تآكل الادخار وارتفاع العجز التجاري ابرز مخاطره الاستهلاك محرك النمو الأبرز في السنوات الأخيرة

ارتبط النمو الاقتصادي في تونس على وجه الخصوص بالاستهلاك

وهو العامل الأبرز في الأوقات التي تعطلت فيها ماكنة الإنتاج وعلى الرغم من الأداء السلبي لاستهلاك كمحرك للنمو في زمن ارتفاع التضخم إلا انه عاد إلى دعمه للنمو في تونس.

كانت مساهمة الاستهلاك في النمو الاقتصادي ابرز تفصيل في نشرية النمو الاقتصادي للمعهد الوطني للإحصاء ، وعلى الرغم من أهميته في تعزيز نسب النمو إلا انه ينطوي على مخاطر كبيرة إذا لم يوازيه نموا في الاستثمار والإنتاج، كما أن ارتفاع الاستهلاك ما لم يقابله نموا في الإنتاج يزيد من الضغوط على الميزان التجاري ويزيد من العجز الكبير الذي يشكوه منذ سنوات ففي الثلاثي الثاني كانت مساهمة الطلب الداخلي المكون من نفقات الاستهلاك والاستثمار في النمو ب 3.59% في نسبة النمو المسجلة للناتج المحلي الإجمالي والمقدرة ب 3.2%.وفي دراسة سابقة للمعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية تم التاكيد على ان الاستهلاك أكبر مساهم في النمو .
والى حدود شهر جوان أي في نهاية الثلاثي الثاني نمت الواردات بنسق أسرع من الصادرات مما جعل اختلال الميزان التجاري مستمرا حيث بلغ 9.9 مليار دينار مسجل تطورا ب 23.5% مقارنة بالعام الفارط.
إن النمو القائم على الاستهلاك يؤدي حتما إلى تآكل الادخار الوطني وهو فعلا ما تم تسجيله وفق التقرير السنوي للبنك المركزي الذي أكد المنحى التنازلي للادخار في العام الفارط مسجلا نسبة 8.6% وفي علاقة بتفاصيل النمو فان نهاية العام 2024 ارتفع حجم الطلب الداخلي، المتكوّن من نفقات الإستهلاك و الإستثمار، مساهما ايجابيا بـ 7.5%في نسبة النمو المسجلة للناتج المحلي الإجمالي المقدرة ب 2.4%.
كما أن ارتكاز النمو على الاستهلاك يضعف القدرة على الصمود أمام الأزمات وتقلبات الأسعار العالمية هذا إلى جانب ارتفاع البطالة وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى ارتفاع البطالة في تونس ففي نهاية الثلاثي الثاني بلغت نسبة البطالة 15.3%.
إذا النمو المدفوع بالاستهلاك في تونس غالبًا يكون ظرفي ومؤقت، ولا يُحدث نقلة نوعية في الإنتاجية أو التشغيل.
وبارتفاع الطلب على السلع الموردة أساسا فان الدولة تتكفل بتمويل جزء من هذا الاستهلاك من خلال آلية الدعم خاصة دعم المواد الأساسية والطاقة الأمر الذي يزيد من مخاطر المديونية.
واعتماد الاقتصاد على الاستهلاك له ايجابيات لعل أبرزها تشجيع الإنتاج لتلبية الطلب مما يساهم في خلق فرص عمل جديدة وبالتالي تقليص البطالة المرتفعة.
لكن لا يمكن لاي اقتصاد ان يظل صامدا طويلا اذا ما اعتمد بصفة كبيرة على عامل او عاملين لتحقيق نمو متواضع بل ان بقية محركات النمو لها قيمة مضافة عالية اذا ما سجلت نفس المستوى للطلب الداخلي.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115