موعد الإضراب العام الذي دعت إليه الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل، في ظل تصاعد التحركات النقابية وتواصل التوتر بين المنظمة الشغيلة والسلطة. ويأتي هذا التحرك على خلفية تعثر الحوار الاجتماعي والخلافات المتعلقة بالزيادات في الأجور والحريات النقابية، إلى جانب الجدل المتواصل داخل الاتحاد حول مسار المؤتمر وإدارة الخلافات الداخلية، ما يجعل الإضراب محطة مفصلية في المشهد الراهن، وفي هذا الإطار يندرج خطاب الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي الداعي إلى الاستعداد الجيد للتحركات، بما فيها الإضراب العام، ضمن مسعى إلى شدّ الصفوف الداخلية وتعزيز التضامن النقابي، في ظل ما يصفه الاتحاد بمحاولات متواصلة للحد من دوره والتأثير في استقلالية قراره.
يكتسي خطاب الطبوبي امس الاحد خلال افتتاحه المؤتمر العادي الخامس للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، أهمية إضافية بالنظر إلى تزامنه مع جدل داخلي حول مسار المؤتمر وإدارة الخلافات داخل المنظمة، ما يجعل من تحركات 21 جانفي اختبارًا مزدوجا لقدرة الاتحاد على الضغط خارجيا والحفاظ على تماسكه داخليا في آن واحد.
رفض لإجراءات في قانون المالية
دعا الطبوبي النقابيات والنقابيين إلى الاستعداد الجيد للتحركات، بما في ذلك الإضراب العام، في إطار التضامن النقابي وتوحيد الصفوف لمواجهة ما وصفه بمحاولات ضرب العمل النقابي وحقوق العمال. وأكد أن الاتحاد بقي قويا بفضل التزام المنخرطين ووحدتهم، وسيواصل مواجهة التحديات الراهنة وكافة المخاطر التي تعترض طريقه. كما عبّر الطبوبي عن رفضه لإجراءات في قانون المالية، لا سيما الفصل 15، الذي يرى أنه يمس بحق التفاوض ويمنح الحكومة صلاحيات أحادية تؤثر سلبا على دور الحوار الاجتماعي ومفاوضات الزيادات في الأجور، وفق ما نقله موقع "الشعب نيوز" .وشدّد على أن الاتحاد سيستمر في النضال من أجل مفاوضات اجتماعية عادلة وتحسين أوضاع الشغّالين في القطاعين العام والخاص وعلى مستوى الوظيفة العمومية.
تطويع العمل النقابي
وأشار الطبوبي إلى أن المرحلة التي تمر بها البلاد والاتحاد ليست سهلة، وهي تتطلب وحدة وطنية ونقابية قوية، وتعزيز التضامن بين العمال لمواجهة التحديات المشتركة. وشدد على أن تونس لم تنجح في مراحل متعددة بسبب الصراعات والانقسامات السياسية والفكرية، داعيا إلى الابتعاد عن خطاب التفرقة والكراهية لصالح مناخ اجتماعي يسوده التعاون والتفاهم. وبحسب الطبوبي فإن الاتحاد حريص دوما على المحافظة على استقلاليته عن كل الاطراف سواء كانت حكومات او احزاب، و بين الطبوبي ان الاتحاد كان دوما مستهدفا من طرف الحكومات لأن النقابيات والنقابيين متمسون بمنظمة مستقلة تحافظ دوما عن استقلاليتها عن السلطة مهما كانت ومهما كانت الفترة باعتبار ان اي سلطة تأتي تريد تطويع العمل النقابي و الهيمنة عليه .
الاستقلالية النقابية وحقوق العمال
وجدد الأمين العام التأكيد على استقلالية القرار النقابي، وضرورة الحفاظ عليه بعيدا عن الضغوطات من السلط أو الأحزاب السياسية، معتبرا أن أي محاولة لتقييد العمل النقابي أو التأثير عليه سيواجهها الاتحاد بقوة. واكد وجود محاولات لضرب العمل النقابي والحق في التفاوض و الحق في الزيادات في الأجور للقطاع الخاص والقطاع العام والوظيفة العمومية وهي محاولات ستفشل بفضل وحدة النقابيين حول منظمتهم، ليعلن عن استعداد الاتحاد للدفاع عن حقوق العمال والعاملات في مطالبهم المشروعة، ولا سيما زيادة الأجور التي تعكس ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع المقدرة الشرائية.
اسباب قرار الإضراب العام
وكانت الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد المنعقدة يومي 5 و6 ديسمبر 2025 قد اعلنت عن تنفيذ إضراب عام يوم 21 جانفي المقبل، احتجاجا على ما وصفته بتعطل الحوار الاجتماعي ورفض الحكومة فتح التفاوض وتواصل التضييق على الحريات والنشاط النقابي. وأكد بيان الهيئة تسجيل تدهور القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار وتراجع المرفق العام إلى جانب تردي الوضعين الاجتماعي والاقتصادي، وانتقد المحاكمات التي تستهدف النقابيين . كما حمّل السلطة مسؤولية تعطيل الحوار الاجتماعي واعتماد زيادات أحادية في الأجور. وانتقدت الهيئة الإدارية الوطنية تزايد التضييقات المتعددة على الحريات وعلى المجتمع المدني وعلى الحق النقابي وسنّ المراسيم التي تكمم الأفواه مثل المرسوم 54 الذي راح ضحيته عديد المحكومين بأحكام قاسية لمجرد التعبير عن الرأي.
الانطلاق العاجل في حوار اجتماعي
ودعت الهيئة في بيانها إلى ضرورة استئناف نشاط المجلس الوطني للحوار الاجتماعي والانطلاق العاجل في حوار اجتماعي وفتح فوري لباب التفاوض في مطالب الشغّالين المادية والترتيبية والمعنوية وتطبيق الاتفاقيات المبرمة. كما أكدت الهيئة التمسك بالمفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص وتمكين العمّال من حقّهم في الزيادة لسنة 2025 وما تلاها ومراجعة الاتفاقية الجماعية المشتركة والاتفاقيات القطاعية .