تقريري الاستقرار المالي العالمي والراصد المالي واللذين يعتبران إلى جانب تقرير افاق الاقتصاد العالمي الذي اطلق صباح الثلاثاء اهم تقاريره السنوية لرصد ومتابعة حال ومستقبل الاقتصاد العالمي، وذلك على هامش لقاءات الربيع السنوية.
وبحسب تقرير الاستقرار المالي العالمي الذي حصلت «المغرب» على نسخة منه ويتضمن3 فصول الفصل الأول جاء تحت عنوان الطريق القادم لا يخلو من العثرات والفصل الثاني حمل عنوان مخاطر تخصيص الائتمان هل هي مصدر للهشاشة المالية والثالث تحت ماهو دور العوامل المالية في تعزيز المسكن، أن أفاق الاقتصاد العالمي تشهد تحسنا ملحوظا والأوضاع المالية لاتزال داعمة.
فيما تضمن تقرير الراصد المالي فصلين الأول تضمن نصائح من الصندوق للبلدان التي تواجه مشاكل في مديونياتها تحت عنوان: «استثمار فترات الرخاء» وهو مايعني ان تكون البلدان التي تعاني من مستويات مرتفعة من الدين وقت التحسن الاقتصادي هوامش مالية تمكنها من مقاومة أي صدمات مستقبلي.
فيما جاء الفصل الثاني تحت عنوان الرقمية، حيث تقدم فيها قيادات عن صندوق النقد الدولي نصائحها للبلدان عند سعيها نحو تحقيق مزيد من الانضباط المالي، بتعزيز استخدام التكنولوجيا الرقمية لرفع كفاءة السياسات المالية.
مخاطر تهدد النمو
ذكر تقرير الاستقرار المالي العالمي الصادر في افريل 2018 ،أنه من الممكن أن تؤدي مواطن الضعف المالي التي تراكمت خلال سنوات التقلب المحدود وأسعار الفائدة شديدة الانخفاض إلى جعل الطريق القادم مشوبا بالعثرات وقد تُعرِّض النمو للخطر.
ويشير التقرير إلى أن المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي على المدى المتوسط، والناشئة عن الأوضاع المالية الميسرة، لا تزال أعلى بكثير من المعايير التاريخية.
وفيما يتعلق بالاقتصادات المتقدمة، فقد ذكر التقرير أن زيادة زخم النمو وارتفاع التضخم إدت الى بعض التخفيف من وطأة تحدٍ أساسي يواجه البنوك المركزية، وهو الحفاظ على التيسير النقدي اللازم لدعم التعافي الاقتصادي مع معالجة مواطن الضعف المالي على المدى المتوسط ليؤكد التقرير ان ارتفاع التضخم يجلب معه مخاطر أيضا. فعلى سبيل المثال، قد يرتفع التضخم بسرعة أكبر من المتوقع حاليا، ربما بدفعة من التوسع المالي الكبير الذي تم إقراره في الولايات المتحدة.
ويوضح التقرير أن البنوك المركزية تستجيب لارتفاع التضخم بصورة أكثر حدة من المتوقع حاليا، مما يمكن أن يؤدي إلى تشديد حاد للأوضاع المالية، وقد تنتقل تداعيات هذا التشديد إلى أسعار الأصول الخطرة، وأسواق التمويل المصرفي الدولاري، وكل من اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان منخفضة الدخل، كما نوضح أدناه. ولتقليص هذه المخاطر، ينبغي أن تواصل البنوك المركزية العمل على استعادة السياسة النقدية العادية بالتدريج والإفصاح عن قراراتها في هذا الصدد بصورة واضحة لدعم التعافي الاقتصادي.
والقى الفصل الثاني نظرة شاملة على تطور مخاطر تخصيص الائتمان للشركات، نظرا للمخاوف المثارة من احتمال أن يكون البحث المستمر عن عائدات أعلى قد أدى إلى إفراط البنوك والمستثمرين في تقديم الائتمان لمقترضين خطرين.
ويوثق الفصل نمطا من الحالات تكون فيه الشركات الحاصلة على قدر أكبر من الائتمان أكثر خطرا نسبيا أثناء فترات التوسع الائتماني، وخاصة عندما تكون معايير الإقراض متراخية أو الأوضاع المالية ميسرة. وتعتبر زيادة مخاطر تخصيص الائتمان إشارة لزيادة المخاطر السلبية على نمو إجمالي الناتج المحلي ولارتفاع احتمالات الضغوط المصرفية، إلى جانب المؤشرات التي تم توثيقها آنفا والمستمدة من نمو الائتمان. ويمكن للسلطات الوطنية استخدام الإجراءات التي يقدمها هذا الفصل لمراقبة تراكم مواطن الضعف عن طريق المخاطرة في تخصيص الائتمان. ويناقش الفصل السياسات التي يمكن أن تخفف الزيادة في مخاطر الائتمان أثناء فترات التوسع الائتماني.
