مباحثات تثبيت الهدنة المرحلة الثانية في مهب الريح ومساع أمريكية لضبط إيقاع الاتفاق الهش

تكثفت المباحثات بين الوسطاء والدول الراعية

لاتفاق الهدنة بين حماس والاحتلال الصهيوني وذلك من أجل إتمام مراحل وقف اطلاق النار وتثبيت الهدنة المكونة من 20 نقطة. اذ يزور القاهرة منذ يوم السبت وفد من حماس بقيادة خليل الحية رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة لإجراء محادثات مع مصر. فيما حل نائب الرئيس الأمريكي جيه.دي فانس في دولة الاحتلال امس.

وتضمنت المرحلة الأولى من الاتفاق وقف القتال وإعادة الرهائن وزيادة تدفقات المساعدات وانسحاب جزئي لقوات الاحتلال إلى "الخط الأصفر".

وفي تطور لافت ضمن المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، تسلّمت ''إسرائيل'' مساء الإثنين جثة أحد الرهائن الذين كانوا محتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية حماس، عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وجاء هذا التسليم في ظل أجواء من الهدوء الحذر الذي بدأ يسود مناطق القطاع بعد تصعيد دامي يوم الأحد، أودى بحياة 44 شهيدا فلسطينيا.لكن هذا الهدوء سرعان ما تخللته خروقات إسرائيلية جديدة، تمثلت في غارات وقصف قرب المناطق الشرقية لمدينة غزة، ولا سيما عند الخط الفاصل المعروف بـ"الخط الأصفر"، حيث استشهد عدد من الفلسطينيين ، في خرق مباشر لبنود الاتفاق، ما يهدد بإعادة التصعيد وتقويض فرص تثبيت التهدئة.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سجلت قوات الاحتلال 80 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار منذ لحظة الإعلان عنه، ما أسفر عن استشهاد 97 فلسطينيا وإصابة 230 آخرين. واعتبر المكتب هذه الأرقام دليلا دامغا على انتهاك إسرائيل الفاضح للقانون الدولي الإنساني، محذرا من انهيار التهدئة في حال استمرار التصعيد الإسرائيلي.
في ذات السياق، كشف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في خطاب أمام الكنيست أمس الأول، أن ''إسرائيل'' ألقت 153 طنا من القنابل على غزة خلال يوم واحد فقط، ردًا على مقتل الجنديين، في خطوة أثارت موجة تنديد واسعة وأعادت التساؤلات حول نوايا الحكومة الإسرائيلية تجاه التهدئة.

جمود في الانتقال للمرحلة الثانية

رغم دخول التهدئة حيز التنفيذ جزئيا، تُصرّ حكومة الاحتلال على تأجيل الانتقال إلى المرحلة الثانية" من الاتفاق، والتي يفترض أن تشمل مفاوضات جوهرية حول التهدئة الدائمة، وإعادة الإعمار، ورفع الحصار. ويمثل الشرط الإسرائيلي المعلن هو تسلّم كامل جثث المحتجزين في غزة قبل أي نقاش سياسي أو تفاوضي، ما اعتبرته فصائل المقاومة الفلسطينية تراجعا عن الاتفاق الأصلي.
وأكد مصدر فلسطيني مطلع وفق صحيفة القدس العربي أن الاحتلال لم يظهر حتى الآن أي نية حقيقية للدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، واقتصرت اتصالاتها مع الوسطاء على ملفات المرحلة الأولى، بما في ذلك إدخال المساعدات وتسليم الجثامين.
وبحسب المصدر، فإن الفصائل الفلسطينية عبّرت عن استيائها من هذا التعنت، وطلبت من الوسطاء، وخاصة الإدارة الأمريكية، الضغط على ''إسرائيل'' للالتزام بما تم التفاهم عليه، وإعطاء إشارة جدية بشأن استكمال مسار الاتفاق.
تحركات أمريكية مكثفة

