قائما وما تم هو ترحيل النقاش الى اجل قريب، فالخلافات ذات المنحى السياسي لاتزال كامنة. من اجل الوقوف على سبب الخلاف وتطورات المشهد صلب النهضة وكتلتها حاورت «المغرب» عبد اللطيف المكي القيادي الفاعل في الحركة وأحد قادة الشق المعارض للغنوشي.
• بات التنسيق في الفترة الاخيرة بين كتلة النهضة والنداء جد وثيق بل بلغ الامر ان تمرر كتلة النهضة قوانين لا تتماشي وهويتها، من ذلك قانون المصالحة، فهل الحماية باتت الهاجس الاول لكم؟
لابد من التذكير ان كتلة النهضة هي مؤسسة تتبع الجهاز التنفيذي للحركة، اي انها مثل المكتب السياسي تقدم رأيها لكن من يقرر هو المكتب التنفيذي، الكتلة لا تناقش العلاقة الهيكلية انما اعضاء الكتلة يناقشون كمناضلين يرغبون في ان تقوى اليات التشاور اكثر وناخذ وقتنا في النقاش، هذا ما نطالب به. وفي بعض الاحيان يقع تململ كما حدث في التصويت الاخير. هذا التململ هو جزء من الوضع العام في الحركة من قبل المؤتمر العاشر ومن بعده، والتململ يتعلق بتحديد اي منظومة ديمقراطية افضل للحركة، المؤتمر اجاب على هذا السؤال في مستواه القانوني وبقينا في النظام الرئاسي الذي تعزز.
لكن الاجابة القانونية لم تستطع احتواء الواقع في الحركة لايزال هناك تململ وامتعاض يبرز من حين الى اخر في الملفات الكبرى ذات النقاشات المضمونية العميقة، التي يقع فيها خلاف مثل قانون المصالحة الذي سيبقى في سجل كل نائب وسياسي سواء بالمعنى الايجابي أوالسلبي.
هذا موجود ونعتبره عاديا لان الحركة تمر من وضع عاشته وتلبست به طوال أربعين سنة مرت إلى وضع جديد تطرح عليها قضايا مختلفة تماما عما سبق، اي ان هناك كثافة النقاشات التي لابد من استيعابها وان يكون لنا أفضل نظام ديمقراطي داخل الحركة لاستيعابها.
• اليوم رئيس الحركة يهيمن على الحركة ومؤسستها ومن ذلك كتلتها البرلمانية وهذا يجعل الحديث عن الديمقراطية لا قيمة له طالما ان الجهاز التنفيذي يطبق ما يريد؟
رئيس الحركة منتخب من المؤتمر العاشر والمؤتمرون هم من منحه تلك الطريقة في اختيار اعضاء المكتب التنفيذي عبر آلية التزكية، ونحن نتمتع بأفضل ديمقراطية حزبية لكنها لم تعد كافية لحركة النهضة كحزب كبير طلائعي، واليوم الذي سيتغير فيه هذا النظام سيأتي، المسالة مسألة وقت لا أكثر ولا اقل. نحن لا نقول انه لا توجد ديمقراطية وإنما نقول انها لم تعد كافية ولابد من تطويرها، والنظام الرئاسي الان في ظل شخصية رئيس الحركة وما له من قيم أدبية واعتبارية باعتباره المؤسس تتدخل لتعزز مركزية القرار على حساب الشورى المعمقة.
نحن لا نناقش شرعية الرئيس إنما نحاول ان لا يقتل النظام الرئاسي التنوع في الحركة.