ويوثق الفصل الثالث زيادة ملفتة في تزامن أسعار المساكن بين 40 بلدا و44 مدينة كبرى في الاقتصادات المتقدمة والأسواق الصاعدة طوال عدة عقود ماضية. وقد يساعد تعرض البلدان والمدن لتقلبات الأوضاع المالية العالمية على تفسير هذه الزيادة. ويؤدي تصاعُد تقييمات المساكن منذ الأزمة المالية العالمية إلى إثارة شبح الانخفاض المتزامن في أسعار المساكن إذا ما طرأ تحول في الأوضاع المالية. ويشير الفصل إلى إمكانية أن تكون زيادة تزامن أسعار المساكن إشارة إلى زيادة احتمالات تحقق السيناريوهات السلبية بالنسبة للاقتصاد العيني، وخاصة إذا كان الائتمان مرتفعا أو كان هناك توسع ائتماني سريع.
فيما تضمن تقرير الراصد المالي ، نصائح هامة من قيادات صندوق النقد الدولي للدولة للعمل علي زيادة مواردها المالية عبر توسيع القاعدة الضريبية ورفع نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بما يمكن الدول من تكوين هوامش مالية تساعدها على تحسين ورفع كفاءة وجودة الخدمات العامة .
مع ما نشهده من قوة النمو واتساع نطاقه، أصبحت الفرصة متاحة للبدء في إعادة بناء هوامش الأمان المالية وتحسين الأرصدة الحكومية وتثبيت الدين العام. وسيؤدي تعزيز هوامش الأمان المالية في فترة الانتعاش الراهنة إلى خلق حيز لدعم المالية العامة تحسباً لتراجع النمو في نهاية المطاف، كما سيحول دون أن تصبح مواطن الضعف في المالية العامة مصدراً للضغوط إذا حدث تدهور في الأوضاع المالية.
الدين المرتفع يبعث على القلق
وقد اكد صندوق النقد الدولي ان الدين العالمي بلغ مستويات مرتفعة تاريخية، مسجلاً ذروة غير مسبوقة قدرها 164 تريليون دولار أمريكي في عام 2016، أي ما يعادل 225 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي . وقد تعمقت المديونية العالمية بواقع 12 % من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بما كانت عليه في فترة الذروة السابقة عام 2009، مدفوعة بمديونية الصين. واكد ان للدين العام دور مهم في طفرة الدين العالمي، انعكاساً للانهيار الاقتصادي الذي حدث أثناء الأزمة المالية العالمية واستجابة السياسات في مواجهتها، بالإضافة إلى آثار هبوط أسعار السلع الأولية عام 2014 وسرعة نمو الإنفاق في حالة الأسواق الصاعدة والبلدان النامية منخفضة الدخل. ويبلغ متوسط دين الاقتصادات المتقدمة 106 % من إجمالي الناتج المحلي – وهي مستويات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية. وفي اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل، يبلغ متوسط الدين 50 % من إجمالي الناتج المحلي – وهي مستويات شوهدت مثيلاتها آخر مرة أثناء أزمة الدين في ثمانينات القرن الماضي . وبالنسبة للبلدان النامية منخفضة الدخل، واصل متوسط الدين ارتفاعه السريع كنسبة من إجمالي الناتج المحلي حتى تجاوز40 % اعتباراً من 2017. وبالإضافة إلى ذلك، نجد أن نصف هذا الدين تقريباً تم اقتراضه بشروط غير ميسرة، مما أسفر عن مضاعفة عبء الفوائد كنسبة من الإيرادات الضريبية في السنوات العشر الماضية. وترتكز ديناميكية الدين في كل البلدان على عجوزات أولية كبيرة بلغت مستويات قياسية في حالة اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
واكد تقرير الراصد المالي ان الوضع الحالي يستلزم تحركا حاسماً لتعزيز هوامش الأمان المالية، والاستفادة الكاملة من فرصة الانتعاش الدوري الذي يشهده النشاط الاقتصادي. فمع عودة النمو إلى مستواه الممكن، يفقد التنشيط المالي فعاليته بينما تنكمش تكلفة الضبط المالي، مما يسهل التحول من التوسع المالي إلى الضبط المالي. وتجدر الإشارة إلى أن بناء هوامش الأمان الآن سيساعد على حماية الاقتصاد، سواء بخلق حيز في سياسة المالية العامة يسمح لها بالتدخل دعماً للنشاط الاقتصادي أثناء فترات الهبوط أو بالحد من خطر المصاعب التمويلية إذا تم تشديد الأوضاع المالية العالمية بصورة مفاجئة. وبصفة عامة، ينبغي أن تسمح البلدان لأدوات الضبط التلقائي (أي الضرائب والإنفاق اللذان يتحركان مع حركة الناتج والتوظيف) بأن تعمل بطاقتها الكاملة، مع بذل الجهود لوضع العجز والديون على مسار تنازلي ثابت في اتجاه الأهداف الموضوعة لهما على المدى المتوسط.
