والأفكارالسّامة تبرّر أو تدعم الاعتداء الجنسي بكافة أشكاله وألوانه؟
أيّ معنى عندما يدين المجتمع «قذف المحصنات المؤمنات الغافلات» بينما يستميت في الدفاع عن ثقافة تُطبّع وتبرّر التحرش الجنسيوالعنف تجاه النساء، ويصنّفهن إلى مؤمنات ومومسات و»إلي وصلو رواحهم»؟
أي معنى عندما يصنّف المجتمع النساء حسب تصوراته الأخلاقية، فيذرف الدموع ويتعاطف مع ضحية دون أخرى، وكأنّ العنف الجنسيسببه المرأة لا محالة، ففي الأصل هي من أغوت وهي من اشتهت تفاحة الخطيئة؟
مجتمعنا الكريم يطبّع مع العنف ضد المرأة ويجعل منه ثقافة ممنهجة، كأن يلوم الضحية ويحمّلها مسؤولية الأعمال الوحشية التي ارتكبتفي حقها، «اش مخرجها في الليل؟»، «خارجة الوقت اذاكا علاش ناوية؟»، «اش مهزها؟»، «كان سترت روحها راو حد ما كلمها؟» وغيرها منالعبارات التي تبرّر للاعتداء والعنف والاغتصاب، فلا يحمّل المعتدي مسؤولية أفعاله بالمرة، بل يتمّ التعاطف معه عن طريق إلقاء اللوم على المرأة.
ربما هذا اللوم ضد الضحية لا يعكس سوى أنّ صاحبه هو مجرّد «حيوان جنسي مفترس» يرى جسد المرأة ملكا له جنسيا، ويعتبرهاخاضعة له في كل الأحوال، هكذا يثبت «رجولته» أمام نفسه..
إن كل هذا الضرب من تشيء المرأة وتحقيرها والاستنقاص منها من خلال كل ما يحمل الخيال والمخيال الجمعي وكل مايُبني عليه من صورة أو سلوك لذلك.. يُغذي التطبيع مع العنف ومع النظرة المنقوصة للمرأة فيتجلى ذلك في كل مكان،في الشارع، في الأماكن العامة، والخاصة ، في مقرات العمل، وحتى في غرف النوم والمقابر.. والحوادث أثبت ذلك على مرّالتاريخ على هذه البسيطة وليس في تونس فقط .. المرأة أينما كانت وأينما وجدت ومهما كانت ثقافتها وثقافة مجتمعها ،مهما كان لونها أو شكلها أو لباسها، تحمل هذه الصورة المنقوصة رغمًا عنها.. لذلك فإن الطريق لإكتساب الحقوق ونيلالحريات الفردية خاصة لا تكون سهلة في المجتمعات التي تطّبع مع العنف ضد المرأة خاصة من خلال المنابر الإعلاميةوعلى مواقع التواصل الإجتماعي وفي الإعلانات.. وحتى في الألعاب..
ربما أن تكون «رجلا جيّدا» لا يعني أنك لا تعنّف المرأة ولا تغتصب النساء، ولا يعني أنك لا تبرّر الإعتداء أو الإغتصاب، بل الرجل الجيد هومن يندّد ويستنكر وبشدّة «ثقافة الإغتصاب» في الفضاء العام والخاص.
وأن تكوني إمرأة جيّدة هو أن تدركي هذا جيّدا..