لوزراء الداخلية بعد اللقاء الذي انعقد في جوان قبل القمة الأوروبية وبدون مشاركة إيطالية. وكان موضوع الهجرة محل نقاش وتفاوض بين الدول الأوروبية في قمة بروكسل حيث اتفق المشاركون على جملة من القرارات من بينها تركيز «مراكز فرز» للاجئين خارج التراب الأوروبي وكذلك مراكز تجميع بمثابة السجون على التراب الأوروبي لإدارة ملفات طالبي اللجوء. وأعاد وزير داخلية النمسا هيربيرت كيكل طلب إرساء «مراكز طرد» في أوروبا بالرغم من رفض قمة 28 جوان للمقترح.
ثلاثي يقود الخطاب الجديد حول الهجرة غير الشرعية في أوروبا يتمثل في هيربيرت كيكل وزير داخلية النمسا و ماتيو سالفيني نظيره الإيطالي والألماني هورست سيهوفر. واستقبلت النمسا الأخيرين باستعراض عسكري عند وصولهما لمدينة إينسبروك حيث انعقد الاجتماع. وشارك في اللقاء ، الذي أرادته النمسا غير رسمي، المفوض الأوروبي المكلف بملف الهجرة ديميتريس أفراموبولوس الذي تمسك بقرارات القمة الأوروبية وعبر عن تحفظه على مراكز الطرد. لكن الخطاب المتطرف للثلاثي أصبح الخطاب الطاغي في أوروبا خاصة بعد أن صعدت الأحزاب اليمينية المتطرفة لسدة الحكم في عديد من البلدان الأوروبية.
التوجه الأوروبي الجديد يقدم الحل الأمني لقضية الهجرة على الحلول الإنسانية التي تتوخاها الدول، وفي مقدمتها ألمانيا التي استقبلت مليون لاجئ قادما من الشرق الأوسط عام 2015. وتشارك فرنسا عبر قانونها الجديد حول الهجرة في هذه الموجة المتشددة دون أن يكون لها خطاب مطابق للإجراءات المتخذة من قبل وزارتها للداخلية. بل تواصل باريس إعلانها التمسك ب «مبادئ أوروبا» التي تشكل حقوق الإنسان ركيزتها الأساسية. أما في واقع الممارسة السياسية فهي لا تمانع في المطالبة بتركيز مراكز فرز في الضفة الجنوبية للمتوسط و في قبول المقترحات الإيطالية التي عبر عنها وزيرها الأول جيوزيبي كونته.
مقترحات جريئة
إضافة إلى مراكز ترحيل المهاجرين انطلاقا من الأراضي الأوروبية، تقترح النمسا تركيز معسكرات فرز للاجئين على الأراضي الإفريقية، أي في شمالها بالتحديد. علما و أن فرنسا كانت قد اقترحت تنظيم مثل هذه المراكز في ليبيا والنيجر و التشاد بدون أن تتوصل إلى تحقيق أي تقدم في الموضوع. لكن هذه المرة قامت الدول الأوروبية بطلب إنشاء مثل هذه المراكز في بعض الدول التي «تصدر» الهجرة إلى بلدان الشمال مثل المغرب و تونس و ليبيا. لكن هذه الدول رفضت الاقتراح مثلها مثل اليونان و ألبانيا في الجانب الأوروبي.
يبقى أن الجانب الليبي أظهر استعدادا في الآونة الأخيرة لدراسة المقترح الإيطالي بتركيز مثل هذه المراكز على التراب الليبي على أن تشارك إيطاليا و أوروبا في اقتسام المسؤوليات والعبء. لكن إلى حد الساعة لم يتبلور أي مسلك في هذا الاتجاه برغم الإعانات المادية والعسكرية التي تقدمها إيطاليا وأوروبا لليبيا لتسليح جيشها وتمكينه من معدات بحرية تسهل عمل البحرية الليبية في مراقبة حدودها البحرية وصد المهاجرين المقبلين على عبور المتوسط تجاه أوروبا.
مراكز استقبال عل السواحل الإفريقية
استغل اجتماع اينزبروك الاتفاق الأوروبي حول إرساء «مراكز استقبال للمهاجرين المرحلين» من أوروبا والعابرين للمتوسط الذين تم إسعافهم من قبل زوارق الإغاثة لاتخاذ إجراءات تحد من عمل الجمعيات الساهرة على إغاثة المهاجرين في البحر. و شرع وزير داخلية إيطاليا ماتيو سالفيني في التشاور مع السلطات الليبية لتركيز معاقل للمهاجرين الذين يتم إنقاذهم، علما و أنه أكد ، خلال القمة، مرة أخرى أن إيطاليا لن تستقبل أي زورق أو باخرة حاملة للمهاجرين في المواني الإيطالية. بل يريد إرجاع هؤلاء إلى مراكز انطلاقهم. و إن يفلح في إقناع السلطات الليبية الذين يتعامل معهم فهو سوف يجد صعوبة قصوى لإقناع تونس و المغرب و الجزائر بمثل هذا الإجراء.
ولا يزال الثلاثي النمساوي - الإيطالي – الألماني يحاول إقناع باقي الدول الأوروبية التي لها سواحل متوسطية بالمشاركة في هذه العملية دون التوصل إلى نتيجة. المعارضة لهذا المشروع عبرت عنها المفوضية الأوروبية التي تستند إلى القانون الدولي و معاهدة دبلين و معاهدة جينيف حول اللجوء. و تبقى أوروبا تتصارع على مستوى وزاري بعد أن كانت الأصوات المنادية بتغليب السياسة الأمنية على السياسة الإنسانية تتحرك في المعارضة. وجود خطابين مختلفين حول موضوع الهجرة لن يدوم طويلا لأن الحكومة الألمانية أصبحت مهددة بعد «انتفاضة» وزيرها للداخلية الذي هدد المستشارة أنجيلا ميركل بترحيل «المهاجرين الاقتصاديين» إلى الدول الأوروبية التي صدرتهم إلى ألمانيا في صورة لم تتوصل إلى حل مرضي اليوم ، بعد قمة 28 جوان الأوروبية، لا يزال الإتحاد الأوروبي يبحث عن حل مستحيل لأزمة أخذت أشكالا دولية بعد أن توصلت منظمة الأمم المتحدة إلى توافق – بمعارضة أمريكية – حول إقرار اتفاقية دولية حول الهجرة يشارك فيها المنتظم الدولي و تكون عبارة على قاعدة قانونية و أخلاقية تتشارك فيها كل دول العالم بعيدا عن التحركات الإيديولوجية للأحزاب المتطرفة الأوروبية التي تضاعف جهودها للقضاء على مشكلة الهجرة في حين لم تسجل أوروبا أرقاما ضعيفة للمهاجرين في تاريخها مثل التي سجلت عام 2017 و العام الحالي.