دوليّا مستمرّ ، بل قد يدفعه إلى تكتيك جديد لبناء «دولة الظلّ» في ذات المناطق الّتي خسرها وربما في مناطق اخرى يسعى للوصول اليها.
وجاء في التقرير الذي صدر أمس أن خسارة التنظيم لدير الزير في سوريا والموصل وراوة في العراق وغيرها من المدن التي كان يبسط نفوذه عليها ، كل هذا يعني ان التنظيم سينتهي ككيان جغرافي في البلدين بحلول نهاية نوفمبر الحالي.
الا انّ التقرير أبرز مخاوف جديّة مفادها أن خسارة التنظيم للأراضي الّتي كانت تحت سيطرته هي خسارة لداعش ككيان جغرافي في حين يبقى خطره كجماعة مسلحة غير مركزية قائما ، كما ان هزائمه الاخيرة رغم انها كبيرة ومؤثرة لم تمنعه من القيام بهجمات متفرقة في عدة دول .
ولفت التقرير إلى أنه من الفترة ما بين أكتوبر 2016 وسبتمبر 2017، شن التنظيم 5495 هجوما في جميع أنحاء العالم، مما أسفر عن مقتل ما يزيد عن 8 آلاف مدني.وبحسب التقرير، فإن ذلك يمثل تغييرا مثيرا للاهتمام عن الأشهر الـ 12 السابقة، بما في ذلك زيادة الهجمات بنسبة 38.3 في المائة مع انخفاض نسبته 21.8 في المائة في عدد القتلى من غير المسلحين.ورغم انّ التقرير الاخير المتعلق بمؤشر الارهاب في العالم الذي صدر امس الاول اكد تراجع عدد ضحايا الارهاب إلاّ انه حذر من تزايد عدد الدول التي شهدت اعمالا ارهابية وهو ماحذر منه ايضا التقرير الصادر امس عن مركز ‘’جين’’ الالماني ، اذ يرى التقرير أن زيادة هجمات ‘’داعش’’ مع قلة عدد الوفيات تشير إلى تكتيك جديد ينتقل به التنظيم إلى أسلوب العصابات والهجمات المتفرقة في المناطق التي فقدها بالعراق وسوريا. واثار التقرير الجديد حزمة من المخاوف حول توجه التنظيم الى تبني استراتيجية جديدة للتغطية على نشاطه الارهابي فيما يشبه ‘’دولة الظل’’، عبر تغيير تكتيكات الهجمات التي يشنها من خلال عمليات الاختطاف والإعدام والطعن والدهس وغيرها من الاساليب الاخرى.
منهج «داعش» الارهابي
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي جاسم البديوي لـ«المغرب» أنّ «الحديث عن منهجين يتخذهما داعش في تنفيذ انتشاره وسيطرته فسوف تمثل أمامنا مجموعة ممارسات ووسائل يتبعها التنظيم الإرهابي في مناطق الحواضن ان جاز لنا التعبير وهي ما أعني به المناطق الاسلامية التي تقسم الى مناطق ثلاث».
وأشار البديوي الى ان «المنطقة الاولى هي المناطق التي تقع تحت سيطرته بالفعل كما كان عليه في الموصل بعد 2014 والرقة وبعض مناطق ليبيا وافريقيا. وهذه المناطق تعامل بطريقة الادارة المعروفة (لما يسمى الدولة) لدى «داعش» . ثانيا مناطق قد يتعاطف سكانها (بنِسَب متفاوتة) مع التنظيم الإرهابي ويتمكن التنظيم في مثل هذه المناطق من تنفيذ عملياته النوعية ويتمتع بنفوذ معين يُؤْمِن له حتى بعض الموارد الاقتصادية كما كان الحال عليه في مناطق الموصل قبل 2014 وبعض مناطق سوريا ، اما ثالث فهي المناطق التي تقع تحت سيطرة الدول والحكومات وتتركز عمليات ‹››داعش›› على التصعيد الأمني والاعتماد على الهجمات المباشرة بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والأسلحة الخفيفة وهذا ما تشهده بعض الدول العربية والإسلامية كالعراق وسوريا ومصر والصومال ومناطق أفريقية اخرى ‹› وفق تعبيره.
واكد الكاتب العراقي ان المؤشرات تدل ان تنظيم «داعش» خسر ثقله في مناطق العراق وسوريا ووجهته القادمة تشير الى افريقيا لفرض سيطرته على الشكل الذي ذكرناه بحسب توفر عوامل الظروف والحواضن .
وتابع محدّثنا «اما في الغرب فمن الملاحظ ان اُسلوب «داعش» في إدارة عملياته تختلف عما نشهده في مناطق ما ذكرناه فهو يعتمد على منهجية اخرى تتخذ مجموعة ممارسات هناك تتضمن العمل على تجنيد مقاتليه عبر وسائل الإنترنت ويبدو ان التنظيم الإرهابي وظف خبراءه في هذا المجال للوصول الى اكبر عدد ممكن من أبناء الجاليات المسلمة في بلاد الغرب لتنفيذ عملياته سواء بطريقة الذئاب المنفردة أو عن طريق إعداد المجموعات المهاجمة وهنا يبرز القلق من موضوع الخلافة الافتراضية التي ارى انها ليست جديدة كونها كانت تجند آلاف المقاتلين لإرسالهم آلى (ارض التمكين) في العراق والشام ويبدو لي الخشية من أعادة التوجيه ضد أهداف غربية محتملة».
بين «الخلافة» الافتراضية والإرهاب التقليدي
وتابع محدّثنا ان قيام مايسمى الخلافة من خلال (خلافة افتراضية) على ما كان عليه الامر في العراق وسوريا هو مستحيل وسيقتصر الموضوع في أسوأ حالاته، على شن هجمات في مناطق متعددة في توقيت محدد أيضا . مضيفا ان التصدي لداعش الكترونيا وافتراضيا جاء بنتائج جيدة في مواجهته الاخيرة في مناطقه التي شهدت خواءه مؤخرا . لذا ان موضوع الخلافة الافتراضية اقرب ان تكون مبالغة إعلامية تم التحدث عنها كثيرا على حد قوله.
واكد محدّثنا ان «داعش يستخدم نطاقات إنترنت وتطبيقات مشفرة يصعب اختراقها لكننا نتحدث عن الجدوى والوصول الى عدد المستخدمين والمتابعين والمواقع والصفحات والحسابات التي كانت متاحة امام التداول العام ثم تم التعامل معها ، والسؤال هو مدى فاعلية تلك الحسابات المشفرة والسرية في تنفيذ عمليات (مؤثرة) اذا لاحظنا هبوطا في مستوى الهجمات باستخدام السكاكين والدهس بالحافلات وربما هجمات متفرقة ويبدو لي هذه عودة الى أساليب القاعدة والارهاب التقليدي باستخدام الانترنت».