والـﻣﻔﻮّﺿية اﻟﺴّﺎﻣية ﻟﻸﻣﻢ اﻟﻤﺘّﺤﺪة ﻟﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن، خلال ندوة تقييميّة عقدت أمس الثلاثاء، الموافق لـ22 جوان الجاري، ﺗﻘﺪﻳﻢ الطبعة الـﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ الكتاب الدّليل للإطار القانوني المتعلق بالسّجون في تونس.
تزامنا مع الذكرى الخامسة عشرة لوضع البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب موضع التنفيذ وتمهيدا للاحتفال بإطلالة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، أعلنت الهيئة اﻟﻮطﻨية ﻟﻠﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ووزارة اﻟﻌﺪل واﻟهيـﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣّﺔ ﻟﻠﺴّﺠﻮن والإصلاح عن إصدار الكتاب الدّليل للإطار القانوني المتعلق بالسّجون في تونس.
وﻳﻮﻓّﺮ الكتاب الدّليل للإطار القانوني المتّعلق بالسّجون في تونس، ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺠﻤﻊ ﺑاﻦ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ والمعايير اﻟﺪّوﻟية والمقارنة بينها وهو أداة ﻣﺮﺟﻌية ﻟﺘﺤﺴين اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﻌيشية ﻟﻠﺴّﺠﻨﺎء وظﺮوف ﻋﻤﻞ ﻣﻮظّﻔﻲ اﻟﺴّﺠﻮن واﻹﺻﻼح في آن واحد.
ووفق ما اكده رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب فتحي جراي فقد تضمّن هذا الكتاب الدليل 66 ﺳؤاﻻً إضافيّا وإﺟﺎﺑات مستفيضة وثريّة شملت قضايا ﺟذرية وﻣﻌﻠوﻣﺎت إﺿﺎﻓية ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻧﺳﺎء المودعات. وسيكون متاحا عمّا قريب ويتعقب الكتاب الدّليل للإطار القانوني المتعلّق بالسّجون في تونس الذي يقع في أربعة أجزاء مسار كلّ شخص مودع بالسّجن، من أوّل يوم إلى آخر يوم من مدّة إيداعه السّجن: «الدّخول إلى السّجن»، فـ»الحياة داخل السّجن»، فـ«احترام حقوق السّجين»، فـ«الخروج من السّجن». وبين تلك الأجزاء الأربعة من هذا الكتاب الدّليل تتوزّع فصوله الثلاثة والعشرون المحوريّة (الموضوعاتيّة) متتابعة منطقيّا ومتوخّية معالجة مختلف ملامح الحياة اليوميّة في السّجن من خلال الإجابة عن 516 سؤالا.
«ثمرة تظافر الجهود»
من جهتها اعتبرت وزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان أن إنفاذ القواعد القانونية والترتيبية المطابقة للدستور والمعاهدات الدولية والملائمة لها بشأن الإيداع بالمؤسسات السجنيّة والإصلاحية وفي حق المودعين داخلها يكتسي صبغة الوجوب والتأكد لارتباطه بالحقوق والحريات الاساسية.
وقد أنضمت تونس إلى اغلب الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومن بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللانسانية او المهينة والى البروتوكول الاختياري لهذه الاتفاقية. ووفق بن سليمان فقد تم ارساء الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللانسانية او المهينة بوصفها الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب في اطار الحرص على التقديم في تكريس مختلف الالتزامات والتعهدات في هذا المجال.
واعتبرت ان هذا الكتاب الدليل يصدر في نسخة ثانية أحد ثمرات تظافر الجهود بين أعضاء الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب واطارات من وزارة العدل والهيئة العامة للسجون والاصلاح، وقد تم إعداده بمساندة مجموعة من الشركاء الدوليين من بينهم الاتحاد الأوروبي ومجلس اوروبا وبرنامج الامم المتحدة الانمائي.
