المؤتمر الدولي بباريس حول ليبيا ... خارطة طريق جديدة لإنهاء الأزمة .. أم عودة إلى المربع الأول ؟!

تتّجه الأنظار الى العاصمة الفرنسية التي ستحتضن اليوم الاجتماع الدولي حول ليبيا

بمشاركة وفود ليبية ومنظمات وهيئات دولية وكذلك رئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ...ويهدف المجتمعون الى توفير البيئة الملائمة لإجراء انتخابات تكون بداية الطريق لإنهاء الازمة المتواصلة منذ اكثر من ثماني سنوات وكذلك الاستفتاء على مشروع الدستور الذي قدمته الهيئة التأسيسية الليبية.....ولعل ابرز الشخصيات الليبية المشاركة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ورئيس المجلس الرئاسي فائز السراج والقائد العام للقوات المسلحة الليبية خليفة حفتر.
كما تمت دعوة 19 دولة معنية بالملف الليبي وهي دول الجوار تونس ومصر والجزائر وتشاد اضافة الى المغرب و «الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ودول اخرى مؤثرة في الملف الليبي على غرار ايطاليا والإمارات وقطر والكويت وتركيا ، والمبعوث الأممي غسان سلامة، و الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نجيسو رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي الرفيعة المستوى حول ليبيا.

و سبق ان شهدت باريس اجتماعا في جويلية من العام الماضي جمع كلا من القائد العام للجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج لاول مرة وتم خلاله الاتفاق، على وقف لإطلاق النار .. لكن ظلت المبادرة حبرا على ورق ولم يتحقق منها شيء على ارض الواقع. وتنص المبادرة الجديدة التي طرحتها فرنسا بحسب تقارير اعلامية على 13 نقطة رئيسية منها «التوحيد الفوري للبنك المركزي الليبي، وحل جميع المؤسسات الموازية ، وتوحيد الجيش، وفتح دورة جديدة لتسجيل الناخبين، وتنظيم استفتاء على الدستور، وإجراء انتخابات قبل نهاية 2018.

شروط مسبقة
التوافق حول اجراء انتخابات رئاسية برلمانية ...وانتهاء المراحل الانتقالية الصعبة ... اضافة الى تكريس دولة مدنية ديمقراطية وتحسين الوضع الاقتصادي والأمني المرير ..هي بعض من الاحلام التي يتطلع الليبيون الى تحقيقها بعد سنوات من العيش تحت خطوط النار ...ولعل السؤال الابرز ..ما مدى امكانية نجاح هكذا مؤتمر دولي بذاك الحجم من المشاركين في احداث خرق للازمة المستعصية ، خاصة في ظل تعدد المؤتمرات الدولية والاقليمية والمبادرات حول ليبيا والتي لم تستطع حتى اليوم تغيير شيء في المعادلة الليبية التي ظلت رهينة الميليشيات ..وبقي صوت السلاح في الميدان اقوى من كل المؤتمرات ..
يرى مراقبون ان وضع شروط مسبقة من قبل رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري واهمها «أن يكون الاتفاق السياسي هو المرجعية الوحيدة لهذه المبادرة أو سواها في المرحلة القادمة، وألا تجرى الانتخابات إلا بعد الاستفتاء على الدستور « ، وكذا طلبه عدم دعوة خليفة حفتر .. كلها عوامل لا تؤشر الى ان مؤتمر باريس الذين ينطلق اليوم قد يغير الكثير في المشهد الليبي . اضف الى ذلك اعلان كتائب مسلحة في الغرب الليبي رفضها لهذه المبادرة الفرنسية الجديدة . حيث اعلنت الكتائب الموقعة على البيان، رفضها «أي مبادرة لتوطين حكم العسكر في البلاد، ولا تراعي القانون العسكري الليبي في شروط تولي المناصب العسكرية، ولا تهدف لمدنية الدولة والتداول السلمي بها».
وابرز التشكيلات المسلحة الرافضة هي المجلس العسكري جنزور، المجلس العسكري الزنتان، المجلس العسكري مصراتة، كتيبة شهداء سوق الجمعة، المجلس العسكري سوق الجمعة، المجلس العسكري غريان، غرفة عمليات المنطقة الغربية، كتيبة ثوار صبراتة، المجلس العسكري الخمس، كتيبة ثوار زلطن، المجلس العسكري جادو، ثوار مسلاتة، كتيبة الرحبة تاجوراء.

