تتصاعد المطالب بإسقاط حكومة رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك بعد فشل سياسته في التعامل مع الحرب الأخيرة في قطاع غزة. وتصاعدت الانتقادات ضدّ سياسات نتنياهو وحكومته من قبل المعارضة الإسرائيلية إذ يعتبر البعض أنّ سياسات نتنياهو تسبّبت في تفاقم الوضع وزيادة التوتر في المنطقة، بعد فشله وعجزه عن حسم الحرب في ظلّ خسائر فادحة تكبّدتها حكومته في حربها ضدّ المقاومة الفلسطينية الصامدة منذ أشهر . ويرى مراقبون أن استمرار تصاعد التوتر وحرب الإبادة في غزة وتزايد الانتقادات الداخلية قد يؤدي في النهاية إلى نتائج سياسية قاسية تهدد بقاء نتنياهو في السلطة.
وبدأت يوم أمس ''جبهة الرفض الإسرائيلية'' مساعيها لإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو بعدما أعلن ثلاثة من رؤساء الأحزاب المعارضة عن تشكيل مقر قيادة لهذا الهدف، ضمن لقاء دعوا فيه الوزيرين في مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت لمغادرة الائتلاف الحاكم، وسط توقعات بأن حكومة جديدة ستبادر لوقف الحرب والذهاب إلى صفقة كبرى كما تريد واشنطن.واجتمع يائير لبيد، رئيس حزب ''يش عتيد''، وأفيغدور ليبرمان، رئيس حزب ''إسرائيل بيتنا'' وغدعون ساعر، رئيس حزب ''تكفاه حداشاه''، وأعلنوا عن سعي مشترك للإطاحة بنتنياهو في ظل إخفاقاته وفشل حكومته في تحقيق أهداف الحرب المعلنة على غزة.
ومنذ بدء الحرب في اكتوبر تقود جماعات المعارضة داخل الكنيست والمنظمات السياسية والمدنية حملات منظمة للضغط على الحكومة لتغيير سياستها والبحث عن حلول دبلوماسية للصراع الدائر. وتطالب هذه الجماعات بوقف العمليات العسكرية في غزة والبحث عن حلّ سياسي يضمن الإفراج عن المحتجزين.
ووسط هذا الضغط المتزايد، يجد نتنياهو نفسه في موقف محرج، حيث يجب عليه التصدي للانتقادات الداخلية والخارجية، بينما يحاول الحفاظ على وحدة التصويت داخل الكنيست ودعم حكومته. ومع تصاعد المطالبات بتشكيل حكومة جديدة أو إجراء انتخابات مبكرة، يواجه نتنياهو تحديات سياسية كبيرة تهدّد استمراره في السلطة.
في النهاية، فإن مستقبل الحكومة الإسرائيلية ورئيسها يعتمد على قدرتهم على التعامل مع التحديات الراهنة وتلبية تطلعات الشعب الإسرائيلي نحو الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة.
هذا وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة،أمس الخميس، ارتفاع حصيلة الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 36 ألفا و224 شهيدا، و81 ألفا و777 مصابا، منذ 7 أكتوبر الماضي.وقالت الوزارة في تقريرها الإحصائي اليومي أنه "ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم".وفي بيان آخر ناشدت وزارة الصحة جميع المؤسسات الدولية والجهات المعنية بضرورة فتح معابر قطاع غزة وتسهيل خروج المرضى والجرحى للعلاج بالخارج".وقالت إنّ ذلك يأتي "في ظلّ انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة، وحاجة آلاف المرضى للعلاج بالخارج، ومع استمرار الاحتلال الإسرائيلي بالسيطرة على المعابر وإغلاقها".
ومنذ 6 ماي الجاري، تشنّ إسرائيل هجوما بريا في رفح (جنوب)، واستولت في اليوم التالي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح؛ مما تسبب بإغلاقه أمام دخول المساعدات الإنسانية المحدودة بالأساس.كما أغلقت إسرائيل معبر كرم أبو سالم أمام حركة دخول المساعدات في الـ5 من ماي الحالي.
وقال محافظ البنك المركزي الإسرائيلي أمير يارون إنه يقدّر أن الحرب على غزة ستكلف في السنوات 2023 إلى 2025 ما يصل إلى 253 مليار شيكل (67 مليار دولار)، من نفقات الدفاع، والاحتياجات المدنية والإيرادات الضريبية المفقودة.
وحذّر يارون أثناء حديثه في مؤتمر من أن تكاليف الحرب الأمنية والمدنية "كبيرة" وتشكل عبئًا على الميزانية. وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تنمو الميزانية العسكرية مستقبلًا بشكل دائم وأن يكون لها تأثير على الاقتصاد الكلي، محذراً من إعطاء الجيش "شيكاً على بياض."