• النظام الرئاسي اقر في الحركة على ضوء توافقات تقتضي اصلاحات وضمانات لم يقع تطبيقها الى اليوم، اي ان العقد بين الرئيس والمؤتمرين ان اخل بجزء منه يسقط بمنطق التعاقد؟
الدورة 14 لمجلس الشورى وقع المصادقة فيها على ورقتين للإصلاح بمقاربة المصادقة التضامنية، ورقة قدمها الشورى واعتبرها أكثر استيعابا وورقة قدمها التنفيذي وقد تعهد رئيس الحركة بتطبيقها. ولم يمر الان إلا شهر ونصف منذ المصادقة على هذه الوثائق. وستكون الندوة السنوية وهي مستوى أوسع من الشورى ستضم 1400 من مناضلي الحركة، ستكون المحرار الحقيقي لمدى تقدم الإصلاحات، لذلك السؤال معقول والإجابة نحن صادقنا على وثائق الإصلاح سنرى بأي إرادة سيطبق الإصلاح وبأي سرعة.
• الشورى الذي خير في دورته الأخيرة الاعتماد على مقاربة حمائية عبر عنها بيان دورته 15، فهل خضع الشورى ام اقتنع بفلسفة الاحتماء؟
موضوع الحماية بالنسبة لاعضاء الشورى غير صحيح والنقاشات في مثل هذه المواضيع مستمرة من الناحية المضمونية ولا يكمن نفي قضية الاحتماء او غيرها الا بعد اشغال الندوة السنوية لانه سيقع تقييم مجمل اعمال الحركة كما انه سيقع استكمال النقاشات فالدورة 15 للشورى لم تستكمل كل النقاشات لذلك تركت عدة مواضيع مفتوحة ومنها الآليات التي ادت الى المصادقة على قانون المصالحة، الشورى لم يكن له ان ينقض قرار التنفيذي لان في ذلك ارباكا للبلاد والحركة نفسها. فاي قرار يتخذ لا يتدخل فيه البعد السياسي فقط بل البعد الوطني والحركي. لكن على مستوى المضمون لا تزال النقاشات مستمرة والاكيد انها ستكون حاضرة في الندوة.
• اليوم في النهضة تياران، يختلفان بشان كيفية التوافق، هل بالحفاظ على الهوية او بالاحتماء مهما كان الثمن؟
اعتبر ان ابناء النهضة لا يحتمون بالله والشعب التونسي، ومن يفكر تفكيرا اخر فهو مخطئ وحركة النهضة طوال الاربعين سنة مثلها مثل الحركات اليسارية والنقابية حماها الشعب الذي ظل مؤمنا بها وحاضنها لدرجة عجز فيها النظام عن وأد انفاسها.
هذا بالنسبة للاحتماء، اما عن الوفاق فنحن نريد ان ينجح الوفاق.
• كيف ينجح؟
ينجح عندما يكون مقنعا لكل من يشترك فيه بالتالي يكون وفاقا متوازنا ومستجيبا للملفات الملحة، هذا الوفاق لم يفعل في القضايا الى حد الان، في ما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية.
• لكن الهدف منه سياسي؟
اهم انجازات الوفاق هي الانجازات السياسية، سواء بتهدئة الاوضاع بالبلاد، او إيجاد اغلبية مريحة للحكومة لتمرير قوانينها دون تشضي للمؤسسة البرلمانية، في النهاية البرلمان يشتغل والحكومة لا تشعر بانها مهددة بسحب الثقة، كل هذا مهم لكنه غير كاف فالقضايا التي تشغل التونسيين هي قضايا التنمية الاقتصادية ولم نستطع كقوة سياسية ان نفعل الوفاق في هذه الملفات وان نضعها على الطاولة ولم نضع الملفات الاجتماعية والتنموية في طريق الانفراج، هذا مصدر القلق.
