اليوم وفيما يحيي اللبنانيون هذه الذكرى -رغم التحديات والأزمات الكبرى التي يعيشونها- تطرح تساؤلات حول مستقبل هذه المواجهة المتواصلة بوجه الاحتلال.
منذ ذلك التاريخ الى حد اليوم لا زال الاحتلال الإسرائيلي يحاول إعادة الكرة في غزة وفلسطين وآخر المحاولات معركة «سيف القدس» التي يجمع المحللون والمراقبون على انها رسّخت معادلة الردع في المنطقة وأثبتت زيف مقولة «جيش الاحتلال الذي لا يقهر».
تحولات كبرى
تطرح أوضاع المنطقة تحولات كبيرة اليوم خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والمجتمعية، وجاءت معركة سيف القدس لتؤسس لمعادلات جديدة وتكرّس المفاهيم المحورية التي انطلقت في نصر تموز قبل 15 عاما في لبنان .
فمعادلات سيف القدس وحدّت فلسطين التاريخية في ملحمة شاهد العالم أطوارها ، ولعل أهم انجاز تحقق هو المصالحة الفلسطينية الفعلية التي تكرست بعيدا عن صراع السياسات والمصالح الضيقة . لقد كانت مشاهد الشهداء والضحايا الأطفال والنساء والكهول كفيلة بتوحيد الدم الفلسطيني وإعادة القضية الى الواجهة بعد ان اعتقد العدو بان موجة التطبيع ستنهي ما تبقى من التزام عربي بقضية فلسطين .
من حرب تموز الى سيف القدس تغيرات استراتيجية كبيرة على جبهات الميدان والفكر والاعلام والثقافة والتواصل ...وفي خضم ذلك شهدت عديد الأقطار العربية عشرية النار والحرب في سوريا وليبيا واليمن وغيرها إضافة الى فتنة داعش الإرهابي من اجل استنزاف ما تبقى من قيم وعزم ومبادئ في هذه الدول الباحثة عن استقرارها ووجودها في بركان الأزمات المتفجر في كل مكان.
مناخ جديد
تحدث محمد فرج الكاتب والباحث الأردني في حديثه لـ«المغرب» عن أهمية الاعلام في هذه المعركة ضد الاحتلال ووضح قائلا :«لقد عمل الاحتلال باستخدام كارتيلات الإعلام، التي دعمها بمبالغ طائلة من الأموال، وبرفقة وسائل إعلام مؤيدة له ومتحالفة معه عضويا، على تكريس صورة الآلة العسكرية الجبارة التي لا تهزم، والمجتمع المستقر، ونموذج الديمقراطية. ولكن الإعلام الذي جعل قضية فلسطين بوصلته، كشف هذه الأكاذيب وبدد الأوهام، بمهنية وواقعية وثبات.. فسقط مثلث الوهم، وظهر الكيان على حقيقته في العجز عن تحقيق الانتصار، وظهرت الثقوب في بيت العنكبوت في ساحة المعركة، وظهرت صورة المجتمع الاستيطاني الهشّ والمرتجف والمفكك، وانكشفت أيضا ملامح ارتباكه الداخلية، وعنصريته ووحشيته تاركة صورة النموذج الديمقراطي في الخلف محض أوهام» ويتابع محدثنا :» لقد حاول الاحتلال أيضا تصوير الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 على انهم ليسوا الا مواطنين يبحثون عن تحسين شروط العيش، تكسر ذلك امام صمود الشباب في ظل عنوانهم التاريخي، وهو مواجهة الاحتلال.
ويضيف مساعد المدير العام للسياسات والمحتوى في الميادين بالقول :« في ذكرى حرب تموز قمنا بتغطية خاصة في قناة الميادين ناقشنا خلالها الموضوعات بمناسبة هذا الانتصار المهم الذي أسسّ عمليا انطلاقا مما سبقه من تحرير الجنوب وبما لحقه من الانتصار في معركة سيف القدس لمناخ جديد، بيئة سياسية ثقافية جديدة اخترنا ان يكون عنوانها «حلف القدس». ويتابع : «حلف القدس هو مناخ واسع وبيئة حاضنة لكل روافع الانتصار لفلسطين وتحرير فلسطين، يتضمن ذلك الانتصارات المتتابعة لمحور المقاومة،. ويتضمن ذلك التأييد الواسع للعنوان التاريخي الذي لم تمحه السنوات ، وهو عنوان التحرير، ويتضمن أيضا وجدان العرب والمسلمين الثابت على عنوان التحرير، ويتضمن أيضا تمركز فلسطين في قلب قضايا العالم.»
وانطلاقا من كل ذلك يمكن القول اليوم ان أهم سلاح بوجه الاحتلال الإسرائيلي هو تطوير العقول والاستثمار في المعرفة ومقاومة الجهل وفيروس الانقسام في هذه المعركة الطويلة التي لن تنتهي اليوم او غدا .