محاكمة ''إسرائيل''
من جهته قال الكاتب والحقوقي الفلسطيني مصطفى إبراهيم لـ''المغرب'' أنّ قرار إصدار أوامر اعتقال، عن المحكمة الجنائية، لا يعني نهاية الإفلات من المسؤولية والعقاب بالنسبة للمسؤولين الإسرائيليين، فهذه ليست النهاية، قد تكون البداية، فكم الملفات والتحقيقات كبير جداً، والاحتلال والاضطهاد طويلا الأمد.
وتابع '' الحرب في غزة مستمرة، وإسرائيل مصممة على إبادة الفلسطينيين وملاحقتهم وقتلهم، وكأنها ما تزال تعيش لحظة الصدمة الأولى التي عاشتها في 7 أكتوبر، ويضاعف هذه الصدمة جرأة المدعي العام للمحكمة الجنائيّة الدوليّة في لاهاي القاضي كريم خان، بإصدار أوامر اعتقال ضدّ رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، بشُبهة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزّة''. وأكد محدثنا "وبرغم وجود تسريبات حول توجهات المدعي العام، حول نيته إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، لكن إعلان الأوامر أحدث ضجة واضطراباً في إسرائيل، فبدأت بممارسة الضغط على المحكمة وتهديد قضاتها، مما يدل على تأزمها داخلي وضعف موقفها أمام الرأي العام العالمي، خلافاً لما كانت عليه في الماضي، هي التي تعتبر نفسها تمتلك حصانة قانونية، تحميها من المساءلة، مهما بلغت مستويات عنفها وخطابها العنصري".
وتابع ''وعلى الرغم من حالة الجدل والنقاش حول أهمية قرار الجنائية الدولية، ما زالت ردود أفعال إسرائيل وحكومتها ومعارضتها عنيفة، ضد المدعي العام وضد العالم أجمع، والاتهامات جاهزة للإدانة، وهي تهمة “معاداة السامية”.وظهرت عنصرية الخطاب الإسرائيلي والشعور الفوقي وعجرفة نتنياهو والمسؤولين الإسرائيليين، برفضهم مقارنة المحكمة للسنوار والضيف وهنية بمسؤولين إسرائيليين، مع تجاهل تام لحقيقة أن المحكمة مؤسسة قانونية دولية وجسم مهني مرموق'' وفق تعبيره.
وأكد محدثنا "من الغريب أن المدعي العام لم يقدم اتهاماً ضد غانتس، فهو إضافة إلى فترة ولايته الحالية كوزير في مجلس الحرب، شغل منصب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة 2014، وارتكب جرائم حرب، بناء على تقرير تقصي الحقائق، الذي أعده مجلس حقوق الإنسان في حينه".وتابع إبراهيم "وينظر الفلسطينيون إلى القرار وأهميته، لجهة البعد الأخلاقي والسياسي، ويأملون بعد 76 عاماً وهو عمر الاحتلال ونكبة فلسطين، أن تصبح إسرائيل في نظر العالم متهمة ودولة معزولة، وأن تتم محاسبتها ومساءلة المسؤولين فيها. والتساؤل هل يعني قرار الجنائية الدولية نهاية إفلات الإسرائيليين من العقاب؟ لا يعني قرار إصدار أوامر اعتقال، عن المحكمة الجنائية، نهاية الإفلات من المسؤولية والعقاب بالنسبة للمسؤوليين الإسرائيليين، فهذه ليست النهاية، قد تكون البداية، فكم الملفات والتحقيقات كبير جداً، والاحتلال والاضطهاد طويلا الأمد، كما أن الأمر ليس متعلقاً بقضية الإبادة والحرب الشاملة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، فقط، فهناك "جدارة نظام العدالة الإسرائيلي" الذي أشار إليه المدعي العام مباشرة (من دون تسميته)" على حد تعبيره .
فجوة بين مساعدات واشنطن لفلسطين ولإسرائيل
من جهة أخرى تظهر بيانات رسمية أمريكية فجوة ضخمة بين المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لفلسطين، وتلك التي تخصصها لحليفتها إسرائيل، حيث ساعدت واشنطن تل أبيب أكثر بـ27 ضعفا مما قدمته إلى فلسطين.
وبينما تواجه إسرائيل تهما بارتكاب جرائم إبادة جماعية في محكمة العدل الدولية في لاهاي، أعربت منظمات إنسانية مثل ""هيومن رايتس ووتش، عن القلق من استخدام حكومة بنيامين نتنياهو التجويع كشكل من أشكال القمع ضد المدنيين الفلسطينيين.وفيما تنفي إسرائيل هذه الاتهامات، واصلت الولايات المتحدة دعمها الثابت لها، حتى رغم اتهام تل أبيب بتعمد "التطهير العرقي" بحق الفلسطينيين.
