النيابي الحالي لنفسه بسبب الازمة السياسية التي كانت طاغية في ذلك الوقت ..ورغم ان الديمقراطية الطائفية اللبنانية لها ركائز وتقاليد سياسية معروفة تاريخيا لكن القانون الانتخابي الجديد والقائم على النسبية ساهم لأول مرة في صعود بعض الوجوه المستقلة الى سدة البرلمان ...
الصراع كان على اوجه بين القوى الفاعلة من اجل الحصول على اكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان وخاصة بين فريق حزب الله وحلفائه وتيار المستقبل بزعامة سعد الحريري .. وقد اظهرت النتائج الاولية التي صدرت امس تقدم أمل وحزب الله وتراجع تياري عون والحريري . كما تشير النتائج إلى ارتفاع حصة حزب القوات اللبنانية، بزعامة «سمير جعجع»، في المجلس النيابي.
وبلغة الارقام تحصل حزب الله وفق النتائج الاولية على 13 مقعدا وحركة امل 16 مقعدا والحزب القومي السوري الاجتماعي 3 مقاعد ،حزب المردة (سليمان فرنجية) مقعدان ، التيار الوطني الحر وحلفاؤه (ميشال عون) 26 مقعدًا ..ولكن المفارقة هو حصول المستقلين على 7 مقاعد وهذا العدد مرشح للزيادة مع الاعلان النهائي للنتائج الانتخابية.
واللافت ايضا هو تراجع نسبي في عدد المقاعد التي حصل عليها تيار المستقبل وحلفاؤه بالنسبة الى انتخابات 2009 ... اذ كان فريق 14 آذار والمؤلف من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزبي الكتائب والقوات اللبنانية قد حقق فوزا ساحقا في الانتخابات الماضية وحصل التحالف مجتمعا على 71 مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان اللبناني البالغ عددها 128 مقعدا ..مع نسبة مشاركة واسعة وصلت الى حد 55.65 بالمائة، في حين لم تتجاوز نسبة الاقبال في الاستحقاق الحالي الـ 49 بالمئة..
وقد شهدت طرابلس وهي معقل السنة في لبنان المعركة الانتخابية الاشد شراسة بين تياري «المستقبل» بزعامة سعد الحريري و«العزم» الذي يتزعمه رئيس الوزراء الاسبق نجيب ميقاتي والذي ينتهج لنفسه خطا وسطيا منذ بداية الانقسام اللبناني والشرخ بين فريقي 14 آذار و8 آذار ..حيث حصل تيار العزم على 4 مقاعد محققا فوزا كاسحا في هذه المدينة ومجددا زعامته التاريخية ..
ويتوقع المراقبون ان يتمكن تحالف حزب الله وحركة امل بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب المردة بزعامة سليمان فرنجية والوطني الحر بزعامة الرئيس اللبناني ميشال عون ، من تشكيل حكومة بعيدا عن التفاهم مع تيارات اخرى اذا اراد زعماؤه ذلك.. الامر الذي سيكون له ارتدادات سلبية على الوضع السياسي في البلاد وربما عودة الى مرحلة جديدة من الانقسامات بعد ان طغى التوافق خلال الفترة الماضية..
واللافت ايضا هو صعود تيار المجتمع المدني بقيادة مجموعة من الوجوه الفكرية والنخب الثقافية والطاقات الشابة في محاولة لإحداث تغيير ما في الوضع الراهن بعد ان اثبتت الطبقة السياسية الراهنة عجزها عن الخروج بازمات البلد العديدة الاقتصادية والاجتماعية ..وقد تمكن المستقلون من الفوز بسبعة مقاعد رغم الامكانيات الضئيلة بالنسبة لباقي الاحزاب الكبرى..
والمفارقة ان الانتخابات اللبنانية تزامنت مع اجراء اول انتخابات محلية في تونس بعد الثورة ، ورغم الاختلاف الكبير في شكل وماهية نظام الحكم الديمقراطي في كلا البلدين لكن سجلت عديد المؤشرات المشابهة على غرار العزوف وتراجع نسبة الاقبال على الانتخابات وصعود القائمات المستقلة لاول مرة ..هي معطيات تحمل اكثر من رسالة للعالم ومفادها ان المواطن العربي سواء في لبنان او تونس ..سئم من الوجوه والاحزاب الحاكمة ولئن اختار البعض العزوف لعدم ايمانه بقدرة صوته على التغيير، ارتأى البعض ايصال المستقلين وهذا ما حدث في كلا البلدين .. مما ينبئ بمشهد سياسي جديد قد يشكل بداية لتغيير ما في الواقع العربي الحالي المهترئ.. وفي خضم مرحلة شديدة الحساسية في الشرق الاوسط .