في ظل هذه الأجواء المشحونة، بدأ أمس نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس زيارة رسمية إلى الاراضي المحتلة، تمتد حتى الخميس المقبل، في إطار جهود واشنطن لدعم اتفاق وقف إطلاق النار وتثبيته على الأرض. وذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن فانس يعتزم زيارة قطاع غزة أيضا، في خطوة تحمل رمزية سياسية عالية، وسط تباين المواقف بين واشنطن وتل أبيب بشأن بعض تفاصيل الاتفاق.
وتأتي الزيارة بعد لقاءات أجراها نتنياهو مع مبعوثي إدارة ترامب السابقين، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، اللذين يشاركان في مباحثات غير رسمية حول المرحلة التالية من خطة التهدئة، المؤلفة من 20 نقطة. إلا أنّ الأجواء الحالية لا تبشّر بتحقيق اختراقات وشيكة، خاصة مع تصلب الموقف الإسرائيلي، وتردد واشنطن في ممارسة ضغط مباشر على تل أبيب.
ووفق مراقبين يعكس الوضع الراهن في غزة هشاشة التفاهمات، ومحدودية تأثير الضمانات الدولية، في ظلّ اختلال موازين القوى الميدانية والسياسية. فعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق برعاية قوى إقليمية ودولية، فإن سلوك ''إسرائيل'' على الأرض يهدّد بتفجير الوضع من جديد.
وتبدو زيارة فانس محاولة أمريكية لإعادة واشنطن إلى قلب المعادلة، بعد أن خسرت بعضا من نفوذها الإقليمي لصالح أطراف دولية أخرى. غير أنّ غياب الإرادة السياسية الحقيقية لدى الاحتلال الاسرائيلي، واستمرارها في ربط الملفات الإنسانية بالاشتراطات الأمنية، يجعل من هذه التحركات مجرد إدارة مؤقتة للأزمة، لا معالجة لجذورها.
وفيما تسعى بعض الأطراف الدولية إلى تثبيت وقف إطلاق النار، يصر الاحتلال الإسرائيلي على ابتزاز سياسي وإنساني مكشوف، يعقّد مسار الاتفاق ويضع مستقبل غزة أمام سيناريوهات مفتوحة على التصعيد.
لقاءات سياسية وأمنية
من المقرر أن يلتقي فانس بكل من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع، إضافة إلى مسؤولين أمنيين. وتشير التسريبات إلى أن فانس سيبحث ملفات تتعلق بضمان استمرار وقف إطلاق النار و التنسيق الأمني في الضفة الغربية، و جهود إعادة إعمار غزة والحد من نفوذ إيران وحزب الله في المنطقة.
ومن المرجح أن يزور أيضا مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، في خطوة قد تثير جدلا دوليا، خاصة وأنها بمثابة دعم غير مباشر للاستيطان.
ويرى محللون أن زيارة فانس لا تشير إلى تحول جذري في السياسة الأمريكية، بل إلى محاولة لإعادة التموضع بعد تراجع مكانة الولايات المتحدة في المنطقة أمام فاعلين آخرين، مثل الصين وروسيا وتركيا.
ووفق متابعين فإن زيارة نائب الرئيس الأمريكي إلى إسرائيل في هذا التوقيت الحرج ليست مجرد جولة دبلوماسية، بل جزءا من معادلة معقدة تجمع بين الأمن والسياسة والمصالح الإستراتيجية. وبينما تسعى واشنطن لتثبيت التهدئة، تبقى الشكوك كبيرة بشأن جدوى هذه التحركات ما لم تقترن بخطوات عملية نحو حل سياسي شامل ينهي حرب الإبادة ويضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
اعتقالات ومداهمات واسعة في الضفة الغربية والقدس
ميدانيا شنت قوات جيش الإحتلال الإسرائيلي فجر أمس الثلاثاء، حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، طالت عددا من الشبان الفلسطينيين، تزامنا مع تصاعد التوترات في القدس والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى.
وقالت مصادر أمنية فلسطينية إن قوات إسرائيلية اعتقلت أربعة شبان من مدينة البيرة بمحافظة رام الله عقب مداهمة منازلهم وتفتيشها.وفي محافظة الخليل جنوب الضفة، اعتقلت القوات الإسرائيلية شقيقين من بلدة الشيوخ شمال شرق المدينة كما فتشت عددا من المنازل في الظاهرية وحلحول وعبثت بمحتوياتها.