وفي محاولة للرد على انتقادات واسعة النطاق للتحيز في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أعلن البنتاغون في 8 مارس الماضي أنه سينشئ ضمن مهمة طارئة رصيفا بحريا على شاطئ غزة بتكلفة 320 مليون دولار لإيصال نحو 2 مليون وجبة يوميًا.
ولاحقا، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، أنه تم تسليم إجمالي 1005 أطنان مترية من المساعدات الإنسانية بدءا من 24 ماي الجاري، عبر الرصيف المؤقت إلى غزة منذ بدء تشغيله الأسبوع السابق، وتم تسليم 903 أطنان مترية من تلك المساعدات للأمم المتحدة.
وتعرض الرصيف لأضرار بسبب سوء الأحوال الجوية وأمواج عاتية أدت إلى تفكيكه، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع "البنتاغون"، ما دفع إلى تفكيكه وسحبه إلى ميناء أسدود وسط إسرائيل لإصلاحه على أن يعاد تثبيته بعد نحو أسبوع.ومنذ اندلاع الحرب الحالية عقب هجوم حماس على مستوطنات إسرائيلية محاذية لغزة في 7 أكتوبر، استخدمت الولايات المتحدة كل الوسائل الممكنة لنقل المساعدات إلى إسرائيل. ووفق تقرير نشرته "الأناضول"" جمعت فيه بيانات تتعلق بحجم المساعدات الأمريكية لكل من غزة وإسرائيل منذ 8 مارس الماضي، مما يظهر وجود فجوة كبيرة بين المساعدات التي تتلقاها إسرائيل وغزة.فوفقًا لبيانات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وخدمة أبحاث الكونغرس، تعد إسرائيل أكبر متلقّ للمساعدات الأمريكية على الإطلاق.
وتظهر البيانات أن الولايات المتحدة تبرّعت لإسرائيل بمبلغ ضخم قدره 297 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين بين عامي 1946 و2023، في إطار مساعدات اقتصادية وعسكرية، فيما احتلت مصر المرتبة الثانية بإجمالي 167 مليار دولار.كما وافقت الولايات المتحدة مؤقتا على تزويد إسرائيل بنحو 4 مليارات دولار سنويا حتى عام 2028، منذ إطلاق البنتاغون "مهمة طارئة لنقل المساعدات إلى غزة".
صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" ذكرت في مقال، أن هذه المساعدات تدعم في المقام الأول الجيش الإسرائيلي، كما تشمل تمويلًا لأغراض مماثلة.وبحسب الصحيفة، وافقت الولايات المتحدة على مبلغ 5.2 مليارات دولار، مساعدة لتجديد وتوسيع أنظمة الصواريخ (الهجومية والدفاعية) الإسرائيلية، وخصصت 3.5 مليارات دولار لشراء أنظمة أسلحة متقدمة.
كما منحت واشنطن تل أبيب مليار دولار إضافية لتعزيز إنتاج الأسلحة الإسرائيلية، بينما خصصت 4.4 مليارات دولار للإمدادات والخدمات الدفاعية الأخرى المقدمة لإسرائيل.
ومؤخرًا، تم تخصيص 2.4 مليار دولار تقريبا لدعم "العمليات الأمريكية" فيالمنطقة (مثل سنتكوم)، وسط الحرب المستمرة على غزة.
وفي السياق، يمكن القول إن مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب الأمريكي في 20 افريل الماضي، كان بمثابة أحد المؤشرات الحاسمة لموقف الولايات المتحدة تجاه إسرائيل وغزة، حيث خصص 17 مليار دولار قيمة مساعدات دفاعية لإسرائيل، مقابل 2 مليار دولار فقط لغزة.
من ناحية أخرى، تظهر البيانات الصادرة عن خدمة أبحاث الكونغرس التابعة للكونغرس الأمريكي، أن الولايات المتحدة قدمت أكثر من 5 مليارات دولار من المساعدات للفلسطينيين منذ عام 1994.وقبل ذلك التاريخ، كانت المساعدات الأمريكية لفلسطين غالبا ما تقدم عبر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".وتظهر بيانات المركز ذاته أنه منذ عام 1950، تخطى إجمالي المساعدات الأمريكية للفلسطينيين من خلال الأونروا 6 مليارات دولار، ليصل المجموع إلى 11 مليار دولار.وبناء على ما تقدم، قالت "الأناضول'' أن الولايات المتحدة ساعدت إسرائيل ماديا بما قيمته أكثر بـ 27 مما ساعدت فلسطين.