لن تكون له فائدة بعد أن سبق السيف العذل، وأنه سيكون حلبة لتبادل الاتهامات لا غير.
للتذكير، تأسس «الاتحاد المدني» ليكون جبهة مدنية متّحدة ضد الرجعية والسلفية وقوى التقهقر والظلام، مع تجاوز «الأنا» والتحزّب الضيق. وكان ذلك بمبادرة منّي ومن صديقي فتحي الجلاصي، كمُمثّليْن عن المستقلّين وعن المجتمع المدني، وبحزام يضمّ 11 حزبا، يُفترض أن تكون جميعا تقدّمية وحداثية.
وبدأ ماراطون الاجتماعات، تمّ خلالها الاتفاق صراحة وبالإجماع على أن يكون رؤساء القائمات للانتخابات البلدية من المستقلين، وعلى أن يكون العدد الأوفر من بقية أعضاء القائمة من المستقلين أيضا، مع تطعيم القائمات ببعض مناضلي الأحزاب المشاركة في الاتحاد. وتشكّلت لجنة تقنية لإعداد القائمات. وما راعنا إلا وأصبحت هذه اللجنة كحارس المرمى الذي يتصدّى بمهارة لكل محاولة للدخول في القائمة من المستقلين. فأبعدت الفاضل موسى من أريانة، ومنير بن ميلاد ولطيفة بوسلامة من تونس، ونبيلة حمزة من المرسى، ومحمد علي الحلواني من صفاقس، والقائمة تطول... في المقابل، تمّ فرض مُرشحين مجهولين يتمتّعون بميزة واحدة، هي انتماؤهم لأحد الحزبين اللذين سيطرا بكل الوسائل على تكوين القائمات.
فشلت تجربة «الاتحاد المدني» بسبب تقديم الانتماء الحزبي على الكفاءة والإشعاع والوطنية، باستعمال الحيل والمراوغة، وأحيانا الكذب، إذ قُدّمت لنا أسماء على أنها مُستقلّة لنكتشف فيما بعد أنها مُتحزّبة.
استغرب بعضهم كيف أن النهضويّة حصلت على رئاسة بلدية العاصمة بفضل أصوات من «الاتحاد المدني». وهنا أُجيب بأن تلك الأصوات أتت من أحزاب خرقت كل المبادئ التي اتُّفق عليها في الاتحاد منذ تشكيل القائمات.
وهنا أقول للتاريخ، أنني تغيّبت عمدا عن اجتماعات الاتحاد طيلة الشهر الأخير الذي سبق الانتخابات البلدية حتى لا أكون طرفا في المغالطة.
كما أعلن أن فشل التجربة لن يُثنيني عن مواصلة العمل من أجل تجميع القوى الوطنية التقدمية والحداثية، وأن تجربة جديدة بدأت تتبلور مع الاتّعاظ بدروس «الاتحاد المدني» وإبعاد كل من تُشتمّ منه، من شخصيات وطنية أو من أحزاب، رائحة السعي للعمل من أجل شخصه أو حزبه.
بقلم: منير الشرفي