والجديد هذه المرة في المشهد اللبناني -ليس الأزمات والصراعات السياسية التي تكاد تكون خبز اللبنانيين اليومي بسبب طبيعة المجتمع اللبناني وتركيبته المتعددة طائفيا ودينيا وسياسيا -، ولكن الجديد مستوى التفقير الحاصل وتصاعد نسب البطالة وانهيار مستوى العملة الى أرقام كارثية لم يشهدها اللبنانيون في تاريخهم مما جعل القدرة الشرائية للمواطنين تهتز. وكلها سيناريوهات من الصعب ان يصدقها حتى اللبنانيون أنفسهم...
«هذا ليس لبنان ...أعيدوا لنا وطننا المسلوب «...تكاد هذه العبارات تتكرر يوميا على ألسنة اللبنانيين الثائرين والناقمين على طبقتهم السياسية التي أوصلتهم للإفلاس . فمصير آلاف العائلات اللبنانية يتعلق بسعر صرف الدولار الذي يتغير بين ليلة وضحاها وتتغير معه أسعار السلع والمواد الاستهلاكية والمواد الطبية بشكل صاروخي وخرافي. وتعتقد شرائح واسعة اليوم بأن حكام البلد يدفعون بأبنائه وشبابه الى الهجرة التي ازدادت في الآونة الأخيرة وتصاعدت بشكل لا يوصف .
ولكن رغم كل هذه العتمة ، فان السيناريو الأسوأ بالنسبة للبعض لم يحصل بعض وهو دخول البلد في نفق حرب أهلية جديدة ...وهذا ما يتخوف منه اللبنانيون .
لقد أعلن عن ذلك بشكل واضح الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطابه الأخير محذرا من ان جهات خارجية وداخلية تدفع نحو حرب أهلية في لبنان».
وقال نصر الله: «لدي معلومات أن هناك جهات خارجية وبعض الجهات الداخلية التي تدفع باتجاه حرب أهلية في لبنان»، دون أن يدلي بتفاصيل أكثر حول ذلك.
وأضاف موضحًا أن «لبنان في قلب أزمة وطنية حقيقية كبرى، أزمة سياسية ومالية واقتصادية، وأزمة نظام وغيرها». كما نصح نصر الله، رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، بـ»إعادة النظر بموضوع حكومة الاختصاصيين وتشكيل حكومة تكنو-سياسية، حتى لا يهرب أحد من المسؤولية». وتابع «إذا استمر التأزيم في ملف تأليف الحكومة فالحل هو إعادة تفعيل
عمل الحكومة المستقيلة دون وضع شروط». وحمّل نصر الله حاكم مصرف لبنان مسؤولية تدهور قيمة العملة قائلا :» وعلاقاتك تمكنك من أن تمنع هذه الصعود غير المقبول وأنت تعرف ذلك وهذه مسؤوليتك وعليك ان تحمي هذه العملة».
في خضم كل ذلك جاء اللقاء بين رئيس الحكومة اللبناني المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون غداة اتهامات متبادلة بينهما بتعطيل تشكيل حكومة، ليضيء قليلا من العتمة، ويعيد الأمل بشأن إمكانية التوصل في أسرع وقت الى حكومة وحدة وطنية . ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سينتهي كابوس اللبنانيين بتشكيل هذه الحكومة ؟وهل سيتوقف الانهيار الاقتصادي والمالي؟ وهل ستعيد الحكومة ثقة المجتمع الدولي بالبلد بعد اعلان افلاسه؟.
الأكيد ان هناك اليوم في لبنان غضب شعبي كبير يتمدد يوما بعد يوما كبركان غاضب لا أحد يعلم متى ينفجر وكيف يمكن اطفاؤه؟ وكم سيكون الثمن؟.