وأكدت وزيرة العدل بالنيابة ان هذا الدليل يجمع النصوص التي تهم المنظومة السجنيّة في شمولتها والمرتبطة بإجراءات الإيداع وبكل ما يتعلق بسير المؤسسات وبالنظام المنطبق على إطارات وأعوان السجون والإصلاح وطرق عملهم في ظل اعتماد الهيكلية الجديدة للهيئة العامة للسجون والإصلاح وبكل ما يهم المساجين وظروف إقامتهم وحقوقهم وواجباتهم وتأهيلهم لحسن إعادة إدماجهم في المجتمع.
وشددت على ان وزارة العدل تسعى، بالشراكة مع الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، الى ان يكون هذا الدليل وسيلة لتقديم الإضاءة حول مؤسسة تعرّف على انها فضاء مغلق. لذلك فهو يقدم مختلف النصوص القانونية والترتيبية تقديما سلسا يقوم على التبويب المنهجي وطريقة السؤال والجواب في قراءة نقدية من منظور الواقع وحسيب المعايير الدولية وافضل الممارسات وهو ليس دليلا نظريا فقط وانما هو دليل يقدم في اطار في واقع التجربة التونسية وفي اضاءة من المعايير الدولية. ويهدف هذا الدليل الى ان يكون مرجعا واداة عمل لكافة المتداخلين في المجال من قضاة ومحامين وغيرهم.
وبالنظر للمشاركة الفاعلة لكافة الاطراف الهياكل المعنية والعمل المشترك المبني على اسس راسخة يكسبه أهمية في مجال التقدم كما دعت وزيرة العدل الى حسن الاستفادة مما جاء في هذا الكتاب الدليل بغاية تطوير المنظومة السجنيّة وطريقة التعامل مع المودعين وتدعيم حقوقهم الأساسية وملاءمتها مع المعايير الدولية وتحسين ظروف عمل الإطارات وأعوان المنتمين للمؤسسة السجنية بما يضمن حسن التعامل بين الطرفين وحسن اعادة ادماج المودعين في المجتمع.
«آداة علمية وبيداغوجية»
في السياق نفسه اعتبر الياس زلاق رئيس الهيئة العامة للسجون والاصلاح ان كتاب دليل الاطار القانوني المتعلق بالسجون في تونس اطارا مرجعيا هاما يضاف الى الترسانة القانونية المهتمة بالمجال السجني والاصلاحي ويعد أداة علمية وبيداغوجية يقع الاستئناس بها من قبل كافة المتداخلين في المنظومة العدالة الجزائية ومن قبل الخبراء والاساتذة الجامعيين والطلبة وغيرهم من المهتمين بالشأن السجني والاصلاحي.
واعتبر زلا ق ان المؤسسة السجنية والإصلاحية تعد حلقة هامة ضمن منظومة العدالة الجزائية وطبقا لذلك فاننا نؤمن ان الاستثمار في الإصلاح والرقي بالمنظومة السجنية هو في حقيقة الأمر مشروع مجتمعي يساهم في تامين واستقرار الأمن الاجتماعي من خلال العمل على حماية المجتمع من الجريمة والوقاية من العود.
ان انخراط الدولة التونسية في تكريس مبدإ أنسنة العقوبة السالبة للحرية هو خيار ثابت لا رجعة فيه وقد اقتضى ذلك تكثيف الجهود في سبيل تحقيق ذلك الهدف وفق للموارد المالية المتاحة ووفق نسق إيداعات السجناء. ورغم مشكل الاكتظاظ بمختلف المؤسسات السجنيّة فقد تم الحرص على بعث حركية ودينامكية لا متناهية من خلال تكريس العديد من الممارسات الفضلى ذات الأبعاد الاجتماعية والثقافية والرياضية للمودعين بالتوازي مع بذل العناية الكافية لتحسين جودة الخدمات الموجهة للمودعين وعائلاتهم.