وأضافت المصادر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي نصبت حواجز عسكرية على مداخل مدينة الخليل وبلداتها، وأغلقت طرقا رئيسية وفرعية بالمكعبات الإسمنتية والسواتر الترابية، ما تسبب في إعاقة حركة المواطنين وتفتيش مركباتهم والتدقيق في بطاقاتهم الشخصية.أما في القدس الشرقية، أجبرت السلطات الإسرائيلية مواطنا من بلدة الطور على هدم منزله ذاتيا، بذريعة البناء دون ترخيص. وتبلغ مساحة المنزل 110 أمتار مربعة ويؤوي سبعة أفراد.
وقالت محافظة القدس إن العائلة فقدت مأواها الوحيد بعد 21 عاما من السكن فيه، معتبرة أن هذه الإجراءات تأتي ضمن “سياسة ممنهجة تستهدف الوجود الفلسطيني في المدينة”.وفي سياق متصل، اقتحم عشرات المستوطنين باحات المسجد الأقصى صباح اليوم، تحت حماية مشددة من الشرطة الإسرائيلية، وأدوا طقوسا تلمودية أمام قبة الصخرة، بحسب محافظة القدس التي اعتبرت هذه الاقتحامات “تصعيدا خطيرا وانتهاكا لحرمة المسجد”.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار حالة التوتر الميداني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ قبل نحو أسبوعين.

986 شاحنة مساعدات دخلت القطاع
ميدانيا قالت ''حكومة غزة''، أمس الثلاثاء، إن 986 شاحنة مساعدات فقط دخلت القطاع منذ بدء سريان وقف إطلاق النار مع ''إسرائيل''، من أصل 6600 شاحنة يفترض دخولها حتى مساء الاثنين وفق الاتفاق.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي في بيان، أن ''إجمالي ما دخل إلى قطاع غزة منذ بدء سريان قرار وقف إطلاق النار بلغ 986 شاحنة مساعدات إنسانية فقط من أصل 6 آلاف و600 شاحنة يفترض دخولها حتى مساء الاثنين 20 أكتوبر 2025، وفقاً لما تم الاتفاق عليه في نصوص القرار".

وأضاف أن “متوسط عدد الشاحنات التي تدخل القطاع يوميا منذ بدء سريان وقف إطلاق النار لا يتجاوز 89 شاحنة فقط، من أصل 600 شاحنة يُفترض دخولها يوميا”.ورأى المكتب الحكومي أن ذلك “يعكس استمرار سياسة الخنق والتجويع والابتزاز الإنساني التي يمارسها الاحتلال بحق أكثر من مليونين و400 ألف مواطن في غزة”.
وشدد المكتب الحكومي على أن هذه الكميات المحدودة الواصلة إلى القطاع “لا تغطي الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية والمعيشية”.وجدد تأكيده حاجة القطاع الماسة “لتدفق منتظم لما لا يقل عن 600 شاحنة مساعدات يوميا، بما يشمل المواد الغذائية والطبية والإغاثية ووقود التشغيل وغاز الطهي، لضمان الحد الأدنى من مقومات الحياة”.واتهم متحدث حركة “حماس” حازم قاسم، إسرائيل “باستغلال ملف المساعدات لابتزاز الموقف السياسي بينما تلوح بالتجويع مرة أخرى”.
وقال بهذا الصدد، في تصريح صحافي: “الاحتلال لم يتخل عن سياسة التجويع في وجه شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة”.وفي تصريح الجمعة، وصف منسق الطوارئ الأول في منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” هاميش يونغ، الأوضاع في قطاع غزة بأنها “كارثية”.
وأكد أن اليونيسيف بحاجة إلى قدر كبير من الإمدادات الغذائية من أجل معالجة آثار المجاعة في شمال قطاع غزة.
وبالتزامن مع بدء حرب الإبادة الجماعية في 8 أكتوبر 2023، ارتكبت إسرائيل سياسة تجويع ممنهجة بالقطاع ما تسبب بإزهاق أرواح 463 فلسطينيا بينهم 157 طفلا.ولم تفلح المساعدات الإنسانية الشحيحة الواصلة إلى القطاع بموجب اتفاق وقف النار بين حماس وإسرائيل والذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الجاري، في كسر المجاعة أو البدء بمعالجة آثارها، خاصة وأن ذلك يترافق مع تدهور حاد في الأوضاع الاقتصادية لمعظم الفلسطينيين ما يحول دون قدرتهم على شراء المواد الغذائية.

