جولة مشاورات جديدة فلح خلالها في تقريب وجهات النظر بين حركة 5 نجوم بقيادة لويدجي دي مايو و الحزب الجمهوري الذي يشرف عليه مؤقتا ماوريتسو مارتينا، و ذلك بعد أن تعكرت العلاقات بين الحركة و ائتلاف اليمين.
مشاورات رئيس البرلمان مع كل الأحزاب البرلمانية أفرزت عزل حزب «فورسا إيطاليا» من سيناريوهات تشكيل الحكومة الائتلافية اثر الفيتو الذي استعمله ضده لويدجي دي مايو، المرشح الوحيد لرئاسة الحكومة المرتقبة، و ذلك على خلفية تضارب المصالح بين برلسكوني و ترؤسه إمبراطورية إعلامية تشارك بحماس في الحملة الانتخابية و في الضغط على الرأي العام تجاه إقحامه في التشكيلة الحكومية الجديدة. و اعتبر دي مايو أن على أي شخصية سياسية ألا تملك أو ترأس الأجهزة الإعلامية. وهو ما قابله اتهام فذ من برلسكوني بكونه «هيتلر» جديد. و بعد الخلاف الحاد بين الطرفين لم يتبق لزعيم رابطة الشمال سلفيني إلا التخلي عن زعيم «فورسا إيطاليا» ليبقى في السباق الحكومي. لكنه رفض التخلي عن حليفه و فضل مراقبة المفاوضات من بعيد مع اقتناعه بفشلها.
تقدم في المفاوضات
نجح روبرتو فيكو في زعزعة الخلافات بين اليسار و حركة 5 نجوم لما له من حنكة سياسية معترف بها من قبل الطبقة السياسية الإيطالية. وخير أن يركز على نقاط الالتقاء بين الطرفين و التي تتعلق بالخصوص بضرورة العمل على انجاز إصلاحات جوهرية ضرورية تم تأجيلها من قبل الحكومات المتعاقبة منذ ثلاثة عقود مع الإبقاء على الخلافات آملا أن يقوم كل تنظيم بتنازلات معقولة للتوصل إلى توافق في الأسس العريضة للبرنامج الحكومي.
و استغل فيكو وجود وجه جديد يرأس وقتيا الحزب الديمقراطي في شخص ماوريتسو مارتينا الذي ليس له تحفظ على المشاركة في حكومة ائتلافية مع حركة 5 نجوم، خاصة بعد أن أعلن الوزير الأول السابق رومانو برودي ضرورة أن يشارك الحزب في حكومة مع حركة 5 نجوم لسد الباب أمام الحركات المتطرفة العنصرية من دخول قصر كيدجي، مقر الحكومة في العاصمة روما. لكن جزءا عريضا من الحزب الجمهوري ومن مناضليه يرفضون الجلوس حول طاولة واحدة مع سياسيي حزب بيبي غريلو الذي قام بتدمير سمعة الزعماء الديمقراطيين منذ أن أسس حركته وجعلهم من أعدائه الأولين. في عهد دي مايو، تريد حركة 5 نجوم التحول من حزب معارض استفزازي إلى حزب حكومي يتحمل مسؤولياته كلها في إدارة شؤون البلاد.
الرجوع إلى القواعد الإدارية
بعد توصله إلى الحصول على موافقة من ماوريتسو مارتينا، أخبر رئيس البرلمان روبرتو فيكو الرئيس سرجيو ماتاريلا بالتقدم الحاصل في انتظار قرار الهيئة المديرة للحزب الديمقراطي يوم 3 ماي القادم. وبالرغم من الخلافات الحادة داخله و رفض ماتيو رنزي دخول حزبه في حكومة ائتلافية، فإن إمكانية إقصاء برلسكوني و الأحزاب العنصرية من الحكم تشكل فرصة تاريخية على ضوء نتائج انتخابات 4 مارس التي جعلت الديمقراطيين يواجهون هزيمة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية.
زعيم حركة 5 نجوم لويدجي دي مايو أقر، في خطاب أمام مسانديه، بتفاؤله للتوصل إلى حل في غضون أسبوع معتبرا أنه «واثق أن رنزي سوف يجلس حول الطاولة. قال لي رفاقه أن مارتينو يشاطره الرأي». إن صدق هذا القول فذلك يعني أن يكون انفتاح رنزي على موقف مارتينو عملا إيجابيا في إطار التوصل إلى أغلبية تصادق على المشاركة في الحكومة. عدم المصادقة على ذلك التوجه السياسي يعني الدخول في انتخابات جديدة، كما أشار إلى ذلك دي مارتينو، و يفتح الباب أمام مستقبل مجهول للحزب الديمقراطي الذي مني بهزيمة تاريخية و رفض العمل مع منافسيه من أجل إنقاذ البلاد. دي مارتينو اشار في عديد المناسبات أن التفاوض مع الحزب الديمقراطي لا يعني التخلي عن الخلافات و التقييمات المتضاربة. لكنه يعتقد أن للحزبين فرصة تاريخية في العمل الجماعي من أجل الصالح العام و من أجل تنقيح القوانين التي تسمح لبرلسكوني و غيره من استغلال الحقل السياسي لصالح مشاريعه الخاصة. فهل يقبل الحزب الديمقراطي بالدخول في مثل هذا التوجه بعد فترة طويلة من العلاقات العدائية مع حركة 5 نجوم؟ هذا ما ستسفر عنه نتائج الهيئة الإدارية للحزب الديمقراطي يوم 3 ماي.