انقسام الجيش الليبي عن انعقاد الاجتماع الخامس للضباط الليبيين خلال شهر مارس القادم في القاهرة ،وكانت اللجنة العسكرية المكونة من ضباط في عملية الكرامة من جهة وضباط من البنيان المرصوص وضباط آخرين سجلت تفاهمات لافتة تتعلق بمسار توحيد الجيش واجتمعت على خضوع المؤسسة العسكرية لسلطة مدنية خلال الاجتماع الرابع الذي انعقد في مصر.
الجدير بالتنويه ان رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج والحامل لصفة القائد الأعلى للقوات المسلحة قام بإرسال وفد من الضباط الى اجتماعات القاهرة التي تحظى بدعم دولي وإقليمي.
والسؤال المطروح على هامش الاجتماع الخامس للحوار العسكري هل تفضي المفاوضات الجديدة المرتقبة الى تنفيذ التفاهمات الحاصلة ام تبقى مجرد استعراض أفكار؟ الثابت بأنّ المجتمع الدولي والأمم المتحدة يراهن على بلوغ اتفاق نهائي بين الفرقاء العسكريين ووضع حدّ لانقسام الجيش سيما مع إدراكها بأن تنفيذ أية تسوية سياسية لابد ان تتوفر لها أرضية واحدة. أهم ركائز تلك الأرضية توحيد الجيش الحقيقة بان المجتمع الدولي والأمم المتحدة عبر بعثة الدعم إلى ليبيا نجحت في تفويض وقف إطلاق النار بعد مجزرة براك الشاطئ الوحشية .ومنذ ذلك التاريخ لم يسجل إي احتكاك بين قوات الكرامة والمجموعات المسلحة الموالية للمجلس الرئاسي والمتمثّلة بالأساس في قوات البنيان المرصوص وما يسمى بالقوة الثالثة المتحركة. تثبيت وفرض وقف إطلاق النار كان الفضل فيه لقرار ايطاليا إرسال رسالة واضحة الى المشير حفتر مفادها انه لن يكون بإمكانه تحريك قواته غربا او حتى نحو مدينة سرت. كذلك الحكومة الايطالية لم تكتف بتلك الخطوة، وإنما قامت باستدعاء قائد الكرامة الى روما للضغط عليه من اجل وقف استفزازاته لحكومة الوفاق. الضغوطات على حفتر تكاثفت وأخذت صورا متعددة و منها فتح الجنائية الدولية لملف تجاوزات وانتهاكات إنسانية تورطت فيها قيادات من الكرامة ومسالة المطالبة بتسليم الرائد محمود الورفلي من القوات الخاصة .
الى جانب الخطوات الايطالية خفضت فرنسا الحليف الإستراتيجي لحفتر من مستوى دعمها التقني واللوجستي لقوات الكرامة . كما اعلنت روسيا بدورها عن تحفظها ورفضها تسليح قوات المشير حفتر.مستجدات وتطورات ساهمت والى حد كبير في خضوع حفتر لإرادة المجتمع الدولي في ذات الوقت وافقت المجموعات المسلحة المعارضة للكرامة على الحضور للقاهرة و الانخراط الايجابي في مسار توحيد الجيش.
بالتزامن مع بداية بروز التوافق بين العسكريين كشفت مصادر مقربة من قيادات الكرامة مصراتة ظهور أطراف من داخل مصراتة تسعى لعرقلة عمل اللجنة العسكرية المشتركة، وحذرت المصادر من تداعيات تعنت وعبث بعض قيادات مصراتة العسكرية على جهود الأمم المتحدة للتسريع بالتسوية السلمية للازمة.
وقلل طيف من المتابعين من أهمية عرقلة بعض قيادات مصراتة لمسار توحيد الجيش طالما ان الطرفين الأساسيين يدعمان ذلك المسار، وهما المشير خليفة حفتر والسراج رئيس المجلس الرئاسي. وأكد المتابعون بان كلا من حفتر والسراج هما في الواقع و بدعمهما مساعي توحيد الجيش إنما ينفذان ما سبق لهما الالتزام به خلال لقاء باريس وقبله لقاء ابو ظبي.
الجنوب المنسي
بعيدا عن مؤشرات نجاح لقاء واجتماع العسكريين الليبيين الخامس المقرر انعقاده مارس القادم أكدت مصادر متطابقة من جنوب الكفرة عن اختطاف 8 ليبيين من طرف عناصر مسلحة مجهولين عند نقطة ايقاف وهمية . هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها التي دفعت بالهلال الأحمر الليبي لإصدار بيان ناشد فيه المنظمات الدولية التدخل لمعرفة مصير المختطفين والإفراج عنهم . ويعرف إقليم فزان في الجنوب الليبي حالة من الانفلات والفوضى، وتصاعد ارقام الجريمة بشتى أنواعها واستفحال الوضع الأمني بعد هروب دواعش سرت وبعدها دواعش بنغازي الى سبها عاصمة الجنوب، وعجز قوات الكرامة وقوات المجلس الرئاسي عن فرض السيطرة على المنطقة الصحراوية الشاسعة. وضع امني وفراغ استغلته عصابات تهريب البشر والحركات المسلحة التشادية والسودانية وتنظيم ‹›داعش›› فتحالفت مع بعضها.
قضية ومأساة الجنوب سبق لبعثة الأمم المتحدة أن نبهت إليها كما سبق للمبعوث الأممي إن التقى وفودا من قبائل ومكوّنات الجنوب إنسانيا لإطلاع الأمم المتحدة ومنظّماتها لتقصيرها في حق أهالي الجنوب و تحركت في اتجاه التدارك غير ان التحرك جاء متأخر جدا.
وشأنه شأن باقي أقاليم ليبيا عرف إقليم فزان خلال السبعة أعوام الفارطة شبه حرب أهلية وصراعات مسلحة بين القبائل . الشرارة انطلقت بين قبيلتي التبو والزاوية في الكفرة و سبها ثم بين أولاد سليمان والتبو ورغم توقيع اتفاقيات صلح إلا إن التوتر مازال قائما وينذر بعودة الاقتتال عند كل لحظة وحين.صراع نفوذ على المناطق الحدودية و احتكار نشاط التهريب بين قبائل الجنوب استغلته بعض الدول الغربية لإيجاد موطئ قدم في المنطقة الإستراتيجية و الغنية بالنفط و باقي المعادن من ذهب وغير ذلك،ومن ضمن تلك الدول نجد فرنسا لكن مؤخرا التحقت بها ايطاليا بإرسال قوات إلى شمال النيجر.