• السؤال اليوم في تونس هل سنصل الي نهاية السنة الدراسية بسلام ام ستكون سنة بيضاء؟
بين ما يقال في وسائل الاعلام والفايسبوك وما يقع في وزارة التربية فرق شاسع، ففي الواقع شهدنا في هذه السنة ادنى نسبة للاضراب في الوزارة منذ الثورة، وسجلنا معدلا مرتفعا عن بقية السنوات في ما يتعلق بأيام الدراسة، وهذا يعني انه بين الصخب الموجود حول وزارة التربية وواقع الوزارة فرق شاسع، والادل على ذلك اننا في هذه السنة لم نسجل الا اضرابا بيومين، كما أنّ سير الدروس متواصل وتقريبا مرت السنة الدراسية ونحن اليوم دخلنا في فترة الامتحانات وهي تسير بشكل طبيعي.
ولو قورنت هذه السنة بسنة اضرابات الثانوي المطالبة بالزيادة، فانه من الواضح ان تلك السنة الفارطة كانت اصعب ولكن مع ذلك انهينا السنة الدراسية ولم نسجل سنة بيضاء ، وفي نهاية المطاف انا كوزير مطالب بانجاح المرفق العام وانجاح السنة الدراسية وهذه السنة لن تكون سنة بيضاء ولاسوداء بل ستكون سنة عادية جدا. وبعد صدور نتائج البكالوريا ستهدي وزارة التربية الى المواطنين التونسين «يا ناجح جيت انهنيك».
• هذا يتقاطع نسبيا مع موقف نقابة التعليم الثانوي الذي يقوم على ثنائية، رفض السنة البيضاء ورفض استمرارك في الوزارة؟
بصراحة تعهد الاتحاد العام التونسي للشغل ونقابة التعليم الثانوي بان لا تكون السنة بيضاء وانا تعلمت ان اصدق التعهدات اذن سوف لن تكون سنة بيضاء طالما هنالك اجماع على هذا الامر، اما «سوف لن نتعامل مع الوزير » فهذا شأن اخر وعلى حد علمي النقابات تتعامل مع الادارات الجهوية، وحسب علمي نحن تقريبا عالجنا اغلب الملفات مع النقابات وحلت، اذ اننا الان في الوزارة في وضع صفر ملفات مالية وصفر ملفات ادارية. الى حد الان المندوبيات تتعامل مع النقابات ونحن تقريبا في تعامل يومي مع سبع نقابات، هناك ندوات عن الاصلاح التربوي صحيح ان الاشكال مع نقابة الثانوي ولكن اقل حدة مع نقابة الاساسي، وهي مشاكل قابلة للحل.
ما هو نقابي قابل للحل ونحن حللنا مشاكل اثقل. ومنها المنح في فترة اقتصادية صعبة.
• و ماهو سياسي ؟
يهم السياسيين ويهم الاحزاب والبرلمان ماهو سياسي، انا وزير على نفس المسافة من كل الاحزاب.
• النقابة رفضت اعتذارك عن سوء الفهم الواقع بينكما؟
ليست اول مرة اعتذر فالاعتذار من شيم الكبار انا اعتذرت ولم آقل انني آخطات، انا قلت اعتذر لمن فهم خطأ ما قلت، وذلك بعد ان اتهمت باني اهنت المربين، فيما انا اقول ان لدينا اطار تربوي متميز دائما ويوم قلت ان هناك بعض المربين قدموا شهادات مرضية مشبوهة، ثار البعض ضدي والحال انني لم اقل ان هذا يشمل الـ150 الف مربي. واظن ان في محاربة الفساد صيانة لكرامة المربيين، ولهذا عالجت ملف الشهادات المرضية وملف العمل الاداري فمن غير المعقول ان تشتغل اقلية من المربين ساعات اقل من المطلوب منها فيما يشتغل الاغلبية وفق حصصهم، هذان الملفان فيهما الكثير من الفساد تاكد بعد التدقيق الذي اجريناه وقدمنا بشانه تقريرا للنقابات، قبل ان نقوم بمعالجة الملفين ونضع حدا للفساد ولاقلية الفاسدين، فهل في هذا اهانة للمربين؟
ان في كل الملفات التي عالجتها وقفت علي ان التجاوزات المسجلة تقف خلفها اقلية من المربين وليس الاغلبية. فان كان الجميع متفقا على ان أهم التحديات الكبرى في الوزارة هي مقاومة الفساد والفاسدين واشدد هنا على انهم اقلية في الوزارة لا تشرف المربين، ومحاربتنا لها هي صون لكرامة المربين.
