قهوة الأحد: الجنوب في النظام العالمي : (4) مجموعة "البريكس" وآفاق وتحديات التوازن العالمي الجديد

لئن ظهرت مجموعة "البريكس" في جوان 2009 في مؤتمرها الأول

الذي انعقد في روسيا الا ان حضورها أخذ أهمية كبرى في النقاش حول مستقبل النظام العالمي في مؤتمرها الخامس عشر بجوهانسبورج في افريقيا الجنوبية. وأتت هذه الأهمية والتركيز جراء الوضع العالمي الذي انعقد فيه هذا المؤتمر والذي ارتبط بثورة بلدان الجنوب وامتعاضها من النظام العالمي ورفض البلدان المتقدمة كل مطالب الإصلاح التي قدمتها بلدان الجنوب المعولم ليحافظ على الفجوة والتفاوت بين مختلف اطرافه مكوناته. وقد أعطت هذه الهبة لبلدان الجنوب المعولم ورفضها مواصلة الهيمنة الأحادية للبلدان المتقدمة الفرصة لبلدان "البريكس" للخروج من سباتها ومحاولة لعب دور اكثر ديناميكية لإنهاء الهيمنة الغربية والقيام بإصلاحات حقيقية للنظام العالمي. وسنقف في هذا المقال على الآفاق الجديدة التي يفتحها الوضع العالمي اليوم للتسريع في مشروع مجموعة "البريكس" لبناء توازن عالمي جديد في نفس الوقت التحديات والصعوبات التي يحملها هذا المسار

- في جذور "البريكس" وحلم إصلاح النظام العالمي
تعود تسمية "البريكس" إلى الاقتصادي البريطاني جيم اونيل (jim o'Neill) في تقرير أعده البنك الاستثماري قولدمان ساكس (Goldman sacks) سنة 2001. حول التحولات الكبرى التي يعرفها الاقتصاد العالمي وخاصة في البلدان الصاعدة وهي في ذلك الوقت الصين والهند والبرازيل وروسيا والتي أصبحت تلعب دورت كبيرا بعد نسب النمو الكبيرة وذات الرقمين التي شهدتها في التسعينات وتواصلت خلال العشرية الأولى للألفية. وحسب هذا التقرير فإن وزن هذه البلدان في الاقتصاد العالمي وزن الستة البلدان الكبار وهي الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا واليابان وفرنسا وإيطاليا وانقلترا.
وقد أكدت هذه الدراسة على فرضية أساسية وهي ان نجاح هذه البلدان كان نتيجة خروجها من نمط الدولة المهيمنة والمرور إلى اقتصاد السوق والانفتاح على العولمة. ورغم من عديد الاتصالات الأولية النقاشات بين هذه البلدان الأربع لم تر فكرة تكوين منظمة عالمية جديدة توحد مواقف بلدان الجنوب لن ترى النور الا سنة 2009. فقد انعقد المؤتمر الأول بين رؤساء بلدان حكومات هذه البلدان قمتها بدعوة من الرئيس الروسي بوتين في جوان 2009. في روسيا. واقتصرت هذه المنظمة في بداياتها على أربع دول وهي البرازيل والهند والصين وروسيا. وستلتحق افريقيا الجنوبية في قمتها الثالثة في الصين في أفريل 2011. وفتحت هذه المجموعة المجال للملاحظين لحضور قمتها الثامنة في سبتمبر 2017 في الصين والتي عرفت حضور المكسيك ومصر غينيا وطاديكستان حيث تم لأول مرة طرح مسألة توسيع المنظمة درس إمكانية وفتح المجال لدول أخرى للانضمام لهذه المجموعة. وقد اهتمت بلدان مجموعة "البريكس" منذ انطلاقها في العمل على بناء مؤسسات التعاون بينها وهيكلة المجموعة. ولعل اهم قرار أخذته كان الإعلان الرسمي. عن تكوين بنك عالمي جديد في قمة 2015 في روسيا.
وقد اطلقت على هذا البنك تسمية "بنك التنمية الجديد * او ( New développement Bank) والذي اعتبر بديلا للبنك الدولي. تتولى اليوم رئاسة هذا البنك الموجود في شانقهان في الصين الرئيسية البرازيلية السابقة ديما روساف (Delma Roussef) الى جانب المجال المؤسساتي فقد اهتمت مجموعك "البريكس" منذ انطلاقتها بالجانب السياسي وإيجاد أرضية مشتركة لمواقفها.
