوانين الجديدة. وما لم تبدأ الحكومة بتشاور حقيقي ونَشِط مع المجتمع المدني، ستبقى جهود الإصلاح متوقّفة
اشار ايضا الى ضرورة تعزيز الإصلاحات التي يمكن أن تحظى بقبول الرأي العام، وإزالة العقبات التي تعترض سبيل النمو الاقتصادي، ولاسيما في المجتمعات المحلية المهمّشة. تمثّل صياغة هذه الإصلاحات وإقرارها وتطبيقها وإعطاؤها الأولوية، وكذلك تحسين القدرات العامة للبرلمان، مهمّة كبيرة يجب أن تواصل الأطراف الفاعلة التونسية والدولية التركيزَ عليها.وضع آلية سريعة لتنفيذ المشاريع الرامية إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص العمل. هذا بالاضافة إلى تبنّي إجراءات جديدة في مجالات التوريد والأمن والتنسيق بين الوزارات للمشاريع التنموية، بغية تحويل التمويل المحلّي والخارجي إلى نتائج ملموسة بالنسبة إلى التونسيين، وخاصة الشباب والمجتمعات المهمّشة.