خمس مراحل هامة والتسعينات أزهى فتراته: بعد 60 سنة عن إصداره الدينار التونسي في أسوإ حالاته

يمرّ تاريخ أول إصدار للدينار التونسي هذا العام في ظل الانزلاق الحاد الذي يشهده أمام ابرز العملات

العالمية حيث تشير كل التوقعات إلى مزيد التقهقر، والدينار التونسي الذي كان إصداره في نوفمبر 1958 تزامنا مع إحداث البنك المركزي آنذاك شهد مراحل متعددة ارتبطت قيمته فيها بالوضع الاقتصادي للبلاد.

كان تاريخ 1 نوفمبر 1958 هو ميلاد العملة المحلية للبلاد التونسية التي كانت في بدايات دولة فتية تستعد لمرحلة ما بعد الاستعمار وما تعيشه البلاد من أوضاع هشة وتستعد للبناء وتظهر بيانات للبنك العالمي في استعراض لمسار سعر صرف الدينار مقابل الدولار منذ 1960 إلى 2017 المنحى التصاعدي التي اتخذته العملة التونسية حين كان الدولار يقدر بـ 0.420 دينار واستمر استقرار سعر الصرف لمدة ثلاث سنوات ارتفعت بعدها بشكل طفيف انطلاقا من 1965 واستمر الوضع على حاله إلى حين معاودة النزول في العام 1975 وهو ادنى مستوى للدولار مقابل الدينار التونسي بسعر صرف قدر بـ 0.402 دينار وكان العام 1985 بداية مرحلة جديدة للدينار التونسي حيث بدا يفقد توازنه شيئا فشيئا ليصل في العام 2001 إلى مستوى 1.439 دينار مقابل الدولار لينزل لاحقا في العام 2008 إلى 1.232 دينار وهو آخر تاريخ يمكن تسجيله بخصوص صمود الدينار أمام الدولار فانطلاقا من العام 2011 بدأت مرحلة انزلاق الدينار التونسي فلا يمر يوم دون أن يفقد شيئا من قيمته. وانتهت سنة 2017 عند مستوى 2.419 دينار ولم تستقر الأوضاع بعد فالدينار أيضا لم يسجل صمودا أمام العملة الاوروبية الموحدة التي تم اعتمادها في 2002 ليتجاوز سعر الاورو اليوم 3.300 دينار تونسي.

كان انطلاق العمل بعملة محلية تونسية متزامنا مع إحداث البنك المركزي التونسي في العام 1958 وكانت قيمته تحدد إزاء الذهب والدولار وذلك إلى غاية 1964 وهي تعد ابرز المحطات للدينار وفق حسين الديماسي وزير المالية الأسبق في تصريح لـ«المغرب» حيث تميز التاريخ المذكور بوضع اقتصادي سيء للغاية شهدت فيه تونس اختلال الميزان التجاري بتسجيله عجزا آنذاك، وتم في العام 64 الالتجاء إلى صندوق النقد الدولي ليتم وفق ذلك تخفيض الدينار بصفة إرادية بنسبة 20 %. وقبل هذه المرحلة كان الدولار يساوي نحو 400 من المليمات التونسية وظلت العملة المحلية التونسية على هذه الوتيرة الى حدود 1971 وهو تاريخ حدث عالمي ومتمثل في فصل الدولار عن الذهب وهي خطوة اتخذها الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وهو ما احدث فوضى على مستوى السوق النقدية الدولية لم يعد هناك مرجع للعملات اما بالنسبة الى تأثير هذا الحدث في تونس فقد تم اتخاذ قرار تمثل في تعديل الدينار على الفرنك الفرنسي وذلك الى حدود 1977 وتم انذاك اتخاذ قرار تحديد قيمة الدينار يحدد على سلة العملات الرئيسية التي تتعامل معها تونس وحسب اهمية الشركاء.

وظل الوضع الى 1986 في شهر اوت حيث كان الوضع الاقتصادي يسير نحو الاسوأ ليتم تخفيض الدينار بصفة ارادية بـ 10 % وتعد بداية التسعينات اخر تاريخ لتعديل سياسة الصرف حيث تم خلق سوق صرف دينار في تونس اي أصبح الدينار لا يحدد بالطريقة تقليدية وأصبح يحتكم الى العرض والطلب بين البنوك وظل النظام الى اليوم، ومنذ العام 2011 تشهد العملة التونسية مزيدا من الانزلاق يفقد فيها شيئا فشيئا من قيمته دون ان يجني الايجابيات التي يمكن ان تتحقق من انخفاض عملة محلية على غرار تنافسية الأسعار بالنسبة للصادرات التي ظلت دون المأمول.

ووفق حسين الديماسي فان التسعينات هي ازهي الفترات التي مر بها الدينار التونسي حيث كانت ميزان الدفوعات الخارجية في مستوى من العجز المعقول هذا إلى جانب استفادة تونس من الانخفاض الذي شهده العالم في أسعار المحروقات المتأثر بارتفاع العرض وتقلص الطلب.

والعملة التونسية التي كانت في الفترة الأخيرة من النقاط التي دعا صندوق النقد الدولي الى اتباع سياسة مرنة ازاءها في دعوة الى تقليص تدخل البنك المركزي التونسي لدعمها في السوق والتدرج بها الى وضعها في مستواها الحقيقي. واليوم حيث يتجاوز الاورو 3.300 دينار والدولار 2.900 دينار يقول خبراء النقد الدولي ان الدينار اقترب من مستواه الحقيقي دون الحديث عن رقم محدد له

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115