وخروقات على حدّ تعبيرهم.
اصدر المجلس الأعلى للقضاء الاثنين الفارط الموافق لـ4 سبتمبر الجاري، اوّل حركة قضائية له لسنة 2017 - 2018، لكن يبدو أنها لم تنل رضا جناحي العدالة من هياكل ممثلة للمحامين وأخرى ممثلة للقضاة، وطالبوا المجلس بضرورة اعادة النظر في هذه الحركة نظرا لما شابها من إخلالات وخروقات عديدة وفق ما أكده نائب رئيسة جمعية القضاة التونسيين انس الحمادي في تصريح لـ«المغرب».
«استحالة تأمين العمل القضائي»
اكّد انس الحمادي انّه قد تمّ تسجيل العديد من الاخلالات «الخطيرة» وأهمها عملية إفراغ المحاكم وخاصة الداخلية بالشمال الغربي والوسط الغربي وبالجنوب التي تفاقم نقص عدد القضاة بها، من ذلك ما حصل بمحكمة الاستئناف بالكاف حيث تمّ التخفيض من عدد المستشارين بها من 14 مستشارا إلى 6 مستشارين فقط دون تعويضهم، علما وانّ دائرة الاستئناف بالكاف بها 8 دوائر قضائية مما سيؤول الى استحالة تامين الحدّ الأدنى من العمل القضائي، خاصة وأنّ حجم العمل بدائرة محكمة الاستئناف بالكاف كبير وكبير جدّا. وافاد بانّ ذلك سيؤول إلى اضطراب حاد وخطير في سير العمل بالمحكمة و إلى عدم قدرتها على البت في القضايا في أجال معقولة مما سيؤثر بصفة مباشرة على حقوق المتقاضين.
واضاف «الأمر نفسه ينطبق على مختلف المحاكم الأخرى كمحكمة الاستئناف بالقصرين ومحكمة سيدي بوزيد ومحكمة قفصة وغيرها، حيث انّ اغلب الدوائر التي تم التنصيص عليها في قائمة الشغوات التي أصدرها المجلس الأعلى للقضاء لم يتم تسديدها، وهو الشأن نفسه لفرع المحكمة العقارية بقفصة حيث تمّ الإبقاء فقط على قاضيين بالمحكمة وهما رئيس الفرع وقاضي مقرر، الامر الذي لم يحصل في اي حركة قضائية سواء قبل الثورة او بعدها».
«عضوان من المجلس يحصلان على أعلى المسؤوليات»
دعا الحمادي المجلس الاعلى للقضاء باعتباره الساهر على حسن سير القضاء واستقلالها الى الخروج من القوقعة التي يعيش فيه ويتواصل مع الراي العام وينظم ندوة صحفية للجواب على الاستفسارات والإشكالات المطروحة ويتعامل مع المسألة بأكثر جدّية وشفافية.
واشار في السياق نفسه جعل أعضاء المجلس الأعلى للقضاء من الرتبة الثالثة أنفسهم خارج التقييم الفعلي والتناظر الحقيقي مع باقي القضاة بما آل إلى إسنادهم أفضل الخطط القضائية في عملية تضارب واضح للمصالح ومن ذلك حصول الرئيسة المؤقتة للمجلس الأعلى للقضاء على خطة رئيسة محكمة ناحية تونس وإسناد أحد أعضاء المجلس خطة وكيل عام بمحكمة الإستئناف بنابل على حساب من هم أكثر منه أقدمية وهو الذي لم يشغل أي خطة في النيابة العمومية خلال مسيرته المهنية وبالرغم ما تتطلبه تلك الخطة من خلاصة الخبرة والكفاءة والتجربة باعتبارها من أعلى الخطط في قضاء النيابة العمومية.
وطالب في هذا الاطار المجلس لاعلى للقضاء بضرورة تفسير معايير الكفاءة والنزاهة التي تمّ اعتمادها اثناء اعداد الحركة القضائية.
«رسالة سلبية»
اكّد انس الحمادي انّ الحركة القضائية قد شملت كذلك عددا من وكلاء الجمهورية الذين سجلوا خلال الفترة الأخيرة نجاحات هامّة في التصدي لقضايا لفساد المالي والمهربين والتي لاتزال ملفاتهم منشورة امام قضاة التحقيق وامام باحث البداية. واضاف «خير دليل على ذلك المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد فقد شملت الحركة كافة ممثلي النيابة العمومية الذين اثبتوا كفاءتهم وحنكتهم في التعامل مع اخطر الملفات المتعلقة بافتعال حوادث مرور وهمية والكشف عن شبكة المتورطين والتي تضم مسؤوليين امنيين واطباء ومحامين وغيرهم، ودون رضاهم ولا طلب منهم، علما وانّه رغم التدخلات و الضغوطات التي مورست على النيابة العمومة بسيدي بوزيد الا انّ وكيل الجمهورية تمسك باحالة كافة عناصر الشبكة وتوجيه الاتهامات لهم وضمان عدم إفلات كافة المتهمين من العقاب».