• تريد تفعيل الوفاق في الملف الاقتصادي والتنموي والحال ان شريككم انشغل بقضاياه الداخلية ويطرح ملفات اخرى؟
هذه الأسئلة تطرح على النداء. لكن لنا فيه جانب يخصنا نجيب عنه، من ذلك علينا ان نطرح اسلوبا ومضمونا في اطار الوفاق يجعل الشركاء يتفاعلون معنا، اما بقبول الأجندة التنموية وتكون أولوية عوضا عن الأجندة السياسية والإيديولوجية او يرفضون امام الناس، لذلك نحن يجب ان نبادر من حيث الأسلوب بتشكيل لجنة مشتركة تجتمع بشكل أسبوعي مع الحكومة ومن حيث المضامين يجب ان نضع الملفات الاقتصادية كأولويات، وان وجدنا حلولا حقيقية لثلاثة ملفات تنموية سنكون قدمنا خدمة للشعب التونسي.
ان استمرار وحيوية العملية الديمقراطية مرتبطان بجعل قضايا التنمية كاولوية، لذلك وجب ان توجه بوصلة الوفاق الى القضايا التنموية والا ستكون الحصيلة سيئة جدا.
• حصلية السنتين والنصف من التوافق كيف تقيمها؟
كانت مضطربة بكثرة التغيرات الحكومية وبالتركيز على الجوانب السياسية، انا أطالب بان نحلب الوفاق ليقدم الحليب والتنمية للشعب التونسي، نأمل اليوم ان يتوجه رئيس الحكومة يوسف الشاهد الي هذا.
• هناك ترجيحات بان يعود قانون المصالحة الى البرلمان للنقاش والمصادقة عليه من جديد. لو تم هذا هل سيتغير موقف كتلتكم ام ستغير انت تصويتك؟
الاولى تغيير مضمون القانون، وعلى ضوء تغيير المضمون سنناقش.
• هل ستدفعون إلى اعادة النقاش؟
كل النواب يريدون تغيير مضمون القانون
• كتلتكم هل ستدفع ثمن تصويتها لصالح القانون خاصة وان النائب بن عمو استقال رسميا منها، وهذه سابقة؟
للاسف الشديد حتى كتلة التاسيسي شهدت استقالة نائب منها ليلتحق بحزب الاخ رياض الشعيبي، خسارة كبيرة ادبية وسياسية وقانونية لاستقالة بن عمو وهذا احد الاثمان التي دفعهناها، نحن لن اقول اننا سنسعى الى ان يقف الثمن عند هذا بل سنسعى الى استرجاع بن عمو من جديد. نعلم ان هناك ضغوطا تسلط على الكتلة بسبب الملفات الشائكة.
• لكن القيادي رفيق عبد السلام خرج واعلن ان الحركة على استعداد لدفع اي ثمن مقابل المصالحة من ذلك خسارة قيادات تاريخية، هذا يضع الكتلة تحت الضغط الذي قد يسرع من وتيرة الخلاف ليصبح انقساما؟
لا يوجد انقسام في كتلة حركة النهضة هناك اختلاف ونحن نفرق بين الاختلاف في الراي والتحول الى الانقسام. وعلى فكرة هذا القول لا يمثل الحركة وفي مجلس الشورى وقع الرد على هذا الكلام، نحن لا نقول مثل هذا القول مهما بلغ الخلاف فنحن حريصون على كل منتمي بل متعاطف مع الحركة. نأمل أنّ ما وقع في قانون المصالحة يعطي درسا للجميع
• ماهو الدرس؟
مزيد التشاور والصبر على التشاور افضل من التسرع لان التسرع على المصادقة على القانون سواء من كتلة نداء تونس او موقف النهضة التي خيرت في النهاية تفادي اي احداث قد تسيء للمناخات العامة في البلاد.
• هل تعتقد ان الندوة السنوية ستعيد تعديل الالة التنفيذية للحركة وتحديد ما هو المسموح وغير المسموح؟
كل الاحتمالات واردة وهنالك دور كبير لرئيس الحركة الذي تقع على عاتقه مسؤولية سياسية وادبية لجعل الندوة السنوية محطة باجابية فارقة في تاريخ الحركة.
• لكن قد تكون محطة لتعزيز شرعيته؟
انا لا أتنبأ بسلوكه انا انصح