وقد التقت مواقفها حول نقد المنظومة الدولية وخاصة ومؤسساتها البنك الدولي وصندوق حيث لم تتمكن هذه البلدان من فرض إصلاحات تمثيلية تضاهي حجمها في الاقتصاد العالمي. وقد طالبت هذه البلدان بضرورة تطبيق إصلاحات عميقة للنظام العالمي للحد من الفجوة والتفاوت وعدم المساواة وبين أقطاب النظام العالمي وبلدان الجنوب. وكانت جائحة الكوفيد 19 فرصة لبلدان المجموعة للتنديد بانانية بلدان الشمال والتي أعطت الأولوية لبلدانها في الحصول على التلاقيح ضاربة عرض الحائط بمبدأ التضامن بين مكونات المنظومة الدولية. وقد أعطت قمة سبتمبر 2021 والتي تمت عن بعد الفرصة لبلدان البريكس للتعبير عن غضبها وسخطها من التفاوت الكبير في الحصول على التلاقيح وفي مجابهة الحوائج الازمات العالمية. إلا أنه وبالرغم من هذا النقد الموجه للنظام العالمي فقد أكدت هذه البلدان على تمسكها بنظام متعدد الأطراف ( multibléralisme) على ضمان الأمن والسلام العالمي. الا ان هذه المجموعة طالبت بضرورة القيام بإصلاحات عميقة وجذرية على هذا النظام المتعدد الأطراف لجعله اكثر انفتاحا على تطلعات بلدان الجنوب.
لئن أثار تكوين هذه المجموعة في 2009 الكثير من الاهتمام والامال. إلا أنه سرعان ما اصابها الكثير من الكسوف ليتراجع هذا التركيز وتدخل هذه المجموعة في شيء من الروتين كالعديد من المنظمات العالمية الأخرى. إلا ان هذه المجموعة عادت إلى الاضواء واسترجعت الكثير من بريقها وتأثيرها بعد ثورة الجنوب المعولم وعشية قمتها الخامسة عشرة في جنوب افريقيا في اوت 2022.وقد حملت على عاتقها مهام إنهاء الهيمنة الغربية على النظام العالمي وبناء منظومة اكثر عدلا وانفتاحا على مطالب الجنوب. فهل ستنجح هذه المجموعة في أحداث هذه الرجة الكبيرة في النظام الدولي وبناء موازين قوى جديدة منفتحة على الجنوب المعولم ؟
- مجموعة البريكس وآفاق التوازن العالمي الجديد
تزامنت القمة 15 لمجموعة البريكس مع التعبئة والاستنفار الذي عرفته بلدان الجنوب اثر الحرب الروسية في أوكرانيا. واتجهت كل الأنظار إلى مجموعة" البريكس" وقمة افريقيا الجنوبية لأخذ مطالب بلدان الجنوب لإصلاح النظام العالمي واعطائها الأهمية التي تستحقها. واكتست هذه القمة قيمك كبرى باعتبارها أتت في مسار تراكمي للحشد الذي يعرفه الجنوب المعولم. وقد نجحت هذه القمة في إخراج مجموعة البريكس من الروتين الذي دخلت فيه منذ سنوات وأعطتها اهتماما مجددا على الساحة الدولية ومن قبل التجمعات السياسية والاقتصادية الكبرى وخاصة مجموعة الدول الغربية. وقد نجحت هذه القمة ومجموعة" البريكس" في إعطاء زخم جديد المطالب الجنوب المعولم في إصلاح النظام العالمي وإضفاء عدالة ومساواة اكبر على مؤسساته ومبادئه وقواعده.
