ائتلاف المبادرات المدنية «نشارك» بيان تأسيسي

تمرّ تونس اليوم بوضع خطير، كما تشهد أزمات سياسيّة متتالية أضفت ضبابيّة تامّة ونوعا من الفوضى

في كلّ ما يتعلّق بتسيير الشّأن العامّ شملت مؤسّسات الدولة رئاسة وحكومة وبرلمانا، وأصبحت الطبقة السياسيّة الحاكمة بمختلف مُكوّناتها مُنهمكة في حربها على المواقع لضمان مآرب وامتيازات شخصيّة، فتراكمت المشاكل وتفاقمت بشكل يُضعف آفاق حلّها فتعطّل السّير الطبيعي للدولة.

أمام هذا الوضع، أصبح المواطن يعيش أزمة خانقة شملت كلّ جوانب حياته ممّا جعله يائسا إزاء مستقبل بلاده ومستقبل الأجيال القادمة التي ستُجبر على تسديد الديون المتراكمة على الدولة جرّاء سوء تصرّف وفساد الطبقة الحاكمة الحاليّة وضعف حسّها الوطني وانعدام الكفاءة لدى جلّ المسيّرين، بسبب اختيارات تغلّب عليها منطق «الأقربون أولى بالمعروف»، وكان ذلك على حساب الكفاءات العالية التي تزخر بها تونس، حيث تمّ نهب خزينة الدولة وإنهاك الصناديق الاجتماعيّة، وعمّ الفساد وانتشرت الرّشوة وتمّ ضرب القضاء وإضعافه، وتُرك المجال مفتوحا للتّهريب وللتهرّب الضريبي فطغى الاقتصاد الموازي وأضحت الدولة على مشارف الإفلاس.

عرف المجتمع التونسي تقهقرا واضحا في كلّ ما يتّصل بالقيم الثقافيّة والتربويّة والحضاريّة والمكاسب الاجتماعيّة التي اكتسبها من تاريخه الطويل والتي ضحّى من أجلها عديد الشهداء وعديد الوطنيين المستنيرين أمثال خير الدّين وحشّاد والحدّاد وبورقيبة. كما تمّ استغلال الدّين وتوظيفه في الشّأن السياسي فاستشرى التطرّف الديني وتراجعت الضوابط المدنيّة للعيش المشترك وانتشر الخطاب الشعبوي والملتبس المؤدّي إلى التخلّف الفكري والتصحّر الثقافي والتعصّب.

وإذ نحن على أبواب سنة حاسمة، ستنتهي بانتخاب الحاكمين القادمين للبلاد، لا يسعنا إلاّ أن نُسجّل الفشل الذّريع لأغلبيّة الأحزاب، لاسيما الحاكمة منها، ليس في تسيير شؤون البلاد فحسب، بل وأيضا في إعطاء الحدّ الأدنى من الأمل في إنقاذها. واعتمادا على نتائج الانتخابات البلديّة الأخيرة، أصبح من الواضح أنّ أكثر من 80 % من المواطنين التونسيين فقدوا ثقتهم تماما في العمل الحزبي بشكل عامّ، وبالتالي أصبح من البديهي أن يكون مصير التونسيات والتونسيين بأيديهم، وأنّ عليهم الاعتماد على قدراتهم ووعيهم بضرورة إنقاذ بلادهم من مخالب الفساد والتخلّف اللذيْن، إن بقيا يتحكّمان في السّلطة، سيُهيْمنان عليها لعقود طويلة ويجرّان البلاد للخراب.

إنّ اعتماد المواطنات والمواطنين على أنفسهم يمرّ حتما عبر وعيهم التّام بمسؤوليتهم التاريخيّة أمام الوطن وأمام الأجيال القادمة وبضرورة اختيار الأفضل من النّساء والرّجال، من ذوي الكفاءات العالية والنزاهة والإشعاع، لقيادة البلاد خلال المدّة النيابيّة القادمة. وهو ما حدا بنا لجمع المبادرات المواطنيّة المنتشرة هنا وهناك لتأسيس ائتلاف المبادرات المدنيّة «نشارك» يتولّى التنسيق بين المستقلّين على المستوى الوطني والجهوي بغاية ضخّ دماء جديدة تسمح بإفراز قيادة جديدة للبلاد، قيادة وطنيّة وديمقراطيّة واجتماعيّة وحداثيّة، من كفاءات تستجيب لطموحات شعبها وتُعيد له كرامته وثقته في المستقبل واعتزازه بالانتماء للوطن.

• الممضون:
الصادق بالعيد - يوسف الصديق - المنصف بن مراد - أمين محفوظ - حسين الديماسي - عميرة علية الصغير - قاسم عفية - رفيق الشلي - نبيل بن عزوز - ليلى الدعمي - ياسين الزاير - تماضر اليحياوي - كوثر الياتوجي - فتحي الجلاصي - زهير البازي - فتحي بحوري - حسام الحامي - منير الشرفي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115