وحولت الإبادة الإسرائيلية التي استمرت عامين فلسطينيي قطاع غزة إلى “فقراء”، وفق معطيات سابقة للبنك الدولي.كما أسفرت الإبادة عن استشهاد 68 ألفا و216 فلسطينيا، وإصابة 170 ألفا و361 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، وألحقت دمارا طال 90 بالمائة من البنى التحتية المدنية في القطاع.
قلق أممي

من جهتها أعربت الأمم المتحدة عن "قلقها" من انتهاك ''إسرائيل'' لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ودعت إلى الامتناع عن أي أعمال قد تؤدي إلى تجدد العنف وتعطيل العمليات الإنسانية.
جاء ذلك على لسان متحدث الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك بمؤتمر صحفي عقده، مساء الاثنين، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.وأعرب دوجاريك عن "تفاؤله بتأكيد الأطراف التزامها بتطبيق وقف إطلاق النار" في غزة، وعن "تقديره للجهود الحثيثة التي يبذلها الوسطاء".وأضاف: "مع ذلك ما زلنا قلقين من جميع أعمال العنف في غزة والهجمات التي أُبلغ عنها أمس".ولم يذكر دوجاريك إسرائيل في بيانه، لكنه دعا جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها بحماية المدنيين والامتناع عن أي أعمال قد تؤدي إلى تجدد العنف وتعطيل العمليات الإنسانية.
وردا على سؤال عما إذا كانت الأمم المتحدة تشارك في رصد الانتهاكات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، أجاب دوجاريك بأن الأمم المتحدة ليست جزءا من آلية مراقبة وقف إطلاق النار وفق ''الأناضول".
وأضاف: "ينصب تركيزنا في غزة حاليا على المساعدات الإنسانية. ولا شك أننا أثناء قيامنا بعملنا نشهد حوادث ونعارضها، لكننا لسنا جزءا من آلية مراقبة رسمية".وفي معرض حديثه عن الوضع في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، قال دوجاريك إنه وفقا لسجلات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وُثِّق 71 هجوما إسرائيليا على الأراضي الفلسطينية بين 7 و13 أكتوبر الجاري.

وأشار إلى أن نصف هذه الاعتداءات كانت مرتبطة بموسم قطف الزيتون الحالي، وأن 27 قرية تكبدت خسائر في الأرواح والممتلكات جراء الهجمات على المزارعين الفلسطينيين ومعداتهم، وإلحاق الضرر بأشجار الزيتون، وسرقة المحاصيل.ويتعرض المزارعون الفلسطينيون سنويا خلال موسم قطف الزيتون، الذي يمتد خلال شهري أكتوبر ونوفمبر ، لاعتداءات متكررة من قبل مستوطنين تحت حماية الجيش، ما يحول في كثير من الأحيان دون وصولهم إلى أراضيهم.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115