كما ان البعض أول قولي اننا مع مدرسة مفتوحة على انه تأليب للاولياء وكان الولي ليس جزءا من المنظومة التربوية، ان خلافي مع بعض النقابات هو في رؤيتي للمدرسة، نحن مع مدرسة مفتوحة على الاولياء والمجتمع المدني والاعلام هذا هو الفرق مع بعض النقابات اننا نريد مدرسة مفتوحة شفافة في حين يريدها البعض مغلقة على نفسها وهذا النوع من المدارس انتهى وقته، فهل في ما قلته اهانة للمربين، لنفكك هذا الشعار الذي طال استعماله.
• انت تصر على انه لا خلاف لك مع أي طرف والحال انهم متمسكون باعلان الخلاف معك؟
هذا سؤال لا املك له اجابة.
• في حوار سابق قلت ان 8 نقابات من اصل عشرة تتفاوض معك وعلاقتها جيدة بك، لكن اليوم اختلف الحال واعلنت نقابات عن مقاطعتها لك؟
كنت في اتصال هاتفي مع عضو في المركزية النقابية قال لي انه ليس هناك قرار بمقاطعة الوزير. ولا اتصور ان هناك مركزية نقابية تطالب بمقاطعة الوزير، اظن ان الخطا هو في التعامل مع الملف عبر استيقاء المعلومات من الفايسبوك. نحن نتعامل مع النقابات عبر المراسلات الرسمية والى حد الان لم تصل اية مراسلة لذلك فبالنسبة لي المقاطعة غير موجودة، وان تم اتخاذها واعلمت بها رسميا فعندئذ لكل حادث حديث.
• وماذا عن تدخل رئاسة الحكومة وادارتها لملفات تفاوض مع نقابة التعليم الابتدائي أهي رسائل سلبية؟
نحن فريق حكومي ولسنا وزارات معلقة ومن حق رئاسة الحكومة التدخل في اي ملف ، كما انه وفي نهاية المطاف كل ما يمضى من اتفقيات مع النقابات تمضيه رئاسة الحكومة، اما بالنسبة للجلسة بين نقابة التعليم الاساسي وزارة الشؤون الاجتماعية ورئاسة الحكومة فهي جلسة عادية جدا اذ ان الملف المعالج يتعلق بالتقاعد.
• نفس الوضع مع تدخلها والغت عقوبة ادارية صدرت عنكم، اليست رسالة سلبية؟
لا سلبية فيها، رئاسة الحكومة يمكنها التدخل في كل القرارات. و المسؤول الاول في الحكومة هو رئيسها الذي له حق التدخل في اي ملف.
• لكن هذا كان بالتزامن مع توافق ضمني بتغييرك من وزارة التربية في التحوير القادم٫ هل ستنفي انت هذه الحقيقة؟
الحكومة نفت هذا في بيان رسمي والاتحاد بدوره اصدر موقفا رسميا قال فيه انه والحكومة لا يعقدان صفقات تحت الطاولة. كما انه ان تمت صفقة فأنا لاعلم لي وانا الى حد الان لم يعلمني احد بان هناك صفقات تحت الطاولة، ومنهم رئيس الحكومة الذي تجمعني به علاقات جيدة فنحن من نفس الحزب وسنظل نشتغل سويا سواء في الحكومة او خارجها.
كما انني لا اظن ان الحكومة قد تعقد صفقات فهذه ليست من اخلاقيات رئيسها ولا من اخلاق الامين العام للاتحاد كل ما في الامر ان البعض يستند الى نظرية المؤامرة التي يذهب فيها البعض.
• لكن من نشر اخبار الصفقة هو قيادي نقابي بصفته وباسمه في الاعلام وسرب بعدها ان الصفقة تنص على تغيير في تحوير وزاري قادم؟
وهذا ما تم نفيه في وقتها من قبل الحكومة والاتحاد، وعبر عن ذلك في بيانات رسمية وهي ما اتعامل معه. والنهاية من حق رئيس الحكومة ان يضع من يحب او يعزله، ،شخصيا لو طلب مني تقديم استقالتي، ساقدمها وسانضبط لما يقرره.
• في حوار سابق اكدت انك لا تعتزم الاستقالة لانك تدافع عن شرف الدولة، فهل ظل موقفك كما هو؟
في اخلاقياتي وتقاليدي وقناعتي لا يوجد مصطلح الاستقالة في المطلق، انما انا استقيل وقت اجد نفسي عاجزا عن تسيير وزارة التربية وانا الي اليوم لست عاجزا عن ذلك. ووزارة التربية تسير بصفة عادية جدا. فما هو الشي الذي يدعوني للاستقالة.
وانا ومنذ سنتين كانت الدعوات لاستقالتي تصدر من احزاب سياسية لونها معروف جدا، وكانت اغلب هذه الطلبات ناجمة عن ابدائي لموقفي من ملفات خارج وزارة التربية ومنها مطالبتي بسحب الجنسية من الارهابيين. انا لن استقيل دفاعا عن كرامة الدولة التونسية وهيبتها وهيبة مؤسساتها.
