في المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي ستحتضنه باليرمو يومي 12 و 13 من شهر نوفمبر . وتأتي هذه الدعوة المثيرة للجدل في وقت يُعتبر فيه مراقبون المؤتمر القادم في ايطاليا بمثابة تهديد واضح لمخرجات مؤتمر باريس الذي احتضنته العاصمة الفرنسية بداية العام الجاري وتمخض عنه تحديد موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية .
إلاّ أنّ تأجيل الانتخابات وعدم النجاح محليا ودوليّا في الإيفاء بالتعهّد الذي توافق حوله الفرقاء الليبيون خلال اجتماع باريس كان أحد أهمّ أسباب انعقاد هذا المؤتمر إذ يرى متابعون ان مؤتمر باريس رغم الاتفاق الهام الذي صدر عنه إلاّ أن عدم التزام الأطراف المعنية أرجع المشهد الليبي المتأزم الى نقطة الصفر. وكانت أربعة وفود ليبية قد اجتمعت في باريس يوم 29 ماي من العام الحالي، تمثل قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، لبحث مسألة إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في البلاد.وخرجت الوفود الأربعة بعد اجتماع باريس ببيان ختامي ينص على التحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية في 10 ديسمبر 2018. ووفقا لوكالة اكي الإيطالية قال كونتي، في حوار لوسائل الإعلام الإيطالية «دعوت ماكرون إلى باليرمو للقمة حول ليبيا. لدينا اختلافات في وجهات النظر مع الرئيس الفرنسي، لكن العلاقة على المستوى الشخصي جيدة. كل واحد مِنّا يريد فعل ماهو أفضل لبلاده. ومع هذه الروح سوف أرى بوتين في موسكو. أنا أعتبره محاورا أساسيا». كما اكدت ايطاليا موافقة قائد الجيش الليبي خليفة حفتر على الحضور في المؤتمر بعد اخذ ورد وشكوك حول مشاركته من عدمها .
خلاف فرنسي ايطالي
ويمثل الملف الليبي إحدى أهمّ نقاط الخلاف بين الحكومتين الايطالية والفرنسية خصوصا المتعلقة بموعد الانتخابات الذي تم تحديده في مؤتمر باريس بداية العام الجاري لكن روما لم تكن من بين الدول المرحبة بذلك التوافق رغم ان حكومة ايطاليا نفت مرارا التشكيك في حتمية إجراء الانتخابات السياسية في ليبيا.
ورغم ان التواجد الايطالي في ليبيا يعد قديما، إلاّ ان المؤتمر المقبل زاد من حدّة الجدل القائم حول حقيقة الدور الذي تلعبه حكومة جوزيبي كونتي في ليبيا التي تعيش منذ سنوات طويلة تحت وطأة الفوضى السياسية والأمنية ووسط سطوة ميليشيات مسلحة.
يشار الى ان البرلمان الإيطالي السابق وافق قبل اشهر على زيادة الوجود العسكري في ليبيا ونشر ما يصل إلى 470 جنديا في النيجر لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر إلى أوروبا.ولئن رفضت ايطاليا في وقت سابق الاعتراف بوجود قوات عسكرية تابعة لها على الاراضي الليبية فقد جاء قرارها الاخير ليؤكد الدور الميداني الذي تلعبه روما في بلاد عمر المختار، وهو دور يرافقه جدل وانقسام محلي ليبي واسع النطاق . اذ أكّد مجلس النواب (طبرق) رفضه قرار البرلمان الايطالي مطالبا السلطات بالتوقف عن انتهاك السيادة الليبية . فيما تواجه حكومة الوفاق الليبية اتهامات بالتواطؤ مع الجانب الايطالي لتوسيع نفوذه في ليبيا مقابل الحصول على دعم اكبر على الصعيد السياسي الدولي .
ويرى متابعون للشأن الافريقي ان هذا التوجه الايطالي لدعم الوجود العسكري في منطقة شمال افريقيا يأتي تزامنا مع خطة ايطالية لمكافحة الهجرة غير الشرعية ومنع وصول المهاجرين الى سواحلها عبر البوابة الليبية ، اذ سجلت ايطاليا وصول اكثر من 600 الف مهاجر غير شرعي قادمين من ليبيا ويحملون مختلف الجنسيات نظرا للمشهد الامني غير المستقر في طرابلس وأيضا سطوة الميليشيات المسلّحة وميليشيات تهريب البشر .ونشرت وسائل اعلام ايطالية انه من المتوقع أن يعمل نحو 400 جندي في ليبيا بعد ان كان عددهم 370 جنديا بالإضافة إلى الوحدات الجوية والبحرية التي تعمل بالفعل بالقرب من الساحل الليبي والتي تضم 130 وحدة برية، كما قالت تقارير اعلامية دولية ان إيطاليا سترسل باعتبارها عضوا في حلف شمال الأطلسي - الناتو- 60 جنديا إلى تونس لدعم السيطرة على الحدود ومكافحة الإرهاب.
فرغم الجهود الدولية لحلحلة الازمة فشلت أطراف الصراع الليبي في الاحتكام الى اتفاق موحد ينهي سنوات من الاقتتال السياسي والعسكري ،وهو ما زاد من تداخل الادوار الخارجية في شؤون البلاد وصل حد طرح فرضية التدخل العسكري الاجنبي في اكثر من مناسبة نتيجة الفوضى السياسية وتنامي التهديد الارهابي على الاراضي الليبية . ويربط متابعون للشأن الليبي التدهور الامني والاقتتال العنيف الذي تعيش على وقعه ليبيا وخاصة في الفترة الاخيرة والذي احتدم مؤخرا بسعي المجتمع الدولي الى البحث عن حل ينهي هذا الصراع ويعيد المشهد السياسي الى مرحلة من الاستقرار تتم على اساسه اعادة بناء الدولة الديمقراطية .