وأشار في السياق نفسه بانه «كان من المفروض ان يتمّ تشجيع أصحاب الكفاءات والعمل على النسج على منوالهم، الا انّ المجلس الأعلى للقضاء كافاهم بالاستبعاد والإقصاء». واعتبر مصدرنا انّ الرسالة التي وجهها المجلس الأعلى للقضاء لا تخدم مصلحة البلاد في حربها على الإرهاب والفساد.
«ايقاف انعقاد كافة الجلسات بقفصة»
عبر الفرع الجهوي للمحامين بقفصة عن رفضه القطعي لنتائج الحركة القضائية لسنة 2017 - 2018، وطالب المجلس الأعلى للقضاء بضرورة تصحيح الوضع وذلك بمراجعة هذه التعيينات وتمكين الجهة من حقها في مرفق قضائي يخدم أبناء الجهة ويكون جزءا ورافد من روافد التنمية. ودعا في السياق نفسه الى وجوب تسمية رئيس دائرة شغلية وقاضي للضمان الاجتماعي وقاضي المؤسسة وقاضي السجل التجاري وتسمية وكيل رئيس ثاني حتى لا تضطر المحكمة الى تسمية قاض غير ذي صفة وكفاءة مهنية.
كما طالب المجلس الأعلى للقضاة بإلزام القضاة الذين تمت نقلتهم بضرورة تلخيص جميع الأحكام التي في عهدتهم قبل مباشرتهم لأعمالهم في خططهم الجديدة. وقد أعلن الفرع الجهوي للمحامين بقفصة، خلال اجتماع أول أمس الاثنين ، عن إيقاف انعقاد الجلسات بجميع محاكم دائرة استئناف قفصة بداية من يوم الاثنين الموافق لـ18 سبتمبر الجاري الى حين التوصل الى حل جميع المشاكل المطروحة بصفة جذرية.
«ارتكزت على منظومة معلوماتية»
أكّد عضو المجلس الأعلى للقضاء عماد الخصخوصي أن مجلس القضاء العدلي أعد الحركة القضائية لسنة 2017 /2018 بالاعتماد على منظومة معلوماتية للتصرف في الموارد البشرية ونتائج أعمال التفقدية العامة بوزارة العدل وتقارير جلسات الاستماع للرؤساء الأول بمحاكم الاستئناف والوكلاء العامين لديها، مما سمح بتقييم شامل للقضاة من حيث الكفاءة والنزاهة عملا بمقتضيات الفصل 103 من الدستور التونسي.
وأكّد أنه قد تعذر على المجلس سماع رؤساء كل محاكم الجمهورية وممثلي الهياكل النقابية للقضاة لضيق الوقت وانعدام الإمكانيات مبرزا ما واجهه هذا المجلس من صعوبات كبيرة عند سد الشغورات على مستوى المحاكم الداخلية لعدم وجود رغبات في الالتحاق للعمل بها، مشدّدا على أن المجلس اضطر إلى إجراء حركة نقل هامة لسدّ الشغورات في هذه المحاكم لمصلحة العمل شملت 48 قاضيا من مختلف الرتب.
«مقاطعة كافة الجلسات بسيدي بوزيد»
قرّر الفرع الجهوي للمحامين بسيدي بوزيد مقاطعة كافة الجلسات بجميع المحاكم بالجهة (وهي كلّ من محاكم النواحي والابتدائية والاستئناف والعقارية) وذلك للتعبير عن رفض المحامين القطعي للحركة القضائية وللتعيينات المترتبة عنها كرفض خطة مصلحة العمل على حدّ تعبيرهم. وندّدوا بما اعتبروه بتجاهل وزير العدل ومجلس القضاء العدلي لتعهداته تجاه مشاكل المرفق القضائي بسيدي بوزيد من نقص في الموارد البشرية (قضاة وكتبة) والموارد المادية (نقص في جميع التجهيزات).
وطالب الفرع الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بسيدي بوزيد والوكيل العام بها بضرورة إلزام منظوريهم من القضاة المغادرين بضرورة تسليم جميع الأحكام جاهزة وملفاتهم قبل التحاقهم بمقرات عملهم الجديدة.