ودعنا نقولها بصراحة انا جئت من حزب اغلبي انتخب من قبل اغلبية التونسيين الذين طالبوه بتنفيذ برنامجه عبر حكومته، اي اني لم آت للوزارة في إطار حكومة تكنوقراط، واعتبر نفسي منتخبا حتى وان لم اشارك في الانتخابات التشريعية، ولهذا فان الاستقالة هي خيانة لناخبي نداء تونس.
كما انني لم اتقلد المنصب رغبة في الامتيازات، فجرايتي من التعليم تعادل جرايتي الحالية كوزير. انما انا مناضل سياسي لم اولد بعد الثورة قمعت وسجنت وهمشت لمواقفي السياسية ولقناعاتي التي اطبقها في الاصلاح التربوي وهنا جوهر الخلاف، فهو الاصلاح التربوي والخلاف قائم بين مشروع حداثي تقدمي يولي المكانة للمدرسة العمومية ومشروع منغلق يشجع بوعي او غيره على خوصصة المدرسة العمومية.
• تقول ان الخلاف بين مشروعين، انت تمثل احدهما فمن يمثل المشروع الاخر؟
الرد في النظر لمن يقوم بحملة ضد وزير التربية ومعرفة خلفياته السياسية. وللاسف الحملة طالت مشروع الاصلاح القائم على الانفتاح وتحسين جودة التعليم العمومي.
• اشرت الى أنّ تسريبات اجتماع نداء تونس كشفت عن تخلي حركتك عنك؟
لا يوجد حزب لا خلافات فيه وهذا عادي جدا والتسريبات ليست معارضة للمشروع بل هناك من يرى رأيا آخر بشان كيفية انجاز المشروع.
• انت تجعل من الخلافات معك محدودة في خلافات بشان الاصلاح التربوي؟
الاشكال الكبير هو في نظرتنا للاصلاح التربوي، فان نشترك في تقييم المنظومة التربوية التي شارك فيها خبراء ومنظمات من تونس وخارجها اجمعوا على ان هناك مشكلا في المدرسة التونسية، التي كانت منهارة قبل مجيئ الناجي جلول وليس معه كما يريد البعض التسويق.
هذه المنظومة التربوية قيمناها وحددنا المشاكل فيها واولها البنية التحتية، التي انطلقنا في معالجتها ورممنا 4000 مدرسة ضمن مشروع شامل يهدف الى تحسين البنية التحتية والانتهاء منها قبل 2018، عبر خطة عمل رصدت لها ميزانية بـ2 مليار دينار تونسي وهي سابقة في تاريخ تونس.
والاشكال الثاني كان يتعلق بتكوين الاطار التربوي، الذي لدينا فيه اشكال وهذا ليس اهانة للمربين فهم لا يتحملون المسؤولية عن ان بعضهم يدرّس مادة ليست اختصاص دراسته الجامعية انما مسؤولية الوزراء السابقين والمنظومة برمتها التي فتحت الباب امام الانتدابات العشوائية.
ثالثا فقدت المدرسة العمومية قدرتها على أداء دورها الاجتماعي من توفير نقل واكلة وترفيه ولعبها لدور المحفز والمشجع للتلاميذ، لتصبح منفرة اليوم ويتجه التلاميذ الى التعليم الخاص الذي بات يلعب هذا الدور.
والحل الذي توصلنا اليه بالتشاور مع مختلف الاطراف هو بعث ديوان الخدمات المدرسية، لكن حالما وقع احداثه قامت الدنيا ولم تقعد.
رابعا والكل يقر به وهو ان المدرسة لا تقوم اليوم بخلق موارد بشرية تستطيع ان تجد موقعا في سوق الشغل لاحقا، اي ان لدينا الاف العاطلين عن العمل بسبب المنظومة التربوية، التي اعدنا تقييمها ونحن بصدد حل كل الاشكاليات التي وجدناها، وذلك بالتوافق مع الاتحاد ومختلف الاطراف.
في اخر المطاف انا افضل الحديث عن مجانية التعليم لكنه تعليم باموال دافعي الضرائب وهنا اتهمت بالاساءة للمربين.
لأنني قلت من حق المواطن التونسي المطالبة بتعليم جيد في المدرسة العمومية هذا فهم بالخطا وهناك من اراد ان يفهمه بالخطأ.
انا آؤمن بمشروع الاصلاح التربوي الذي اعدته الوزارة والذي يتضمن حزمة من الاصلاحات المتقدمة والتي تهدف الى توفير تعليم عصري تقدمي، وشخصيا اعتز بانني ومحمد الشرفي نتقاطع في الكثير من التفاصيل في علاقة بدعوة كلينا الى الرحيل عن وزارة التربية بسبب مشاريع الاصلاح التي ندافع عنها.