لحقوق الإنسان في مدينة قريبة من طرابلس اكتشفت فيها مقابر جماعية في جوان الماضي، وتأتي هذه الخطوة الأمريكيّة في وقت ينتظر فيه المجتمع الدولي والشارع السياسي الليبي تغيرا في السياسة الأمريكية تجاه أزمة ليبيا بعد أن اتسمت سياسة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بالضبابية وعدم الوضوح.
وأعلن وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين في بيان له أن السبب في القرار الأمريكي أن «محمد الكاني» وميليشيا «الكانيات» عذبوا مدنيين وقتلوهم خلال حملة قمع وحشية في ليبيا».وتطبق هذه العقوبات في إطار قانون «ماغنيتسكي»، وهي تسمية نسبة إلى محام روسي قتل وهو قيد الاحتجاز، ويهدف إلى مكافحة الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان.
وتتضمن العقوبات تجميدا في الولايات المتحدة لأصول الأفراد أو الكيانات، وحظر التعامل معهم داخل النظام المصرفي الأمريكي.وسيطر محمد الكاني وتنظيمه الكانيات في السنوات الأخيرة على مدينة ترهونة الواقعة على 80 كلم إلى جنوب شرق طرابلس.وفي افريل 2019، أعلنت الكتيبة عن دعمها لخليفة حفتر.
وفي 5 جوان 2020 استعادت القوات الموالية لحكومة الوفاق السيطرة على ترهونة، حيث عثر على 11 مقبرة جماعية على الأقل، تحتوي على جثث نساء وأطفال وكبار في السن، بحسب بيان وزارة الخزانة.وعثر على أكثر من مئة جثمان، وفق السلطات المكلفة بعمليات استخراج الجثث.
سياسة ضبابية
وطالما دعت الولايات المتحدة الأمريكية خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا أو مايعرف بالجيش الوطني الليبي إلى وقف هجومه على العاصمة طرابلس وجاء ذلك آنئذ لإبراز اصطفاف أمريكي واضح خلف الحكومة الليبية بقيادة فايز السراج بعد سنوات من الضبابية التي خيمت على استراتيجية البيت الأبيض تجاه الملف الليبي. كما اعتبر مراقبون أنه رغم ذلك بقي موقف الولايات المتحدة الأمريكية ضبابيا نتيجة قلق إدارة البيت الأبيض من التدخل الروسي في الشأن الليبي ممايؤكّد أنّ الدور الذي تلعبه موسكو الداعمة لقوات حفتر بات مقلقا لواشنطن.
وخلال سنوات حكم ترامب الـ4 اعتمد البيت الأبيض على سياسة غامضة في ما يتعلق بالحرب في ليبيا منذ اغتيال السفير الأمريكي في طرابلس، وارجع مراقبون هذا التغير في لهجة الخارجية الأمريكية مرجعه تنامي الدور الروسي على الأرض في ليبيا والأنباء التي تؤكد وجود دور عسكري روسي على الميدان في يليبا دعما لقوات حفتر.
وتضاربت القراءات للموقف الأمريكي مع انطلاق الحملة العسكرية التي أطلقها خليفة حفتر في طرابلس منذ سنوات، إذ اعتبر مراقبون الاتصالات الهاتفية بين ترامب وحفتر خلال الأسابيع الأولى للهجوم علامة على دعم واشنطن لحفتر وقال البيت الأبيض آنذاك إن ترامب «أقر بدور المشير حفتر البارز في محاربة الإرهاب وتأمين موارد ليبيا النفطية وبحث الاثنان رؤية مشتركة لانتقال ليبيا إلى نظام سياسي ديمقراطي مستقر».إلاّ أنّ البيت الأبيض سرعان ما نفى ذلك بعد اتصالات مماثلة بين ترامب والسراج .
حراك وانتظارات
و يرى مراقبون أن الفترة المنقضية شهدت حراكا دبلوماسيا أمريكيا غير مسبوق يدلّ على أن الملف الليبي عاد إلى واجهة اهتمامات البيت الأبيض وآخرها العقوبات التي فرضت على ميليشيات الكاني. فمنذ تولي الرئيس الحالي دونالد ترامب المنتهية ولايته اعتبر متابعون أن القضية الليبية لم تكن في سلم أولويات الرئيس الجمهوري الذي وجه بوصلته نحو الشرق الأوسط وتناسى معضلات ليبيا والقارة الإفريقية على حد سواء. لكن آمال الليبيين ودول الجوار المعنية بالملف الليبي معلقة على الرئيس الديمقراطي الجديد جو بايدن
ويؤكد مختصون في الشأن الليبي أنّ التطورات الأخيرة سواء في المشهد الليبي أو في المشهد الأمريكي تدل على عودة تدريجية لواشنطن إلى القارة الإفريقية عبر بوابة ليبيا خصوصا وأنها باتت تحتضن صراع نفوذ بين عدد من الدول الغربية بدءا من فرنسا وايطاليا وصولا إلى روسيا وتركيا وبعض الدول الخليجية ، وهذا يزعج إدارة البيت الأبيض.
ويرى مراقبون أن طموح حفتر لتقوية نفوذ قواته العسكرية عبر خلق تحالف مع الجانب الروسي وضمان دور سياسي جديد لموسكو في ليبيا ،يجعل أمريكا تنزعج من هذا التقارب وتحاول العودة بكل ثقلها إلى المعادلة الليبية وذلك بعد اختيارها الحد من نفوذها في عدد من بؤر التوتر الأخرى على غرار سوريا. ومن المنتظر أن تولي إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن الملف الليبي أولوية وأهمية وذلك في إطار مراجعاته للعديد من القضايا والجبهات الساخنة الأخرى من العالم على غرار القارة الأسيوية والإفريقية والشرق الأوسط.
عقوبات أمريكية ضد جماعة ليبية متحالفة مع حفتر: واقع سياسي مُضطرب في ليبيا و آمال مٌعلقة على الإدارة البيضاوية الجديدة
- بقلم وفاء العرفاوي
- 10:31 27/11/2020
- 738 عدد المشاهدات
أعلنت السلطات الأمريكية عن فرض عقوبات على جماعة ليبية متحالفة مع المشير خليفة حفتر، وعلى قائدها، لاتهامهما بارتكاب انتهاكات