وقد نجحت هذه القمة في إبراز مجموعة "البريكس" كقوة عالمية جديدة تنافس القوى التقليدية وتسعى إلى إدخال إصلاحات حقيقية على النظام الدولي. وقد نجحت المجموعة في بلورة المطالب الملحة للجنوب المعولم والتعبير عنها بكل وضوح من خلال برامج وسياسات لتكون بذلك الصوت المدوي لغضب و استياء بلدان الهامش. ويمكن لنا أن نشير إلى أربعة مسائل اساسية مكنت مجموعة البريكس من ان تتبوأ هدا الموقع وان تكون الصوت المدافع عن بلدان الجنوب. تخص المسألة الأولى الجانب السياسي العام حيث أكدت مجموعة" البريكس" منذ انطلاقها على تمسكها بالمطلب التاريخي الهيكلي لبلدان الجنوب منذ حصولها على استقلالها في نهاية الخمسينات والذي يهم إصلاح الاقتصاد العالمي ليصبح اكثر عدالة ومساواة. وقد اعتبرت اغلب بلدان الجنوب ان هذه الإصلاحات هي شرط أساسي لبناء اقتصاد وطني مستقل ينهي هيمنة المركز الاستعماري. وقد اختلفت التعبيرات السياسية الجمعية لبلدان الجنوب من حركة عدم الانحياز في الستينات ومجموعة 77 التي تضم بلدان الجنوب في الأمم المتحدة الا أن مطلب اصلاح النظام العالمي لبلدان الجنوب ظل ثابتا.وقد شكل هذا المطلب قاعدة أساسية لأرضية مجموعة البريكس منذ انطلاقها حيث اكدت في اغلب القمم على ضرورة التأسيس لتوازن عالمي جديد جدير بان يكون ركيزة النظام متعدد الأطراف اما المسالة الثانية والتي مكنت بلدان البريكس من التعبير بكل فعالية على مطالب الجنوب المعلوم فيهم وزنها الاقتصادي والبشري والذي جعل منها قوة اقتصادية صاعدة.
فعلى خلاف بلدان عدم الانحياز والتي كان وزنها الاقتصادي محدودا في السبعينات فإن مجموعة البريكس عرفت تطور كبيرا في الاقتصاد العالمي منذ بداية الالفية لتصبح منافسة للبلدان الرأسمالية التقليدية .فقد تطور وزن بلدات المجموعة من %16 من الناتج العالمي سنة 2001 الى %31.5 سنة 2023.
وبعد انضمام ستة بلدان جديدة بعد قمة جنوب إفريقيا في 2023 فإن حصة مجموعة البريكس تمثل %37 من الناتج العالمي الخام .وفي نفس الوقت تمتلك بلدانها أكثر من %50 من مدخرات الطاقة في العالم .وفي نفس الوقت شهدت حصة البلدان الرأسمالية المتقدمة تراجعا كبيرا في الناتج العالمي حيث لا تمثل نسبة البلدان السبع الكبار الا الثلث .كما يمكن تأثير ببلدان مجموعة البريكس في وزنها السكان العالمي الذي يتجاوز %50 من المجموع بينما لا تمثل بلدان المجموعة السبعة (ايطاليا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا اليابان و ألمانيا وبريطانيا ) الا %9.8 من مجموع سكان العالم .
تشير هذه الأرقام ان مجموعة البريكس أصبحت تشكل قوة وازنة في النظام الدولي على عديد المستويات ومنها الاقتصادية والبشرية وفي المواد الأولية .هذه الأهمية والوزن الكبير والمتنامي لهذه المجموعة سيعطيها قوة تفاوضية كبيرة من احل فرض مطالب بلدان الجنوب لإصلاح النظام العالمي .
اما المسالة الثالثة والتي جسدت من خلالها مجموعة البريكس مطالب الجنوب المعولم لاصلاح النظام العالمي فتهم الخروج من منظومة ومؤسسات بريتون وودز اي البنك الدولي وصندوق النقد والتي وتم بعثها اثر نهاية الحرب العالمية الثانية والتي كرست هيمنة البلدان الرأسمالية المتقدمة على النظام الدولي.وبالرغم من المحاولات المتعددة لبلدان الجنوب لتوسيع من حضورها في هذه المؤسسات الا ان هذه التمثيلية بقيت محدودة حيث لا تتجاوز نسبة بلدان البريكس الخمسة عشر %15 من حقوق التصويت في البنك الدولي و%10 في صندوق النقد الدولي .
وقد اعتبرت هذه البلدان أن هذا النسبة لا تمثل وزنها الحقيقي في الاقتصاد العالمي وطالبت في مناسبات عدة بضرورة إصلاح المؤسسات الموروثة من الحرب العالمية الثانية حتى تعكس الواقع العالمي الجديد .
إلا أن هذه المطالب لم تجد أذانا صاغية لدى البلدان التقليدية والتي فضلت مواصلة هيمنتها على هذه المؤسسات .واقتصرت محاولات الاصلاح على تغييرات هامشية لم تغير موازين القوى داخل مؤسسات بريتون وودز.
وقد دفع هذا الرفض وتعنت البلدان الرأسمالية التقليدية مجموعة "البريكس" الى محاولة الخروج من منظومة بريتون وودز وبناء مؤسسات مالية واقتصادية جديدة تساعد بلدان الجنوب على دفع الاستثمار والتنمية .وفي هذا الاطار جاء تكوين "بنك التنمية الجديد " سنة 2015 الذي ولئن مازال يتحسس طريقة في النظام الدولي إلا انه يمكن أن يشكل في المستقبل بديلا عن هيمنة مؤسسات بيريتون وودز التقليدية .
