• عنْ أبي هُرَيْرةَ، رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه صلّى الله عليه وسلّم « الشُّهَدَاءُ خَمسَةٌ: المَطعُونُ، وَالمبْطُونُ، والغَرِيقُ، وَصَاحبُ الهَدْم وَالشَّهيدُ في سبيل اللَّه» متفقٌ عليهِ.
• عنْ أبي هُرَيْرةَ، رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّه صلّى الله عليه وسلّم : « مَا تَعُدُّونَ الشهداءَ فِيكُم؟ قالُوا: يَا رسُولِ اللَّهِ مَنْ قُتِل في سَبيلِ اللَّه فَهُو شهيدٌ. قَالَ: إنَّ شُهَداءَ أُمَّتي إذًا لَقلِيلٌ،» قالُوا: فَمنْ يَا رسُول اللَّه؟ قَالَ: منْ قُتِل في سبيلِ اللَّه فهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في سَبيلِ اللَّه فهُو شهيدٌ، ومنْ ماتَ في الطَّاعُون فَهُو شَهيدٌ، ومنْ ماتَ في البطنِ فَهُو شَهيدٌ، والغَريقُ شَهيدٌ» رواهُ مسلمٌ.
والمعنى أنّ ميّت الكورونا ينسحب عليه في قولي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «ومنْ ماتَ في الطَّاعُون فَهُو شَهيدٌ،» وبالتالي له أجر الشهداء لكنّه يغسّل ويصلّى عليه، وإنّما الذي لا يغسّل ولا يصلّى عليه شهيد المعركة في قتال الكفّار بإعتباره شهيد الدنيا والآخرة ، بل يدفن في ثيابه من غير تغسيل ولا صلاة كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم بشهداء غزوة أحد، أمّا من سواهم كالغريق الذي يموت بالغرق أو بالهدم أو بمرض الطاعون هؤلاء يغسّلون ويصلّى عليهم حسب حالتهم.
2 - ميّت الكورونا يغسّل وقد لا يغسّل حسب الجهات الطبيّة ..
فالأصل فيمن مات من المسلمين أن يُغسَّل- أي يغسّل الموتى كما يغتسل المؤمن الحي- ويُكفَّن ويُصلَّى عليه صلاة الجنازة في الحالات العاديّة ولكن في زمن إنتشار الأوبئة التي تُثبِت الجهات الطِّبيَّة المختصَّة أنَّها تنتقل من المَيِّت لمن يلمسه، فعندئذٍ يُكتَفَى بصبِّ الماء عليه وإمراره فقط بأي طريقة عازلة كانت دون تدليكه، مع أخذ كلّ التَّدابير الاحترازية لمنع انتقال المرض إلى المغسِّل، من تعقيم الحجرة، وارتداء المُغسِّل بدلة وقائية، وفرض كلّ سُبُل الوقاية من قِبل أهل الاختصاص في ذلك قبل القيام بإجراء الغُسل؛ منعًا من إلحاق الأذى بمن يباشر ذلك...وإن كان يُخشى من نزول سوائل من جُثَّته؛ فمن الضَّروري إحاطة الكفن بغطاءٍ مُحكم لا يسمح بتسرُّب السَّوائل منه...
ويمكن تعويض الغسل بالتيمّم إذا ثبت طبيًا أنّ المتوفى بمرض ما يتعذّر غسله، لكونه مظنّة حصول العدوى، فيلجأ حينئذٍ إلى التيمّم بدلًا من الغسل- وتكون طريقة التيمّم حسب قول أهل العلم كما يلي : فالحيّ يضرب التراب أو الصعيد الطيّب بيديه ويمسح بهما وجه الميّت وكفيّه –
وإن تعذّر التيمّم هو الآخر لإمكانيّة التسبّب في العدوى تُرِك التيمّم كذلك وسقطت المطالبة به شرعًا خاصة بتأكيد الجهات الطبيّة أن تغسيله أو تيمّمه يساعد على نشر الوباء أو المرض، كما أنّ «الضَّرورة تُقدَّر بقدرها»
والخلاصة في مسألة تغسيل ميّت الكورونا أنّ المتوفى بسبب الكورونا شهيد في الآخرة ولا تجري عليه أحكام الشهداء في الدينا، بل يجب تغسيله أو تيميمه وتكفينه والصلاة عليه، فإن عجزنا عن تغسيله يمّمناه، وإن عجزنا صلينا عليه دون غسل أو تيمّم، ودفّناه وأجره بفضل الله تعالى في الآخرة أجر الشهيد، والطبيب المسلم مصدّق في القول بتعذّر تغسيل المتوفى وتيميمه، ويجب علي الطبيب التأكد من حالة التعذّر ويتحمّل المسؤولية عند الله تعالى إن أسقط فرضا بلا موجب شرعي.
وجاء في الموسوعة الفقهية ما يسمح بقياس ميّت الكورونا بالميّت محترقا : «تَغْسِيلُ الْمَيِّتِ الْمُحْتَرِقِ: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إلَى أَنَّ مَنْ احْتَرَقَ بِالنَّارِ يُغَسَّلُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَوْتَى إنْ أَمْكَنَ تَغْسِيلُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَا يُغَسَّلُ إنَّمَا هُوَ شَهِيدُ الْمَعْرَكَةِ وَلَوْ كَانَ مُحْتَرِقًا بِفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهَا، أَمَّا الْمُحْتَرِقُ خَارِجَ الْمَعْرَكَةِ فَهُوَ مِنْ شُهَدَاءِ الْآخِرَةِ، وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ شُهَدَاءِ الْمَعْرَكَةِ، فَإِنْ خِيفَ تَقَطُّعُهُ بِالْغُسْلِ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبًّا وَلَا يُمَسُّ، فَإِنْ خِيفَ تَقَطُّعُهُ بِصَبِّ الْمَاءِ لَمْ يُغَسَّلْ وَيُيَمَّمْ إنْ أَمْكَنَ ، كَالْحَيِّ الَّذِي يُؤْذِيهِ الْمَاءُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ غُسْلُ بَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ غُسِّلَ مَا أَمْكَنَ غُسْلُهُ وَيُيَمَّمُ الْبَاقِي كَالْحَيِّ سَوَاءٌ».
3 - ميّت الكورونا تصلّى عليه صلاة الجنازة ..
ميّت الكورونا تصلّى عليه صلاة الجنازة بإعتبارها فرض كفاية ويمكن الإكتفاء في الحالات القصوى بصلاّة شخص واحد - بسبب الخوف من وجود المصلّين وتزاحمهم وإقترابهم من بعضهم البعض ممّا يسبّب مزيد إنتشار الوباء أثناء تشييع الجنازة والصلاة عليها – فإن صلاّها شخص واحد سقطت عن البقيّة وتمّ الإكتفاء بذلك ..مع ضرورة الإسراع بالتشييع والصلاة تلافيا لكلّ خطر متوقّع لقول الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم: «أسرعوا بالجنازة؛ فإن تك صالحة فخير تقدّمونها إليه، وإن تك سوى ذلك، فشرّ تضعونه عن رقابكم».
ونسأل الله أن يحفظنا والمسلمين من كلّ داء ووباء، وأن يحفظنا جميعا من كلّ مكروه وسوء.
هذا والله -تعالى- أعلى وأعلم.