الدور التونسي
يشار الى انه تمت دعوة تونس للحضور في الاجتماع نظرا للدور المحوري الذي تلعبه دول الجوار وعلى رأسها تونس في أي حل مرتقب للأزمة الليبية .. وفي لقاء جمع خالد المشري رئيس المجلس الاعلى للدولة بوزير الخارجية التونسي جدد خلاله خميس الجهيناوي التاكيد على مواقف تونس الثابتة من الأزمة الليبية التي تضمنتها المبادئ التي قامت عليها مبادرة الرئيس الباجي قايد السبسي والمتمثلة خصوصا في رفض أي حل عسكري وتدخل أجنبي في ليبيا وتشجيع الفرقاء الليبيين على إجراء حوار شامل تحت رعاية الأمم المتحدة وفقا لخارطة الطريق التي أعلنها المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة وبالاستناد إلى الاتفاق السياسي الموقع في ديسمبر 2015.
في حين اكد المشري على اهمية دور دول الجوار المحوري في دعم المسار السياسي في ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة.

تفكيك الميليشيات اولا
وعن فرص نجاح مؤتمر باريس ومالذي سيضيفه الى المشهد الليبي المرتبك يقول الباحث والناشط السياسي عز الدين عقيل لـ « المغرب « ان هذا المؤتمر عقيم بكل ما للكلمة من معنى لانه يعتمد على نفس وجوه الصخيرات في الوقت الذي اعلن فيه غسان سلامة بكل وضوح ان اتفاق الصخيرات قد تجاوزه الزمن . ويضيف محدثنا :«ما لم يجمعوا امراء الحرب حول مائدة للتفاوض وممارسة الضغط عليهم من خلال مجلس الامن الدولي من اجل اجبارهم على نزع السلاح وتفكيك الميليشيات وتسريح المقاتلين واعادة ادماجهم ومساعدة الجيش على العودة الى ما كان عليه قبل 2011 واصلاحه حتى يصبح جيشا رشيدا كما حدث مع عديد البلدان العالم .. واعتقد ان كل الحلول خارج هذه الشروط تبقى عقيمة ..فمؤتمر باريس الجديد بتصوري هو هروب الى الامام فالمجتمعون يهربون من بنود الصخيرات -وهي بنود سهلة وبسيطة- الى مناقشة مسألة الانتخابات وهي اكثر تعقيدا..

أي دور للإسلام السياسي ؟
ويرى محدثنا ان تيار الاسلام السياسي يلعب دور المعرقل في اية تسوية او مفاوضات وان اشراكه في مؤتمر باريس سيكون سلبيا على نجاح المبادرة ويتابع القول :«لا يتوانى تيار الاسلام السياسي عن زرع العراقيل ، فهم زرعوا قانون العزل السياسي وأيضا زرعوا المادة الثامنة في اتفاق الصخيرات التي خلقت مشاكل كبيرة للتوافق بين الليبيين وعندما سيكونون طرفا في مفاوضات انتاج قانون الاستفتاء او اجراء الانتخابات فاعتقد انهم سيلغمونه ايضا بالكثير من الالغام وسنجد انفسنا وقد عدنا الى المربع الأول وعوضا عن ان نناقش سويا عراقيل الصخيرات سنجد انفسنا في مناقشة سبل حل العراقيل التي سيضعها تيار الاسلام السياسي في قانون الانتخابات».
وأشار عقيل الى ان اجراء الانتخابات دون توحيد السلطة السياسية هي مسألة مستحيلة وعبثية ..ويتساءل محدثنا :«كيف سنوحد هذه القوى حول مشروع الانتخابات خاصة ان هناك خلافات بين الاطراف حول توزيع الدوائر و طريقة التعاطي مع اصوات الناخبين ومشكلة خليفة حفتر ..». ويشدد عقيل بالقول :«الحل في ليبيا يجب ان يبدأ بنزع الميليشيات وتفكيك السلاح وإنهاء سيطرة امراء الحرب الذين يشكلون حكومة حقيقية في ليبيا ، حتى انهم اصدروا قرارا بالإجماع يرفضون فيه لقاء باريس لمجرد انه دعا خليفة حفتر لحضوره ..فموقفهم من خليفة حفتر متطرف رغم ان وجود حفتر يعد عنصرا اساسيا من عناصر الحل .. فهم المخلب الذين تحرك به بعض القوى الخارجية كل ما لا يندمج مع تطلعاتها ..ومصالحها ...
اما عن دور فرنسا في الازمة فيجيب بالقول :«فرنسا لها دور اساسي في الملف الليبي ولها مصالح في الجنوب الليبي ..وباريس تتطلع الى السيطرة على الجنوب بكل ما فيه من ثروات هائلة وتتطلع الى العودة لإقليم فزان لان هناك استثمارات فرنسية في مجال اليورانيوم».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115