عليه هذا الأسبوع في مجلس نواب الشعب وتنص هذه الفقرةعلى مايلي: «يضمن مجلس الجماعة المحلية لكافة المتساكنين وللمجتمع المدني مشاركة فعلية في مختلف مراحل اعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية ومتابعة تنفيذها وتقييمها». ورأيت من واجبي الإشارة الى أنه كان على المشرع أن يحافظ على نفس الكلمة المستعملة في الفصل المرجعي، أي الفصل 139 من الدستور وهو من أفضل الفصول، والذي ينص:«تعتمد الجماعات المحلية آليات الديمقراطية التشاركية، ومبادئ الحوكمة المفتوحة، لضمان اوسع للمواطنين والمجتمع المدني في اعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية ومتابعة تنفيذها طبقا لما يضبطه القانون». فاستبدال، مشروع المجلة في الفصل 29، كلمة المواطنين بكلمة المتساكنين غير جائزة اذ أن المتساكنين ليسوا بالضرورة مواطنين. واختيار لفظة "المواطن" في الفصل 139 من الدستور، وفي فصول عديدة أخرى وخاصة في باب الحقوق والحريات، عوض متساكن أو شخص، أو فرد أو انسان، كان مقصودا ودلالته مقتصرة أساسا على حامل الجنسية التونسية، ودارت حول ذلك نقاشات هامة وحسمت المسألة عن دراية بمقاصد الكلمات. وتجنبا اليوم لكل طعن ممكن بعدم دستورية الفقرة الثانية وكذلك الثالثة للفصل 29، أو بالدفع بعدم دستوريتها يوما آخر، يتحتم مراجعتها واستبدال كلمة المتساكنين بكلمة المواطنين.
كما أود تسجيل أن المشرع، بهذا الفصل 29، حسن مضمون الفصل 31السابق، الوارد في مشروع الحكومة المؤرخ في 24 جوان 2016، بدعم وتقوية الضمانات للديمقراطية التشاركية. الا أنه كان بالإمكان ضبط في القانون آلياتها أو على الأقل صيغها العامة لتجنب التقليص فيها بالأمر اللاحق المشار اليه، علما أن الآليات هي أهم شيء لكن سكت عن ذكرها المشرع. وهذه الآليات هي في صلب الحقوق والحريات وهي مسألة من اختصاصات المشرع ولا الحكومة بحكم الفصل 65 من الدستور. وهذه الآليات عديدة في الأنظمة المقارنة منها: الميزانيات التشاركية، المؤتمرات التوافقية، ورشات عمل المواطنين، جمعيات المواطنين، وحدات التخطيط الحضري، مجالس الأحياء، الاستفتاءات والمبادرات الشعبية، المناقشات العامة، منتديات تفاعل الخ...
لكن يبقى جائزا ارجاء المسائل الإجرائية والتنظيمية الى أمر حكومي وفي درجة ثانية الى مجالس الجماعات بالتشاور مع المجتمع المدني لضبط الصيغ المناسبة كما ورد ذكره في الفصل 29. ان التدارك مازال ممكنا لاحترام الدستور ولمزيد ضمان الديمقراطية التشاركية وبالتبعية لتمكين البلديات من التحقيق محليا ما لم تحققه الدولة وطنيا.