وقد حضر هذه الندوة التي تواصلت طيلة ما يقرب من الساعتين عدد كبير من رجال الفكر وأهل الثقافة بتونس والملحقين الثقافيين ببعض سفارات الدول الشقيقة والصديقة والمسؤولون في طليعتهم السادة احمد بن صالح كاتب الدولة للتصميم والمالية واحمد نورالدين كاتب الدولة للأشغال العمومية والإسكان وعبد الله فرحات مدير ديوان فخامة الرئيس وعبد المجيد شاكر مدير الحزب ومساعدا مدير الحزب محمد بن عمارة والمنجي الكعلي.
إيجاد المحيط الثقافي
واستهل السيد الشاذلي القليبي ندوته بالتعبير عن ابتهاجه لحضور عدد كبير من المسؤولين عن الثقافة ورجال الفكر وقال: «إن حضوركم دليل على العناية وتظافر الجهود للنهوض بتونس في هذا الميدان لنكمل النهضة السياسية والاقتصادية المتمثلة في مشروع التخطيط وعبر السيد كاتب الدولة للشؤون الثقافية والأخبار عن رغبته في أن تشمل النهضة الثقافية التي لم تتماش مع بقية الميادين – جميع الطاقات والجهود حتى يتطور المجتمع التونسي في انسجام مادي وأدبي».
ثم حلل السيد الشاذلي القليبي أسباب الخمول الثقافي في تونس وهو ما شغل بال إطارات الأمة الثقافية في تونس وقال: «لابد من توفير عناصر جديدة لإيجاد المحيط الثقافي حتى تخرج تونس من حالة الفوضى وعدم التسلسل في هذا الميدان ولاحظ أن بقية البلدان العربية تعيش هي أيضا في شيء من الارتجال في هذا الميدان».
وألح السيد كاتب الدولة للشؤون الثقافية والأخبار على ضرورة بعث ثقافة قومية ترتكز على واقع الشعب مع مراعاة انتسابنا إلى العائلة العربية الممتدة جذورها بدمشق وبغداد وغيرها من العواصم العربية ونظرتنا إلى الحضارة الإنسانية بمعناها الشامل.
وتحدث السيد الشاذلي القليبي عن ضرورة إيجاد الغذاء الفكري والثقافي للشعب وربط جيلنا بالأجيال السابقة بإحياء التراث القديم من جمع المخطوطات المبعثرة وخاصة النصوص التاريخية وبالأخص القريبة منا دون أن ننسى الإنتاج الثقافي التونسي الذي ظهر ما بين الحربين العالميتين.
وأطنب السيد الشاذلي القليبي في شرح المسؤولية الثقافية الجماعية خاصة النخبة ولاحظ أن الحكومة يجب ألا تتدخل في الميدان الثقافي بل عليها أن تساعد النخبة على التفتح والإنتاج إذ لا يمكن أن نحصل على نتائج ملموسة في هذا الميدان ألا بحماس المثقفين.
توفير الهياكل الأساسية
ثم تحدث السيد كاتب الدولة للشؤون الثقافية والأخبار عن الهياكل الأساسية التي لابد من توفيرها في البلاد مثل جهاز طباعة عصري قال : إن ذلك سيتم قريبا ضمن برنامج الشركة القومية للنشر والتوزيع التي ستكون عناصر فنية للطباعة وتحدث جهاز توزيع للكتب والصحف بكامل أنحاء الجمهورية وأكد السيد الشاذلي القليبي أن ذلك سيتم قبل سنة.
وأعلن السيد كاتب الدولة للشؤون الثقافية والأخبار عن إعداد قانون يضبط حقوق المؤلفين وعن إمكانية إيجاد صندوق للمؤلفين . كما لاحظ غلاء أسعار الورق وأعلن عن السعي لخفض الضرائب الموظفة على توريد الورق وإعفاء الكتب والمجلات من الاداءات عند التصدير.
كما أعلن السيد الشاذلي القليبي عن ضرورة شمول النشاط الثقافي لكافة مدن الجمهورية حتى لا يبقى منحصرا في العاصمة ومرتجلا وقال: «سنحاول أن نجعل النشاط الثقافي مستمرا في كامل الفصول وسنجدد مناسبات دورية وندعو لعقد ملتقيات قومية ودولية. وسنرصد جوائز تكون لها صبغة رسمية للمنتجين على المستوى الصناعي والمستوى الثقافي والأخلاقي وستنتظم معارض كثيرة في تونس وفي داخل الجمهورية قومية ودولية كما ستشارك تونس في معارض خارجية
وألح السيد كاتب الدولة للشؤون الثقافية والأخبار على مسؤولية المواطن الواعي في بعث النهضة الثقافية إذ لا يمكن أن توجد نهضة اقتصادية واجتماعية بدون وعي ثقافي ولاحظ أن التربية الشعبية التي يقوم بها الحزب بفضل توجيهات المجاهد الأكبر تساعد على رفع المستوى وتثقيف المواطن وقال: «يجب أن نحافظ على صحة الشعب العقلية والثقافية ونوفر له أسباب الترفيه وأعلن عن سعي الحكومة لإيجاد دور الشعب في كل مدينة وقرية تكون إطارا لنشاط الحزب والمنظمات للتربية الشعبية بواسطة الأفلام والمحاضرات وشتى ضروب الترفيه وبعد أن أنهى السيد الشاذ» لي القليبي ندوته غادر القاعة السادة كتّاب الدولة والمسؤولين في الحزب بعد أن شكروا السيد الشاذلي القليبي على ندوته القيمة وتقدم بعد ذلك بعض الحاضرين بأسئلة تتعلق بالمسرح من وجوب تصميم لقاعات التمثيل والمحافظة على مستوى المسرحيات التي تقدم على المسرح البلدي وعن الضمانات التي ستوفر للآباء ليسمحوا لأبنائهم وبناتهم بالإقبال على المسرح والغناء والموسيقى والرقص والضمانات المادية للشبان الذين يتخرجون من مدارس الفنون بتونس أو بالخارج وإحداث مركز قومي للبحوث العلمية لجمع التراث القومي. وأجاب السيد كاتب الدولة للشؤون الثقافية والأخبار عن كل هذه الأسئلة ملحا من جديد عن مسؤولية المثقفين في تونس وقارنهم بغيرهم في البلدان الأخرى حيث يكونون الفرق المسرحية مثلا ويساهمون مساهمة فعالة في التثقيف الشعبي وقال: «إن كل المشاريع التي وقع عرضها لا يمكن انجازها ولا يمكن أن تأتي بالثمرة المرجو انجازها إذا تضافرت جهود جميع المثقفين إذ علينا جميعا مسؤولية عظمى لأنّ تونس تعيش فترة بعث شامل على يد رئيسنا بورقيبة وعلينا أن نقوم بواجبنا على الميدان الثقافي».