الذي يؤثر سلبا على مستوى الموجودات الصافية من العملة والتي أصبح تمويلها معتمدا بالأساس على التداين الخارجي، نتيجة الانخفاض الحاد في موارد العملة الأجنبية، وهو ما يوحي بكثير من الضبابية في هذا الوضع الاقتصادي الدقيق ويطرح العديد من التساؤلات في وضع سياسي معقد وبرامج استثمارية ضخمة مازالت تتقلب على صفيح التردد والمخاوف من تفاقم وتيرة الارهاب في تونس بعد ان بدات الاوضاع الامنية تتجه نحو الاستقرار.فكيف يمكن التخلص من العجز الذي يلاحق التوازنات المالية للبلاد بعد ان انتشر في مفاصل الميزان التجاري ليبلغ 23,5 بالمائة مع تواصل انزلاق الدينار ؟ ومالذي يجب الاعتماد عليه لتجاوز المرحلة المقبلة بثبات؟
في واقع الامر فان القلق الذي اعرب عنه البنك المركزي بشان الوضعية الهشة لم يات من عدم وليست المرة الاولى التي يشعل فيها الاضواء الحمراء منبها الى دقة المرحلة المقبلة وسبقتها اصوات الخبراء والمختصين في الشان المالي والاقتصادي الذين تعالت اصواتهم تباعا في المنابر الاعلامية والاقتصادية منبهين الى صعوبة الوضعية الاقتصادية وخطر التداين المتواصل على التوازنات المالية بالبلاد خاصة بعد ان تاكد صرف القروض الممنوحة او على الاقل جزء كبير منها على النفقات بدل اعتمادها في الاستثمارات الموجهة لتحريك عجلة النمو ودفعها الى الامام خاصة بعد أن تجاوزت نسبة الدين 70 بالمائة من الناتج المحلي وهي مرجحة للارتفاع اكثر مما قد يزيد في تعقيد الوضع اذا لم يتم الحسم فيها واتخاذ قرارات كبيرة للتقليص منها ومن تاثيرها على الوضع العام وتداعياته على المجتمع .
تتواصل الضغوطات على القطاع الخارجي مما يؤثر سلبا على توازناته خاصة مع توسع عجز الميزان التجاري الذي بلغ 23,5 بالمائة. المخاوف التي يعرب عنها البنك المركزي والعديد من المهنيين والمختصين في التوازنات المالية متاتية من تعمق العجز الذي تزداد حدته مع تراجع بعض القطاعات الجالبة للعملة الصعبة مثل زيت الزيتون الذي تراجع إلى 150 ألف طن في الموسم الحالي بعد بلوغه السنة الماضية نحو 202 ألف طن وتواصل ازمة الفسفاط الذي يعتبر عصب الصادرات النابض والذي طالما كان مصدرا للثروة قبل ان ينقلب الى دائرة مغلقة تسودها التعقيدات والتجاذبات التي اثرت سلبا على الانتاج ليكون الحلقة الاضعف في المسار الاقتصادي بالبلاد ويتنازل عن مركز صدارته الذي احتلها منذ عقود ورغم التحسن المسجل للعائدات السياحية وتحويلات التونسيين بالخارج على التوالي بنسبة 47,1 بالمائة و12,3 بالمائة فان وضع القطاع الخارجي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم وهو ما اثر أثّر سلبا على مستوى الموجودات من العملة وخاصة على سعر صرف الدينار، الذي يتواصل انزلاقه امام الدولار الأمريكي واليورو.
يطالب الخبراء في تحاليلهم لما تمر به البلاد من وضعية اقتصادية دقيقة واقتراح حلول ووسائل تخفيض العجز في الميزان التجاري باعتماد تغيير السياسات المالية والنقدية من بينها تخفيض الانفاق الحكومي وزيادة الضرائب و سعر الفائدة بالاضافة الى فرض الرسوم الجمركية وزيادة النمو الاقتصادي وهو ما يبدو في جزء كبير غير متاح مبدئيا خاصة مع تراجع الانتاج وتعقيد المسارات السياسية بالبلاد التي اتسمت في الفترة الاخيرة بالتجاذبات مما يؤثر مباشرة على الاستثمار والوضع الاقتصادي عموما خاصة مع تراجع احتياطي النقد الأجنبي الذي يقلص من قدرة تونس على تسديد ديونها الخارجية التي تدفع بالعملة الاجنبية ويضعف ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المحلي، خاصة مع تنامي تداول العملة الاجنبية في السوق السوداء مما يتطلب ايجاد حلول قاطعة للحد من ضخها في الاقتصاد الموازي الذي تتوسع قاعدته تدريجيا علاوة على تنفيذ ما دعا اليه البنك المركزي من ضرورة مواصلة التنسيق لإيجاد الحلول العاجلة للحد من تواصل تفاقم العجز الجاري .