ورد في تقرير صادر عن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، امس الأربعاء الموافق لـ24 مارس الجاري، انها قامت بإحالة ختم أعمالها المتعلقة بشبهة فساد في احد البنوك التي تمتلك الدولة فيها حصصا ومساهمات على انظار وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس.
وكان منطلق الأبحاث في ملفّ الحال اثر ورود عريضة على الهيئة للإبلاغ عن شبهات فساد وتجاوزات بالبنك ومنها اعتزام مسيري البنك بيع المقر الاجتماعي وبعض مقرات الفروع التابعة له وإحالة 200 مليون دينار من الديون لفائدة إحدى مؤسسات الاستخلاص مقابل الحصول على نسبة 10 % من كامل الديون المحالة، علاوة على شروع البنك في طرح جزء من الديون بطريقة تعسفية والتنازل عنها لفائدة بعض الحرفاء مقابل استخلاص الجزء الأخر بالتفاوض الودي عن طريق مكتب محاماة تمّ التعاقد معه دون المرور بمصالح البنك وبصفة سرية وباعتماد أسعار وتعريفات تتجاوز بكثير ما هو معتمد ضمن الاتفاقيات النموذجية مع باقي المحامين وفق ما ورد في تقرير الهيئة.
وبعد اجراء كافة الأبحاث، خلصت الهيئة الى تعمد مسؤول سابق ومسؤول حالي بالبنك التصرف المشبوه في إدارة وتسيير مصالح البنك المركزية من خلال إبرامهما لاتفاقيتين مع مكتب محاماة تنصان على تكليفه بجميع الإجراءات القضائية أو الودية لاستخلاص ديون غير مستخلصة متخلدة بذمة حوالي 60 حريفا من الذوات الطبيعية أو المعنوية بلغت قيمتها الجملية حوالي 158 مليون دينارا بأسعار خيالية وتعريفات مخالفة للاتفاقية النموذجية التي كان البنك يعتمدها سابقا مع باقي المحامين في مثل تلك الحالات. ذلك اضافة الى تدخل شخص لا تربطه أي علاقة مهنية بالبنك في سير عمله والتنسيق مع المسؤولين بخصوص قائمة الديون التي تكفل مكتب المحاماة بإجراءات استخلاصها أو بخصوص خلاص فواتير مكتب المحاماة دون تشريك مصالح البنك المعنية في عمليات التفاوض أو التقاضي.
كما تم إقصاء مصالح البنك من المشاركة في متابعة مآل ملفات الديون المحالة على مكتب المحاماة والتي لم يستخلص منها سوى مبلغ 8 ملايين دينار كان بالإمكان استخلاصها باستعمال الإمكانيات الذاتية للبنك دون اللجوء إلى مكتب محاماة والذّي تجاوزت أجرته وأتعابه مبلغ 1،5 مليون دينار بين سنتي 2019 و 2020.
واكدت الهيئة على غياب معايير محددة متعلّقة بملف تصفية الديون وطرح جزء منها أو بطريقة التعهد من قبل مكتب المحاماة وطريقة اختيار الحرفاء المدينين وإحالة ملفاتهم إلى مكتب المحاماة. إضافة الى تفادي اللجوء إلى النزاع القضائي من قبل إدارة البنك لإتمام إجراءات الخلاص دون مبرر في بعض الملفات. ووجود عمليات شطب ديون بنكية في حدود 13.8 مليون دينار دون وجود مذكرة عمل داخلية في الغرض تحدد الإجراءات البنكية المعتمدة في تلك العمليات.
وسجلت الهيئة غياب القواعد المعتمدة في إسناد وإحالة ملفات الديون لفائدة مكتب المحاماة وارتفاع تكلفة الاتفاقية مقارنة بالأثمان المعتمدة ضمن الاتفاقيات النموذجية المعمول بها بين البنك وباقي المحامين. كما ان ملفات الديون التي عهد بها البنك إلى مكتب محاماة لا توجد فيها أي إشكاليات أو أي موجب إحالتها.
كما قام البنك بإصلاحات وعمليات تجديد لأجهزة التدفئة بمقره المركزي بتكلفة ناهزت 500 ألف دينار علما وان الشركة التي قامت بالإصلاحات هي نفسها الشركة التي قامت بالتشخيص المسبق لأجهزة التدفئة وهو ما يعتبر تضاربا للمصالح. وثبت للهيئة وجود مؤشرات بعدم إمكانية مواصلة البنك لنشاطه نظرا لتقهقر الأموال الذاتية وعدم احترام مؤشر السيولة لمدة 4 أشهر أوت وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر لسنة 2019 واقتراب مؤشر الملاءمة من المؤشر المحدد من طرف البنك المركزي وتوصية بضرورة التعجيل بإرساء سياسة تجارية واضحة وتحسين وضعية البنك.
ووفق تقرير الهيئة فقد تحصل مسؤول سابق على بطاقة سحب بنكية تحمل نفس المواصفات ونفس الخصائص ونفس الرقم السري لبطاقة السحب البنكية المستخرجة له سابقا وذلك لإستعمالها على خلاف التراتيب. ذلك الى جانب إحالة ديون في حدود 200 مليون دينار لفائدة إحدى شركات الاستخلاص مقابل الحصول على نسبة 10 % فقط من كامل الدين.