قرر مجلس القضاء العدلي إنهاء إلحاق القضاة العدليين الشاغلين لمناصب في رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والوزارات والهيئات التي لا يفرض القانون وجوبية وجود قاض عدلي ضمن تركيبتها، وأمهل المعنيين بالأمر 5 أسابيع لتصفية الملفات التي بعهدتهم وتسليم المهام للالتحاق بمهاهم القضائية.
أثار قرار مجلس القضاء العدلي المتعلق بإنهاء إلحاق القضاة العدليين بمناصب سياسية ضجة إعلامية، خاصة وانه جاء بعد إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي لرئيس هيئة مكافحة الفساد.
القطرة التي أفاضت الكأس
في هذا الإطار قال عضو المجلس الأعلى للقضاء وليد المالكي «ان المجلس كان قد تداول في جميع قرارات الإلحاق الصادرة عنه وأصدر قرارات فردية بإنهاء إلحاق القضاة العدليين الشاغلين لمناصب في رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والوزارات والهيئات التي لا يفرض القانون وجوبية وجود قاض عدلي ضمن تركيبتها مثل هيئة مكافحة الفساد» علما وان القضاة المعنيين بهذا القرار لا يتجاوز عددهم 10 قضاة.
وافاد المالكي في تصريح لـ«المغرب» بان إلحاق القضاة العدليين بمناصب سياسية، دون استشارة مجلس القضاء العدلي، أصبحت وكأنها سنة لدى السلطة التنفيذية.
وأكد بان المجلس ومنذ أكثر من سنة تقريبا تخامره فكرة إيقاف هذا التيار الذي أصبح يكرس فكرة التداخل الواضح بين القضائي والسياسي، ويمس من استقلالية السلطة القضائية بصفة عامّة. واشار محدّثنا الى ان المجلس كان قد تلقى في العديد من المناسبات انتقادات سواء من أعضاء مجلس النواب او -حتى- من الراي العام الوطني بخصوص التداخل بين المهام القضائية والسياسية.
ووفق وليد المالكي فان ما حصل مؤخرا بخصوص هيئة مكافحة الفساد بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس والتي جعلت مجلس القضاء العدلي يعجّل في اتخاذ هذا القرار، علما وان الوضع قد استفحل خلال الأشهر القليلة الفارطة.
قرار إنهاء الإلحاق لم يكن ردة فعل للمجلس
شدد وليد المالكي على أن قرار إنهاء إلحاق القضاة العدليين بالمناصب السياسية لم يكن ردة فعل من المجلس على ما حصل بهيئة مكافحة الفساد وإنما كان قرارا مبنيا على تفكير عميق.
وأكد بان هذا القرار جاء في إطار حرص مجلس القضاء العدلي على تكريس الاستقلالية والحيادية والناي بالسلطة القضائية ككل عن جميع التجاذبات السياسية، مشيرا الى ان «مسألة تداخل القضائي بالسياسي تطورت، حيث أصبح من الضروري اتخاذ القرارات اللازمة لإيقاف هذا المسألة التي قد تأخذ في المستقبل أبعاد أخرى وتذهب الى ما لا تحمد عقباه في العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية .
من جهة أخرى أكد المالكي أن مجلس القضاء العدلي أراد تصحيح مسار معين وغلق أفق مسار أخر أصبح يمثل خطرا من خلال التداخل بين القضائي والسياسي ذلك من دعائم دولة قانون المؤسسات احترام مبادئ الفصل بين السلط وفق ما جاء به الدستور واحترام مبادئ الحيادية والاستقلالية والناي بالسلطة القضائية عن التجاذبات السياسية وهو من صميم مهام المجلس الأعلى للقضاء.
واكد بان المجلس أراد النأي بالقضاء على ان يكون موضوع لصراعات سياسية او تجاذبات وان يحفظ قيمة ومكانة السلطة القضائية وهيبتها وذلك في صميم بناء الدولة المدنية الحديثة بنظامها الجمهوري الديمقراطي وبالفكرة التي بنيت عليها ومبدإ الفصل بين السلط.
قرار إنهاء الالحاق ملزم لكافة القضاة العدليين
أكدت رئيسة مجلس القضاء العدلي مليكة المزاري في تصريح لـ«المغرب»، ان القضاة المعنيين بقرار انهاء الحاقهم بالمناسب السياسية قد مكنهم المجلس من مهلة قدرت بـ5 اسابيع تقريبا من أجل اتمام الملفات التي بعهدتهم وتسليم المهام.
وأوضحت بانه طبق القانون فان قرارات المجلس ملزمة لكافة القضاة المعنيين وان كل قاض يرفض تنفيذ هذا القرار سيتم اتخاذ الاجراءات القانونية في شأنه.
كما اشارت محدّثتنا الى انّه ومنذ 16 جويليلة القادم سيلتحق كافة المعنيين بالامر بمهامهم القضائية، مشيرة الى ان مجلس القضاء العدلي بصدد إصدار مذكرات في هذا الخصوص.
«حفاظا على هيبة القاضي»
قال وليد المالكي ان طريقة التعامل مع القضاء الذين يتم تعيينهم واختيارهم لمناصب سياسية والمسّ من اعتبارهم يعتبر مسا بالسلطة القضائية. وأفاد بان مجلس القضاء العدلي يسعى إلى الحفاظ على مكانة وهيبة القاضي التونسي ولا يريد للقضاء بصفة عامة أن يسقط في فخّ الصراعات السياسية والتجاذبات.
وقال محدثنا «مستقبلا لن نرى أي قاض في مناصب سياسية ماعدى في الهيئات التي يستوجب فيها وجود قاض بنص تشريعي واضح».