مايسمى بعملية «غصن الزيتون’’ العسكرية التي تشنها انقرة في سوريا منذ فترة. وبعد التصعيد الاخير والتهديدات المتبادلة بين حكومة انقرة وحكومة دمشق حول دعم الاسد للأكراد صرح المتحدث باسم الحكومة التركية، بكير بوزداج، امس الخميس، بأن روسيا وإيران قد أعربتا عن رغبة قوية في أن تجري بلاده مفاوضات مباشرة مع الحكومة السورية في دمشق، في الوقت الذي تتقدم فيه القوات التركية باتجاه شمال سوريا.
فبعد دخول القوات الموالية لحكومة الاسد الى عفرين لمساندة الاكراد في مواجهة القوات التركية ، تفجر المشهد الاقليمي واستشاطت انقرة غضبا ازاء مااعتبرته «سلوكا سوريا غير مقبول’’ تجاه عدوها الاول في الشمال السوري وهم الاكراد . يشار الى ان عملية ‘’غصن الزيتون’’ التي تنفذها القوات التركية منذ اشهر قليلة في عفرين السورية كان سببها الاول وفق تأكيدات انقرة محاربة الوجود الكردي على حدودها وهو ماتعتبره انقرة تهديدا لأمنها القومي وذلك بعد تنامي دعوات اقامة دولة كردية على الحدود بين تركيا وسوريا اذ تعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية.
وتعد تصريحات بوزداج حول رغبة تركيا في الجلوس الى طاولة المفاوضات مع سوريا، بالإضافة الى رغبة إيران بشدة في ذلك ، تحولا لافتا في مسار المواقف التركية المتذبذبة تجاه المعادلة السورية ومنها موقفها من مستقبل الاسد في سوريا . اذ يرى متابعون ان هذه الخطوة التي اقدمت عليها حكومة دمشق عبر دعم الاكراد كانت ورقة ضغط ناجحة في يدها لفرض الامر الواقع على تركيا . اذ تتحالف تركيا، وهي مؤيد قوي للمعارضة السورية، مع روسيا وإيران في محادثات أستانا، التي تهدف إلى المساعدة في حل الأزمة السورية.
خطورة المشهد العسكري
وحول ما يحصل في عفرين من تصعيد قال الكاتب والمحلل السياسي رامي الخليفة العلي في حديث لـ«المغرب» ان الميليشيات الكردية باتت تدرك خطورة المشهد العسكري، لذلك عمدت إلى تطبيع علاقاتها مع النظام السوري من أجل مواجهة الهجمة التركية وفق تعبيره.
واضاف محدثنا ‘’ لا تبدو إلى الآن ملامح الاتفاق بين النظام والأكراد ولكن النظام يستغل العملية التركية لإعادة السيطرة على عفرين والمناطق الحدودية. يبقى السؤال هل ستخرج الميليشيات الكردية أم سوف تبقى وتنسق مع النظام السوري؟ وهل نحن امام تحالف بين النظام السوري مع الاكراد ضد تركيا ؟ من المبكر قول ذلك خصوصا أن هناك صدام ما بين الطرفين في منطقة الجزيرة السورية. وبالتالي إذا كان هناك اتفاق بين الطرفين فإنه سوف يقتصر على منطقة عفرين’’.
وحول ما ستؤول إليه الامور بعد التهديدات المتبادلة بين انقرة ودمشق اجاب الكاتب والمحلل السياسي ان هناك امكانية لحدوث مناوشات عسكرية بين الطرفين في منطقة عفرين ، مضيفا ‘’ولكن لا أتوقع أن تحدث مواجهة شاملة بين تركيا والنظام لأن ذلك سوف يضر بالمصالح الروسية وروسيا هي ضابطة الإيقاع في هذه المنطقة وباعتقادي أنها سوف تتدخل في الوقت المناسب’’.
الدور الروسي والأمريكي
اما فيما يتعلق بالموقف الروسي والأمريكي مما يحدث في عفرين ، اجاب محدثنا انه ‹›بالنسبة للموقف الروسي باعتقادي أنه يريد أن ينهك الجانب التركي لكي يبقى على الدوام بحاجة إلى موسكو ،ولكي يبتعد أكثر عن الغرب من جهة ومن جهة أخرى يريد الضغط على الأكراد لكي يثبت أن تحالفهم مع الولايات المتحدة هش إلى حد بعيد. أما الولايات المتحدة فقد قسمت شمال سوريا إلى ثلاث مناطق متباينة الأهمية، منطقة عفرين وهي جيب معزول ليس له أهمية بالنسبة للمصالح الأمريكية لذلك لم تمانع عملية غصن الزيتون التركية. المنطقة الثانية هي الجزيرة السورية وهذه سوف تدافع عنها الولايات المتحدة حتى لو اضطرت إلى استخدام القوة العسكرية. المنطقة الثالثة هي منبج وهذه تريد واشنطن الحفاظ عليها كعنصر ضغط على الجانب التركي›› وفق تعبيره.
وبخصوص التوقعات للمشهد المقبل قال الخليفة العلي ان هناك احتمالين: الأول أن تحاصر القوات التركية عفرين وتدخل في مواجهة مع الميليشيات الكردية وقوات النظام السوري ومناوشات مسيطر عليها. أو الاحتمال الثاني ان تتدخل روسيا وتوجد اتفاق بين الأطراف الثلاثة. وأنا ارجح الاحتمال الثاني وفق تعبيره.