تحسن آفاق النمو
كما ينبغي أن يستمر تركيز كل البلدان على السياسات الكفيلة بتحسين آفاق النمو على المدى المتوسط. والواقع أن الإجراءات الداعمة للنمو لم تكن أولوية بالضرورة في عمليات الضبط المالي التي أُجريت مؤخرا في بعض البلدان، وهو ما يتضح من هبوط الإنفاق على الاستثمارات العامة كنسبة من إجمالي الناتج المحلي في عدد من الاقتصادات المتقدمة والبلدان المصدرة للسلع الأولية. وينبغي أن تركز الاقتصادات المتقدمة على السعي لرفع كفاءة الإنفاق وترشيد نظام المستحقات، لإفساح المجال أمام مزيد من الاستثمارات العامة، وزيادة حوافز المشاركة في سوق العمل، وتحقيق تحسينات في جودة الخدمات التعليمية والصحية. ويمكن أن تستفيد بعض الاقتصادات المتقدمة أيضاً من توسيع قواعدها الضريبية وتحسين تصميم نظمها الضريبية. وبالنسبة لاقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، تتمثل الأولوية في زيادة الإيرادات لتمويل الإنفاق الضروري على رأس المال المادي والبشري والاحتياجات الاجتماعية. وينبغي أن تعمل كل البلدان على تشجيع النمو الاحتوائي لتجنب عدم المساواة المفرط الذي يمكن أن يعوق التحركية الاجتماعية، ويضعِف التماسك الاجتماعي ومن ثم يضر بالنمو.
وفيما يتعلق بمسالة الحكومة الرقمية افاد التقرير أن تحول العالم إلى التكنولوجيا الرقمية، يتسم بالتفاوت الشديد. فكل حكومات البلدان تقريبا أصبحت لديها مواقع إلكترونية وطنية ونظم آلية للإدارة المالية.
إن زيادة توافر المعلومات الحديثة والموثوقة والقدرة على الوصول إليها يمكن أن تُحْدِث تحولاً في طريقة عمل الحكومات. فالرقمنة يمكن أن تخفض التكاليف الخاصة والعامة المترتبة على الامتثال الضريبي وأن تحَسن كفاءة الإنفاق. وعلى سبيل المثال، تستطيع الحكومات استخدام الأدوات الرقمية للتعامل مع الممارسات الاحتيالية العابرة للحدود – فاعتماد الأدوات الرقمية يمكن أن يزيد تحصيل الضرائب غير المباشرة على الحدود بنسبة تصل إلى 1 / 2 % من إجمالي الناتج المحلي سنوياً . كذلك يمكن أن تساعد الرقمنة الحكومات على تتبع ضرائب الثروة التي تتخذ من مناطق الاختصاص ذات الضرائب المنخفضة ملاذاً لها، والتي تقدر بمتوسط 10 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي. وبالرغم من أن هذه القاعدة الضريبية التي يتعذر الوصول إليها في العادة قد تنطوي على مكاسب منخفضة بالمعدلات الضريبية الحالية، فإن الرقمنة يمكن أن تسهل تحصيل ضرائب الدخل من المنبع في المستقبل، قبل أن تجد طريقاً للإفلات من السلطات الضريبية. وعلى جانب الإنفاق، توضح تجربتَي الهند وجنوب إفريقيا كيف يمكن أن تساعد الرقمنة في تحسين الحماية الاجتماعية وتوصيل الخدمات العامة.
واكد التقرير إن الرقمنة ليست دواءً لكل داء، بل أمر يتطلب جدول أعمال للإصلاح يتخذ منظوراً استباقياً استشرافياً شاملاً. فعلى الحكومات أن تعالج مواطن ضعف سياسية واجتماعية ومؤسسية متعددة وأن تتعامل مع المخاطر الرقمية. وعليها أيضاً تخصيص موارد كافية في الميزانية لتمويل الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية والأمن الإلكتروني. وأخيراً وليس آخراً، فإن الرقمنة تجعل التعاون الدولي ضرورة أكثر إلحاحاً.
لكن الرقمنة أصبحت تياراً طاغياً بالفعل، ومن المرجح أن تزداد سرعة. وللحكومات أن تختار بين السعي لمقاومتها ثم التكيف معها في وقت لاحق على مضض، أو استيعابها واستشرافها بل والمساهمة إلى حد ما في تشكيل صورتها.
هذه بعض مقتطفات من التقريرين اللذين تم تقديمهما خلال اللقاءات الصحفية التي يعقدها البنك علئ هامش لقاءات الربيع السنوية والتي تغطي «المغرب» فعالياتها.