قصيدة: لاَ شيْءَ فِي وَطَنِي...

بقلم: حمه الهمامي

لاَ شيْءَ يَسْري هَذِهِ الأيّامُ في وَطَنِي،
غيْرَ الفَقْر والبُؤْس والمَرَض...
لا شَيْء في وطني...

شَبابٌ «عاطلْ»،
شبابٌ «زاطلْ»،
شبَابٌ «حارقٌ»
ومُحْترِقٌ...
والكُلُّ فِي الكُلِّ يِضْحي ويُمْسِي
بلّا أَمَلِ...
°° °° °° °°
لا شَيْءَ يُفرِحُ هذه الأيّامُ فِي وَطنِي...
كادحات تتناثرن أشلاءً
في الطريقِ...
طبيبٌ يَهْوِي مِنْ علِ،
فتاةٌ تأكُلُهَا البالوعة،
فنّانٌ يبيعُ «الكَاكِي»
عاملٌ بلاً عمَلِ...
فلاّحٌ يَحْرِقُ البطاطا
ويُلقي القمح في التراب
وأسْعَارٌ من نارْ،
وماءُ مقطوعٌ،
ودواء مفقود...
وتلقيحٌ يأتي ولا يأتي
وإن شاء ربّك
في الصيف أو حتّى بعد الصيفْ...
والموت تبّا للموت،
يعصف بأكبادكَ يا وطني...
°° °° °° °°
لا شيء يُرْضِي هذه الأيّامُ في وَطنِي...
أرْيَافٌ خرِبَةٌ
ومخرَّبَهْ...
وأراضٍ عطشى...
ومَدَائنُ وسِخهْ...
وأحياءٌ يأكلُهَا الفراغُ...
ومصانعٌ تغلقْ...
وهواءٌ فاسدٌ...
وكلابٌ سائبة...
وخنازير تترك الغاب
وتسرح أو تمرحُ في الحضر...
ونفاياتٌ في المرفإ تنتظرُ
الدّفنَ في وطني
والكلّ فِي الكلّ،
لا شيء ...
يُرضِي هذه الأيّامُ في وطني،
°° °° °° °°
ساسَةُ القَوْمِ،
ثرْثارٌ،
ودجّالٌ،
وَسَمْسَارٌ،
ورَابِعُهُمْ...
وخَامِسُهُمْ...
«زفراتٌ»،
و«زفراتَهْ»،
«يَبِيعانِ الرّيحَ للمَراكِبِ»
والكُلُّ معَ الكُلُّ،
آهِ يا وَطَنِي،
يغْرِزُ فيكَ الظّفْرَ
وينْهشك حتّى العضْمَ،
ويَبِيعُكَ بالمزادِ العلَنِي...
°° °° °° °°
لا شيءَ هذه الأيّام في وطني
غيرَ النّفاقِ والكذِبِ،
وتجارةٍ بالدّينِ،
لـ»تحْليلِ» النّهبِ،
وتشريع القتْل،
ونشرِ الجهل والدَّجَلِ...
آه عليكَ يا ابن البيطار...
قم من قبرك واشْهدْ...
فُازَ «الجماعةُ» على «أمّة الكفار»
«صَنَعوا» اللّقاحَ
في لمْحِ البَصَرِ
لم يخسروا جهْدا ولا مالاَ،
وجاؤوا به إلى المَجْلِسِ...
آهِ يا وطني،
من أمّةٍ...
ضَحِكَتْ من جهلها الأممُ...
°° °° °° °°
لا شَيْءَ هذه الأيامُ فِي وَطَنِي
غيرَ بصيص من الأملِ
يتّحدُ الريفُ بالحضرِ،
يتناغم النّبضُ،
يتناسق الفكرُ،
يتّضحٌ الهدفُ،
تتشابكُ الأيدي،
وتهوي على الجذعِ بفأسِ،
ينبت الزّرع
يورق الزّهرُ
يثمر النّخلُ والزيتونُ،
ويعودُ الأملُ
للأملِ...
°° °° °° °°
قال الشّاعر:
«أرَى النّخل يمشي في الشّوارعْ
بحَصِيدِ المزارِعْ
وحدِيدِ المَصَانِعْ
ورَغْمَ اللَّيَالِي،
ورَغْمَ المَوَاجِعْ
أرى النَّخْلَ يَمْشِي
ولاَ يَتَرَاجَعْ...»
°° °° °° °°
غنّى الشّاعِر:
«ربّما أفقدُ - ما شئْتَ – معَاشِي
ربّما أَعْرِضُ للبيع ثيابي وَفِرَاشِي
ربّما أَخْمِدُ عريانا وجائِعْ
يَا عدوَّ الشّمْسِ، لكِنْ لنْ أُسَاوِمْ
وإلى آخِرِ نبْضٍ في عُرُوقِي...... سأقَاوِمْ»
°° °° °° °°
هتف هاتفٌ:
الغضبُ الساطعُ آتٍ
من كلّ طريقِ آتِ...
سأدقّ على الأبوابِ،
وسأفتحها الأبوابَ...
الغضب الساطع آتٍ...

تونس في 31 ديسمبر 2020

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115