أما المجال الرابع والذي بدأت بلدان "البريكس" تتصدر فيها موقعا متقدما فيخص إنهاء هيمنة الدولار.وحسب بلدان البريكس وخاصة روسيا والصين فإن انعكاسات هذه الهيمنة لا تتوقف على المجال الاقتصادي بل تتجاوزها الى المجال السياسي حيث اصبح الدولار سلاحا في يد الولايات المتحدة الأمريكية تستعمله في صراعاتها السياسية ضد بعض الدول الأخرى وخاصة بلدان الجنوب .
وفي هذا الإطار ولئن كان مطلب الرئيس البرازيلي في خلق عملة موحدة بين بلدان البريكس بعيد المنال في الوقت الحالي الا ان هذه البلدان أخذت بعض الخطوات للحد من هذه الهيمنة في المجالين التجاري والمالي .ففي المجال التجاري اتجهت عديد بلدان المجموعة ومن ضمنها الهند والصين في استعمال العملات المحلية في التجارة البينية بيهم كما بدأت الاستعدادات لإنشاء نظام مدفوعات مشترك .
اما في المجال المالي فإن البنك الجديد يسعى الى الترفيع في التمويل بالعملات المحلية من %22 الى %30 من جملة تمويلاته في سنة 2026.كما قام هذا البنك بإصدار اولى سنداته بالعملات المحلية في جنوب إفريقيا عشية قمة مجموعة البريكس في اوت 2023.
يبقى وزن هذه التطورات محدودا في تطور النظام المالي العالمي حيث يواصل الدولار هيمنته وسيطرته رغم تراجع دوره في عديد المجالات فقد تراجع دوره مثلا في احتياطيي البنوك المركزية في العالم من %65 سنة 2016 الى %59 سنة 2023.لكنه لا زال مهيمنا في الأسواق العالمية للعملات حيث %39 من مجموع المعاملات و%68 من جملة المبادلات التجارية و%48.5 من مجموع اصدار السندات على المستوى العالمي .
ورغم هذه الهيمنة فقد فتحت بلدان البريكس بقراراتها المالية والتجارية مجالات لتقليص سيطرة الدولار على النظام العالمي .وبعد سنوات منن التهميش بدأت في لعب دور مهم لمحاولة بناء توازن حديد في النظام العالمي يأخذ بعين الاعتبار مصالح بلدان الجنوب .
إلا ان هذا الدور عرف بعض المعوقات والصعوبات التي يمكن ان تحد من دور مجموعة "البريكس" وتاثيرها في النظام العالمي .
- التحديات والمعوقات امام البريكس
رغم التأثير الكبير الذي بدأت تلعبه مجموعة البريكس فإنه لابد لنا من الوقوف على بعض المعوقات والتحديات التي قد تقف حجر عثرة امام مشروع مجموعة البريكس في اعادة بناء نظام عالمي متوازن ومنفتح على أطرافه .وفي هذا المجال يمكن لنا الإشارة الى خمس تحديات اساسية قد تقلص من قدرة المجموعة على انجاز المهام التي طرحتها على نفسها في تناغم منع مطالب الجنوب المعلوم .
يهم التحدي الأول الخلافات السياسية الحادة بين أهم بلدان "البريكس" وخاصة بين الهند والصين حول منطقتين أساسيتين وهما منطقة Aksai chin او اقصاي شين والمنطقة الثانية هي جنوب الخط Mc Mahon (ماك ماهون ) .وقد أدت هذه الخلافات الى حرب بين بلدين سنة 1982 حيث هاجمت الجيوش الصينية المنطقة المتنازع عليها .ورغم الوصول الى اتفاق سنة 1996 حول عناصر ثقة بين البلدين من اجل الانطلاق في مفاوضات بينهما الا ان وتيرة النزاعات العسكرية تواصلت ولعل اخرها كان في جوان 2020 والذي خلف عددا كبيرا من الضحايا والأموات .
وقد خلفت هذه النزاعات والحروب علاقات متوترة بين الهند والصين وتراجع مخزون الثقة بينهما مما اثر على عمل مجموعة البريكس وبناء التوافقات فيما بينها .
