الولايات المتحدة الأمريكية والصين.ولئن يرى مراقبون ان الحرب الاقتصادية بين البلدين ليست جديدة إلا أنها بدأت تأخذ منحى أكثر خطورة بعد الاجراءات التصعيديّة التي مافتئ يُعلنها الجانبان تباعا.
وتطال الحرب التجارية المندلعة بين واشنطن وبكين عددا من القطاعات الحيوية الاقتصادية في الصين ماخلّف مساعي محلية ودولية لاحتواء تداعيات هذه الحرب الاقتصادية بين قوة أمريكية وأخرى صينية تقترب من اكتساح الاقتصادات الدولية . ولا تقتصر التداعيات وفق مراقبين على الجانب الاقتصادي بل تتعداه لتطال عدة أصعدة اخرى على غرار الجانب السياسي وأيضا الاجتماعي.
ومن المقرّر أن ترفع الصين الشهر القادم الرسوم الجمركية على واردات الغاز الطبيعي المُسال المستوردة من الولايات المتحدة الأمريكيّة ، وذلك ردا منها على فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المزيد من الاداءات على المنتوجات الصينية الموردة الى واشنطن .
وتبلغ قيمة الاداءات الجمركية المفروضة على الصين من قبل الادارة الامريكية مايقارب الـ200 مليار دولار بزيادة قدرت بـ15 بالمائة بعد أن كانت 25 بالمائة. كما تشن الولايات المتحدة الامريكية حرب تضييقات كبرى على عدد من الشركات الامريكية على غرار عملاق الاتصالات الصيني «هواوي’’ .وتؤكد تقارير اعلامية ان ادارة البيت الأبيض تسير نحو فرض مزيد من الأداءات الجديدة على البضائع الصينية بما فيها الاحذية والملابس وغيرها من السلع الاخرى.
وتمثل الرد الصيني في فرض اداءات قدرت ب60 مليار دولار على الواردات الامريكية وهو مايمثل ضعف ما تستورده بكين من امريكا .ومن المقرر أن يدخل القرار حيز التنفيذ في شهر جوان المقبل. فيما قابل ترامب هذه التهديدات بتعهد اخر يتمثل في فرض تعريفات تبلغ 25 في المائة اضافية على ما تبقى من الواردات الصينية التي تبلغ قيمتها 325 مليار دولار والتي تم استثناؤها الى حد الان من العقوبات الامريكية.
أبعاد وتداعيات
وبالعودة الى الأسباب الحقيقيّة للحرب الاقتصادية الدائرة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية ، يرى مراقبون أنّ إدارة البيت الأبيض اعتمدت منذ تولي الرئيس الحالي دونالد ترامب الرئاسة على سياسة «امريكا اولا» ضمن استراتيجية لاعادة المجد للاقتصاد الامريكي في «امريكا العظمى» كما دعا لها ترامب في حملته الانتخابية. وبدأ ساكن البيت الابيض في مهاجمة الصين التهديد الاقتصادي الاول للولايات المتحدة الامريكية عبر فرض هذه السياسات الجمركية المشددة عليها وذلك بهدف تخفيض اسعار المنتجات الأمريكية مقابل اسعار المنتجات المستوردة (الصينية)، وهو ماسيشجع المستهلك والمواطن في امريكا على الاقبال على المنتوجات محلية الصنع في ضربة كبيرة للبضائع الصينية بالأساس . ويرى شق اخر ان أمريكا تحاول من خلال هذه الخطوات التي تتخذها الحصول على التزامات وأرضية تفاوضية تتضمن تنازلات صينية تخدم مصالحها واقتصادها الداخلي وتمنع الصين من مزيد التغوّل اقتصاديا. ويقول خبراء إن محور استراتيجية ترامب هو اجبار الصين على العودة إلى طاولة المفاوضات لبحث شؤون تجارية أكثر عمقا..ورغم أنّ هذه السياسة الامريكية ستضر ايضا الاقتصاد الأمريكي يرى خبراء أن ترامب وإدارته يعولان على أضرار للصين على المدى البعيد . اذ قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مرارا إن الصين سوف تدفع تلك الضرائب، حتى بعد أن أقر مستشاره الاقتصادي، لاري كودلو، امس الاول بأن الشركات الأمريكية هي التي ستدفع الرسوم الجمركية على أي بضائع تستورد من الصين. اذ يدفع المستوردون الأمريكيون، وليس الشركات الصينية، الرسوم الجمركية في صورة ضرائب للحكومة الأمريكية. إلاّ ان امريكا تعول على اضرار بعيدة المدى للاقتصاد يتعلق ربما بالاستثمارات .
ويربط متابعون للشان الدولي هذا الصدام بين واشنطن وبكين بالوضع المتفجر الذي يشهده الشرق الاوسط خاصة المتعلق بالحرب الدولية والامريكية بصفة خاصة ضد ايران . وتعد طهران احد اهم حلفاء الصين خصوصا في مجال الطاقة. ويرى متابعون ان هذا العداء الامريكي الصيني سيزيد من التعاون بين روسيا وإيران والصين فيما يتعلق بمجالات النفط والغاز وهو ماسيضرّ بالجانب الامريكي ويجعله في موقع مواجهة مع قوتين اقتصاديتين تبنيان تحالفات اقتصادية جديدة قد تؤثر على السوق التجارية الدولية لصالحهما وهي الصين وروسيا وحليفهما الايراني.