محكمة أمن الدولة، التي نظرت في ما أطلق عليه آنذاك ملف «محاكمة الإسلاميين».
الامر الرئاسي لسنة 1987 متعلق في الأساس بتسمية كافة أعضاء تركيبة محكمة امن الدولة، التي تولت النظر في ملف «الاسلاميين» انذاك، وأصدرت أحكاما تراوحت ما بين الإعدام والسجن مدى الحياة والأشغال الشاقّة...
«تجميد الملف»
أوضح رئيس وحدة الاتصال في المحكمة الإدارية القاضي عماد الغابري، انّ قرار إلغاء أمر رئاسي ليس الأول من نوعه، فقد تولت المحكمة الإدارية خلال 1982 إلغاء أمر يتعلق بتسمية أعضاء تركيبة محكمة امن الدولة، أثناء محاكمة نقابيين وذلك في إطار قضية كان قد رفعها آنذاك الحبيب عاشور ومن معه في الثمانينات.
اثر ذلك فقد اصدر الحبيب بورقيبة في 1987 أمرا آخر يتعلق بتسمية أعضاء محكمة امن الدولة للبت في ما بات يعرف آنذاك بملف «الإسلاميين» وأصدرت جملة من الأحكام في عدد من المتهمين.
من جهتها تولت هيئة الدفاع عن المتهمين آنذاك مباشرة قضية لدى المحكمة الإدارية من أجل الطعن في تركيبة محكمة امن الدولة، حيث اعتبرت انّ تركيبة المحكمة آنذاك قد ضمت الهاشمي الزمّال الذي سمي رئيسا لها وقد سبق له وان باشر التحقيق في ما يعرف انذاك بملف «الاسلاميين». واستندت هيئة الدفاع في الطعن على انّه لا يجوز لعضو باشر التحقيق في الملف ان ينظر من جديد فيه بصفته عضوا في هيئة تحكيمية، وهو ما يتعارض مع المحاكمة العادلة والمعايير الدولية لهذا تمّ الحكم بعدم شرعية التركيبة وفق ما اكّده مصدرنا.
ونظرا لتبعيته للسلطة التنفيذية، فقد قرر الرئيس الاوّل آنذاك للمحكمة الإدارية تجميد الملف وقبره، الا انه وقبيل اندلاع الثورة ببضعة أشهر تمّ إخراج الملف ممّا يعرف بـ«الخزنة السوداء» للمحكمة الإدارية، لتتّخذ الإجراءات القانونية نسقها العادي.
وقد قررت المحكمة الإدارية في 2010 ابتدائيا برفض الطعن شكلا ، ثم تمّ استئناف قرار الرفض أمام الدوائر الاستئنافية، لتقضي بإلغاء الأمر المتعلق بتسمية تركيبة محكمة امن الدولة في 1987 لعدم شرعيته.
«تركيبة باطلة»
من جهة أخرى، أوضح عماد الغابري انّه ومن بين الوظائف الموكولة الى القضاء الاداري هو مراقبة شرعية القرارات الادارية والنظر في مدى شرعيتها وباعتبار، انّ الامر الصادر عن رئيس الجمهورية يعتبر قرارا اداريا بحتا.
وشدد في السياق نفسه على انّ المحكمة الإدارية قد نظرت في شرعية أمر التسمية وليست في شرعية العقوبات، لكن من أثار حكم الإلغاء فإنها تعيد الوضعية لما كان عليه قبل صدور القرار محل الطعن. وأوضح بانه في صورة الحال فانّ قرار عدم شرعية التركيبة يترتب عنه بصفة مباشرة بطلان كافة الأعمال التي باشرتها اثر ذلك المحكمة.