وتهم المسالة الثانية والتي قد تساهم في الحد من فعالية مجموعة البريكس اختلاف وحتى تضارب الرؤى حول هوية المجموعة ومستقبلها .وفي هذا الإطار نجد على الأقل ثلاث رؤى مختلفة ومتناقضة.اذ تحاول الصين ان تجعل من هذه المجموعة قطبا جديدا في النظام الدولي تحت سيطرتها ولمساندها في صراعها مع الولايات المتحدة .وقد اثار هذا التمشي الكثير من التردد من قبل اعضاء المجموعة او القادمين الجدد.كما اثار هذا التمشي الكثير من النقد باعتبار ان الصين تحاول من خلال المجموعة فرض تصورها التنموي ونمط التحديث السلطوي او الاستبدادي.
في نفس الإطار نجد الرؤية الروسية التي تتقارب مع التمشي الصيني في بناء قطب بديل ومناهض للقطب الليبرالي تحت الهيمنة الأمريكية ولكن هذه البلدان تختلف باعتبار ان روسيا لا تلتقي مع رؤية حليفتها الصين وهيمنتها على مجموعة البريكس .
وفي نفس المجال نجد كذلك رؤية اخرى مختلفة و متناقضة مع التمشي الصيني والروسي والتي تدافع عنها الهند وإفريقيا الجنوبية و البرازيل .وتؤكد هذه البلدان على ان هذه المجموعة هي تجمع لبلدان الجنوب من اجل ادخال إصلاحات في النظام العالمي ولا يمكن ان تشكل باي حال من الأحوال مجموعة مناهضة للولايات المتحدة الأمريكية او بديلة للنظام العالمي .وعبرت هذه الرؤى المختلفة عن نفسها بطريقة واضحة وصريحة في القمة الاخيرة وقد تقود ال الحد من فعالية مجموعة البريكس .
أما المسالة الثالثة والتي أثارت الكثير من الجدل وأججت الخلافات داخلها خاصة في اجتماع القمة في جنوب إفريقيا فتهم مسالة توسيع عضوية المجموعة .فقد تقدمت 23 دولة بمطالب للانضمام لمجموعة البريكس لم يقع قبول الا ست دول وهي إيران والأرجنتين ومصر والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وأثيوبيا والتي ستكون اعضاء بداية من جانفي 2024.
وقد أثار هذا التوسيع الكثير من الجدل نظرا لغياب مبادئ واضحة في هذا المجال .وفتح هذا الفراغ المجال واسعا لجدل كبير بين الأعضاء المؤسستين حول تصورهم ورؤيتهم لهذا التوسع .ففد دافعت الصين وروسيا على مبدا إعطاء الفرصة لأكبر عدد من الدول للانضمام بما من شانه ان يدعم ويقوي دور المجموعية، الا ان الهند والبرازيل رفضتا هذا التمشي مخافة ان تكون الدول الأعضاء الجديدة مساندة للصين مما يساهم في دعم حضورها في هذا المنتظم على حساب الدول الأخرى .
أما المسالة الرابعة والتي ستحد من فاعلية هذه المجموعة فتهم الشروط الضرورية لتعميق التعاون بينها وخاصة في المجال المالي كخلق عملة مشتركة مثلما نجحت في ذلك البلدان الأوروبية مع الاورو.وتبدو شروط تحقيق التقارب (convergence) بين هذه البلدان صعبة المنال حيث يتطلب التقارب في التوازنات المالية الكبرى لهذه الدول ، ضبط نظام صرف مشترك ووضع نظام دفع مشترك ووضع سوق مالية مشتركة وغيرها من الشروط التي لن يكون من السهل تجميعها بين هذه البلدان نظرا للاختلاف الكبير بين هياكلها الاقتصادية .
أما العامل الخامس الذي سيكون ذا وزن كبير على فاعلية هذه المجموعة فهو ظرفي ويهم الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها هذه البلدان وبصفة خاصة روسيا يكون جراء الحرب كذلك الصين .
رغم هذه التحديات والمعوقات أصبحت مجموعة البريكس قوة ضغط كبيرة ستلعب دورا مهما في تحقيق مطالب الجنوب المعولم لبناء توازن عالمي جديد وتحقيق مطلب إنشاء نظام اكثر عدلا .
ولا يشكل الانخراط في منظومة مجموعة البريكس الطريقة الوحيدة لبلدان الجنوب المعلوم للدفاع عن مصالحها وتحقيق مطالبها .اذ من الطرق الأخرى يمكن أن نشير إلى تعدد الاصطفاف أو multi-alignemet.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115