واقع تحت ضغوطات خارجية وإقليمية تدفعه دفعا نحو التسريع بإنهاء المشاورات المتعلقة بطرح الحكومة على البرلمان أي تقديم المسار السياسي على المسار الأمني على أهميته الكبرى، وهذا الخيار غير صائب حسب الخبراء الأمنيين بسبب التحديات الأمنية القائمة ،وعلى رأسها طبعا تسلل الارهابيين الدواعش إلى العاصمة وباقي المدن الساحلية مثل مصراتة والزاوية للقيام بأعمال إرهابية انتقامية.
توقعات وتخوفات مثل هذه حدثت فعلا أول أمس في طرابلس بعد تفجير سيارتين مفخختين بجانب مقرات حكومية تابعة للمجلس الرئاسي، وعلى الرغم من عدم سقوط ضحايا بشرية أو حتى خسائر مادية فإن الواقعة توحي بانتقال الدواعش للمرحلة القادمة أي المفخخات بالعاصمة أولا للتعبير على طول يد الدواعش وثانيا بجس نبض المجموعات المسلحة التي تؤمن العاصمة.
ويبدو أن تنظيم «داعش» الإرهابي استغل حالة الانقسام والصراع المسلح بين مليشيات طرابلس ليتسلل ويبلغ وسط طرابلس وعلى مسافة أمتار على مقرات سيادية.معلوم أن قوات البنيان المرصوص استمرت في تقدمها داخل سرت مكبدة الارهابيين الدواعش خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وهو عبارة عن سيارات مفخخة ومخازن ذخيرة وخردة أسلحة النظام السابق.
أما شرق البلاد فتواصل قوات رئاسة أركان مجلس النواب دك وتدمير معاقل الإرهابيين من الخوارج في آخر أوكارهم أي في قنفودة والقوارشة بالمحور الغربي لمدينة بنغازي التي بدأت تستعيد صورتها المشرقة بفضل تضحيات رجال الجيش والقوات المساندة من شباب الأحياء.
لغز الممر الإنساني
قبل انطلاق عملية الرامية بقيادة الفريق الركن خليفة بلقاسم حفتر كانت أحياء بنغازي، سوق الحوت، بوعطني، القوارشة، الهواري، الصابري وغيرها مسرحا للجرائم البشعة للإرهابيين من أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة ثم التحق بهم تنظيم «داعش» الارهابي حيث كانت تقطع الرؤوس وتصلب جثث الصحافيين والحقوقيين، أما أبناء المؤسسة العسكرية والأمنية فكان الايقاع بهم يتم بصفة يومية حتى أن عدد الضباط وخاصة الطيارين الذين اغتيلوا وصل إلى حدود السبعمائة شهيد.
وقتها لم تتحرك بعثة الأمم المتحدة للدعم التي كان مقرها في بنغازي والجرائم تحصل على مرأى ومسمع منها. المجتمع الدولي صمت على ما يحدث من العالقين والأسرى لدى الإرهابيين. وتحمل أهالي بنغازي بطش الإرهابيين وعندما جاءت عملية الكرامة التفوا جميعا حولها إلى أن حققت لهم الأمن والاستقرار وحينما أشرفت عملية تحرير المدينة بالكامل من دنس وبخس الخوارج والتكفيريين وحاصرتهم في قنفودة، تعالت أصوات بعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من أجل توفير ممر آمن وإنساني لمن تصفهم بالمدنيين العالقين في قنفودة. قوانين الحروب واضحة وصريحة وتفيد بأن الطرف المنتصر هو الذي يملي شروطه على الطرف المنهزم.وفي وضعية الحال قوات الجيش هي المنتصرة فكان شرطها توفير ممر إنساني للنساء والأطفال والشيوخ وباقي الشرائح العمرية يتم التحقيق معهم ويعرضون على العدالة ليفرج على البريء ويحاكم من ثبت تورطه في أعمال إجرامية إرهابية وأن يكون الممر برا وليس بحرا.
لكن بعثة الأمم المتحدة تريد الممر في اتجاه البحر وحول شروط الأمم المتحدة ودول داعمة للإرهاب يؤكد ناشطون في المجتمع المدني ببنغازي أن أمر توفير ممر إنساني للعالقين في قنفودة هو لغز كبير ومعقد ويرتكز على عدة ركائز. أولا من هم العالقون داخل المنطقة؟ ثانيا لماذا ترفض الأمم المتحدة والعالقون أنفسهم الممر البري ثالثا ما حقيقة وحجم الدعم عبر البحر لإرهابيي بنغازي؟
في ما يتعلق بالعالقين واضح أنهم يمثلون الرؤوس الكبيرة للإرهاب وضمنهم أجانب من عرب وأفارقة ،وتخشى قوى كبرى داعمة للإرهاب إن حصل الانسحاب برا انكشاف السر وافتضاح الدول الداعمة للإرهاب. لذلك تضغط الامم المتحدة ودولا محددة من أجل إيجاد ممر بحري.
أما الدعم الخارجي فقد كشفت المنظمة السياسية الليبية عبر تسجيل مصور أظهر باخرة أجنبية تقترب من المياه الإقليمية الليبية على مستوى منطقة قمنيس الساحلية وسوق الحوت، ثم بعد ذلك تخرج من تلك الباخرة طوافات وزوارق مطاطية معبأة بصناديق يرجح أن أسلحة وذخيرة داخلها ثم تتجه الطوافات إلى ساحل بنغازي. وقد كشفت المنظمة السياسية الليبية أن تلك الباخرة ما كانت لتتجرأ وتدخل المياه الإقليمية وتنزل حمولتها المجهولة لولا تواطؤ من بوارج وسفن عملية صوفيا البحرية.